هل سمعت عن حكاية التخدير بواسطة شكة دبوس وخطفك ثم بيعك قطعة قطعة لتجار التجزئة أو مافيا تجارة الأعضاء البشرية وإلقاء مابقي على قارعة الطريق؟!
اذا لم تكن قد سمعت بالحكاية فأنت بالتأكيد لاتتابع وسائل التواصل الإجتماعي وربما تكون الوحيد في بر مصر الذي لم تصله تلك الأنباء المتداولة على السوشيال ميديا بصورة كبيرة وعلى نطاق واسع للغاية وبصورة تدعوك الى أن تؤثر السلامة وتلتزم بيتك خوفاً من “العصابة اللي بتخطف النساوين” على طريقة مسرحية “ريا وسكينة” للفنانين الراحلين عبد المنعم مدبولي وشادية وسهير البابلي والنجم احمد بدير.
الموضوع يتلخص في رسالة بصيغة واحدة يتم نقلها وتداولها بين الأصدقاء دون أن يلتقط أحد طرف الخيط أو يحدد من أين بدأت الحكاية.. هذه الرسالة تحذر من انتشار عصابة تقوم بخطف الشباب والفتيات عن طريقة شكة بسيطة تحمل مخدراً قوياً بحيث تغيب عن الوعي خلال ثوان معدودة ليتم بعدها تسليمك لسرقة أعضائك والقاء باقي الجسد في مقالب القمامة.
وبدأت الحكايات تتداول بصورة مثيرة للدهشة لدعم تلك القصة الغريبة بادعاء أن سيدة منتقبة قامت بالفعل باستخدام هذا المخدر مع احدى الفتيات خلال استقلال سيارة ميكروباص ثم ادعت أنها ابنة شقيقتها وتعرضت للإغماء لتبرر حملها واصطحابها بعيداً الى مكان مجهول لكن الله سلم حيث كانت الفتاة معروفة لعدد من الركاب ليتم انقاذها في اللحظة الأخيرة.
المثير للدهشة أنك ستجد من يحاولون اقناع غيرهم بصحة هذه الوقائع والروايات رغم عدم وجود بلاغ واحد لأقسام الشرطة يشير الى هذا الموضوع من قريب أو بعيد والأهم عدم وصول بلاغات عن العثور على بقايا أجساد آدمية مثلما يزعم مروجو تلك الشائعات.
خلال أيام قليلة كانت القضية تشغل الناس على السوشيال ميديا وتطوع البعض بنسج حكايات مخيفة من الخيال لتأكيد أن هناك خطراً ما ينتظرك، على طريقة حكايات “أمنا الغولة” التي كانت ترويها لنا جداتنا ونحن صغار ولم نكن نعلم وقتها ونحن نستمع إليهن ونذوب من الرعب أنه لايوجد شيء اسمه “غولة” من الأساس.
ورغم أن كل الشواهد تؤكد أنها مجرد شائعة مثل غيرها من الشائعات التي تملأ الفيس وأخواته من وسائل التواصل ليل نهار، ومن ثم فإنها ليست بحاجة للرد أو التعليق، إلا أن بعض أطباء التخدير تطوعوا بكتابة بوستات “منشورات” على صفحاتهم لطمأنة الناس بعد أن لاحظوا وجود حالة من الذعر بين المواطنين.
وأهم ما جاء في “بوستات الطمأنة” أنه من المستحيل من الناحية العملية أن يتم التخدير بهذه الطريقة وتلك السرعة التي يتحدثون عنها، مؤكدين أنها عملية معقدة للغاية وتحتاج الى ترتيبات خاصة، فمسألة تخدير أحد الأشخاص تحتاج الى حقن في الوريد وبصورة ليست سهلة ثم يغيب الوعي تدريجياً وليس خلال ثوان كما يروجون، ومن ثم فهناك استحالة لحدوث ما يتم ترويجه ونشره حول هذا الموضوع.
الطريف أن هناك قطاعاً لابأس به من الناس مقتنعون تماماً أن مايجري ليس أكثر من شائعات هدفها التخويف ومع ذلك يبغالون في الإجراءات لحماية أبنائهم وهو أمر محمود فحماية ومراقبة الأبناء أمر جيد حتى مع عدم وجود مخاطر بشرط ألا يتحول الأمر الى “فوبيا” والتعامل مع تلك الشائعات على أنها حقائق ليتم استنساخ واعادة حكايات الغولة ولكن بلغة عصرية.
أيمن عبد الجواد
[email protected]