هناك أماكن تظل قطعة منك مهما بعدت عنها و مهما رحلت بعيدا،تشعر أنك دائما قريبا منها و لو بعدت المسافات؛من تلك الأماكن الأحب إلى قلبي مبنى دار التحرير للطبع و النشر،سواء فى ش زكريا أحمد أو فى ش رمسيس.
سبعة عشر سنة من الكتابة الأسبوعية فى جريدة البروجريه بالدور العاشر فى المبنى الجديد بشارع رمسيس؛كمسئول عن الصفحة الثقافية أو ككاتب مقال أسبوعى عن الثقافة بصفة عامة و عشرات من القصص و المقالات المتفرقة فى المساء و الجمهورية، صرت واحدا من أسرة البروجريه المبدعة،الجريدة اليومية الناطقة بالفرنسية و الأقدم فى تاريخ مصرمنذ القرن 19، سعدت بإنضمامى لتلك الأسرة المسئولة عن نقل نبضنا المصرى إلى الناطقين بالفرنسية داخل مصر بعد أن عرضت على ذلك صديقتى الكاتبة سهير الإمام بعد أن شاهدت مسرحيتى “طلوع النهار أول الليل” بالهناجر كى أكتب عن المسرح ، سعدت بالعمل محررا مع الصديق و الأخ الكبير المثقف أحمد البرديسي،و تعلمت كثيرا عن رؤية الكتابة لأجانب من الصديقة المبدعة و صاحبة الرؤية المخلصة لهذا الوطن سهير الإمام ، و كانت صاحبة الفضل فى دعوتى للعمل معهم فى البروجرية بصفة مستمرة كواحد من تلك الأسرة ، و استمر التعاون بعد رحيلهما من الجورنال-البرديسى و اإمام- مع الكاتب محمد العزاوى و الكاتبة الصديقة شيماء عبد الإله التى زادت من تقوية علاقتى بالجورنال و اعتبرتنى أخا و صديقا و مستشارا لها فى بعض الأمور التى تخص الثقافة.
و أعتز أن عملى بالصفحة الثقافية و مقالاتى قد شهدت النور على يد عدد من المترجمين الأفذاذ فى الفرنسية ؛فقد كانت المترجمة نادية عبدالله صديقة عزيزة و أختا كبيرة و مثقفة واعية أشاد بها أمامى الكاتب الكبير محمد سلماوى رئيس تحرير إبيدو كثيرا ، كما كانت لترجمة الأستاذ إدوارد المحبة دور مهم بعد ذلك فى تلك المسيرة ، وشعرت بالسعادة لتولى الدكتورة الصديقة نسرين شكرى الترجمة لمقالاتى بفهم ووعى كبيرين ، فقد كانت تعرف ما يدور فى رأسى و ما وراء السطور فتأتى ترجمتها كأنها هى التى تكتب و لست أنا ، و أرى أننى كنت محظوظا بمراجعات الأستاذ عبد الله – الإفريقى النبيل- الشاطر جدا و الذى لا تهرب منه شاردة أو واردة إلا عرفها فى الثقافة المصرية حتى صار عمود خيمة المراجعة فى جريدة البروجريه.
لاشك أن علاقتى بالدار كانت عام 89 فى القرن الفائت مع نشر أول قصة فى صفحة شباب الأدب التى كان الكاتب محمد جبريل يشرف عليها و ظلت المتنفس الكبير و الأهم لكل كتاب مصر الشباب وقتها ، كما كانت حلقة الوصل بينهم ، من تلك اللحظة و علاقتى بدار التحرير لم تنقطع أبدا رغم توقفى منذ عدة أشهر عن الكتابة للبروجرية لأسباب خاصة بى ، و يبدو أن نداهة المحبة لهذا الصرح العظيم قد ندهتنى مرة أخرى للكتابة و لكن فى المساء تلك المرة، و ذلك بعد أن تحولت من جريدة ورقية لموقع الكترونى مهم فى طريقه لكى يضع بصمته الأهم بين الجرائد الالكترونية فى مصر و العالم العربى فى الفترة القادمة .
يبدو أن للدور العاشر بمبنى دارالتحرير علاقة خاصة،فقد كان الدور المخصص للبروجريه و المساء ؛حيث أصدقائى المقربين فى البروجريه أ .شيماء وأ.عزاوى و د.نسرين و جوهرى و عثمان و عبد الله و عم أحمد و عم محمد و سيد،وحين تدلف يسارا حيث المساء حيث أستاذى الروائى محمد جبريل و مكتب صديقى الحبيب يسرى حسان و صديقى الجميل مصطفى القاضى و أختى العزيزة الكاتبة هالة فهمى و الشاعر حزين عمر و الكاتب اللغوى الفذ عثمان الدلنجاوى و المسرحى الطيب محمد صفاء و ابن القليوبية المخلص الكاتب محسن عبد العاطى و الكاتب المحترم مؤمن الهباء .
و ختاما كان و سيظل الدور العاشر بالبروجريه الملاذ الدائم و المحبب لى حين أغادر موقعا بوزارة الثقافة حين تتغيير و تتبدل النفوس و لا تستطيع الروح التواصل مع البعض،ويسألوننى حين أغادر الوظيفة..أين موقعك الجديد؟فأقول لهم فى البروجريه بالدور العاشر بدار التحرير، و المدهش أننى كنت أجد دائما مكانى كما هو يحافظ عليه كل رؤساء التحرير فى البروجريه منذ أستاذ أحمد البرديسى، أعود و أجده كما هو لم يتغير و ملآنا بالكتب و الرسائل التى كانت تأتى إلى من بعض المؤسسات الثقافية و دور النشر و غيرها.
تحية لكل الزملاء فى البروجريه الذين أشعر أنهم دائما فى انتظارى بوجوه باسمة و روح طيبة تدفعك للأمام ،كل التحية لموقع المساء على دعوته لى للكتابة فى المساء بشكل دورى و منتظم،فقد كانت الكتابة فى المساء رغبة داخلية،ويبدو أن الإنسان لا يموت ناقص أمنيات و ختاما كل الشكر للصديق الكاتب الصحفى عبد النبي الشحات رئيس تحرير المساء و الدعاء بالنجاح و التوفيق فى المهمة الجديدة التى ستضع المساء فى مكانة إلكترونية متميزة كما كانت متميزة ورقيا بين الصحف المسائية على مستوى مصر و العالم العربى.