تقرير يكتبه- د. خالد محسن
يحظي القضاء العرفي في البوادي المصرية بمكانة خاصة لدي مختلف القبائل العربية التي تنتشر في المحافظات الحدودية كشمال وجنوب سيناء ومرسي مطروح والإسماعيلية والشرقية ومختلف أرجاء المحروسة ودول الوطن العربي ، حيث يمثل قانون البادية وأحكامه بمثابة العدالة الناجزة التي تفصل بين المتخاصمين وترد الحق لأصحابه، ويحتوي على مجموعة هائلة من المصطلحات التي يستخدمها القاضي العرفي في حل مشاكل الناس ،تم التعارف عليها بين القبائل العربية عبرسنوات طويلة ، حتي اصبحت جزء لا يتجزأ من الموروث اللغوي والتراثي للبوادي العربية العريقة.
وقد أعد د.سليمان عباس مسلم البياضي عضو إتحاد المؤرخين العرب والجمعية المصرية التاريخية بحثا جديدا عن أهم مفردات ومصطلحات القضاء العرفي وذلك لإزالة الغموض الذي يكتنفها لدي العامة ولدي كثير من شباب الباديةمن الأجيال الجديدة ستصدر قريبا بإذن الله في كتاب عن دار آمنة بالمملكة الأردنية الهاشمية.
يري د. عباس أن العدالة الناجزة تبدأ بالجلسات العائلية بين كبار العائلات والقبائل وتنتهي بالصلح بين المتخاصمين ،وإقرار الحقوق والواجبات ، وفي بعض الأحيان يحضرها مسئولون من الجهات الأمنية المختلفة بهدف إحتواء النزاعات القبلية وإنهاء الخصومة والتشاحن والتنازل عن المحاضر، وترسيخ روح الوفاق بين أفراد المجتمع البدوي.
ويضيف أن معظم الإصطلاحات والمفاهيم والمفردات التي يستخدمها القضاه العرفييين لا تزال غير مفهومه وتتطلب تعريفا مسبطا حتى يعلمها القاصي والداني ومن أهم تلك المصطلحات العرفية:
المخاطيط : هم القضاة الذين يرجع إليهم البدو في حل خلافاتهم ، وفق الأعراف القبلية السائدة بينهم والمتوارثة جيلاً بعد جيل وهم القضاة العرفيون المعتمدون من البدو وهم موضوع ثقة ولكل قاض من هؤلاء القضاة المخاطيط له تخصص يختلف عن الآخر.
المعيار: تقال من باب الذم المعنوى والتقليل والتحفيز.
العلم : هو كبير القبيلة .
العوايد : هي نفسها السوابق والسوادي في العرف. .
المبرءة : هم الشهود الذين يصاحبون الخاطف بغرض شريف في قضايا العرض وتأتي الكلمة من البراءة .
مُقطع الحق : وهو القاضي الذي يبت في القضايا مفصلاً إياها ومحيلاً البعض منها للقاضي المختص .
المقاصرة : وهي التقاضي في شركة الخيول وبيعها وشراءها .
مسوق الحلال: هو المختص بتقدير قيمة المواشي والإبل لوفاء الدين ويسمى مسوق الإبل .
المقصورات : وهي القضايا التي تتطلب إجراءات مستعجلة وعدم تفاقم النزاع .
المرتع : وهي مناطق الرعي في المواشي والأغنام والإبل .
القضية : هي خلاف قائم في موضوع ما ما بين طرفي النزاع ولا تستقيم القضية دون طرف عن الطرف الآخر.
القضاء : هو التقاضي فيما بين الطرفين المختلفين ويقوم كل طرف بعرض حجته على القاضي مستنداً بالأدلة والوثائق والبراهين التي تمكنه من قوة حجته وإثبات حقه سواء كان التقاضي عرفاً أو شرعاً أو قانوناً .
العرف : ماتم التعارف عليه منذ القدم من عادات وتقاليد عرفية تنظم حياة الناس وتحافظ على العلاقات الإجتماعية والقيم والمبادئ الإنسانية وينقسم القضاء العرفي إلى أجزاء متعددة كل حسب تسميته وكل تسمية لها مختصين من ذوي الإختصاص يتم تسميتهم بواقع ثلاثة لكل مجال يقوموا بالبت في القضايا ذات الإختصاص .
التقاليد : هي تقليد عرفي حميد تم تكراره وتقليده وتوارثه عبر الأجيال بالممارسة في العلاقات القضائية والمجاملات الإنسانية على الأرض.
العادة : كل ما إعتاد عليه الناس وارتضوه من عادات عرفية وأصول متعارف عليها ترسخت بالقبول والطمأنينة للعادات الحميدة والتعود عليها .
الصفوف : الصف يعني مجموعة عشائر أو عائلات من منبع واحد وهم متجانسين في لهجتهم وفي عاداتهم وتقاليدهم ويوجد في مجتمعنا عدة صفوف مثل صف القلاعية وصف الترابين وصف السواركة وصف الرميلات و صف الحناجرة و صف البياضية وصف التياها وصف الملالحة .
البدوة : هي بداية تجهيز الطرفين للقضاء العرفي حيث أنها تقوم بجمع الطرفين عند بيت الملم كأول بيت معتمد في القضاء وتتكون البدوة من ثلاثة أشخاص مشكلين من كل عائلة واحد يجيدون لغة العرف الأول سواق هرج والثاني كفيل والثالث سامعة ويكونوا أمناء عند نقلهم العلم .
راعي البيت : هو القاضي العرفي المخطوط الذي يقوم بإستقبال القضايا والمواعيد في ديوانه ويقوم بسماع أقوال الطرفين وإصدار الحكم في نهاية الجلسة بعد تشريع حجج الطرفين.
الملم : هو البيت الأول الذي تؤول إليه كافة القضايا بكل أنواعها وبدوره يقوم بحفل وكفل الفرقاء من خلال الوسى ودفن الحصى وعليه أن يخط إخوانه معه وإذا أراد الطرفان التقاضي عنده يقضي لهم وغير ذلك يقوم بتحويلهم لذوي الإختصاص حسب طبيعة وحيثيات المشكلة ومن خلال سند تحكيم موقع عليه الطرفين والكفلاء والشهود .
الرزقة : رسوم الدعوى هي مبلغ من المال يقدمه الطرفان عند القاضي العرفي وبعد صدور الحكم تبقى رزقة المفلوج وتعود رزقة الفالج ويوجد بعض من القضاه يقوموا برد الرزقتين للطرفين بعد الحكم وإنتهاء القضية .
الطرف الأول : هو الطرف ( الطالب) الذي يدعي بأنه صاحب حق ويقوم بإدلاء أقواله أو حجته أولاً.
الطرف الثاني : هو الطرف ( المطلوب ) الذي يطلب منه الحق ويقوم بإدلاء أقواله أو حجته ثانياً.
الحق : هو الحكم الذي يصدر عن القاضي الفرعي أو الشرعي بعد سماع حجج الطرفين ويكون نافذاً في عروض الكفلاء لا كبير يفول ولا صغير يعول .
الصلح : يقوم مجموعة من رجال الإصلاح بتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل مرضي يقبله الطرفين ويقبله الجميع قبل طلوع الحق سواء كان قبل الجلوس أو أثناء الجلوس عند راعي البيت وهو سيد الأحكام لأن الحق دائماً لا يرضي إثنين .
تسعة المنشد : هي القاعدة العرفية الرئيسية ( كرسي المنشد ) لكافة القضايا وتتكون من ثلاث هيئات وهي ثلاثة ملم وثلاثة كبار وثلاثة مناشد .
الكبار : يقومون بطلوع الحق والبت في كل القضايا مادون العصب القطيع والدم النقيع .
المناشد : وينقسم إلى نوعين الأول ( منشد راس ) وإختصاصه البت في الكرامة والعرض وإنتهاك حرمات البيوت مثل ( صايحة الضحي ) إلي بتولع نارها وبتهب جارها والثاني ( منشد إنشادة ) وإختصاصه البت في القضايا ما دون ( صايحة الضحي ) .
مناقع الدم : يقومون بقص الجراح وتكييل دم الإنسان وهم أبو دهتوم وإبن إدلاخ وإبن قيعان وجميعهم من عربان سيناء ومثلهم غير متوفر في باقي الصفوف لأنه لم يستطيع أحد الأخذ على عاتقه تكييل دم الإنسان نظراً لقدسيته .
الطلوع عن الدم : يتم في حالات وقوع حادثة قتل أو مشاكل معقدة وخصوصاً إذا كان القتل متعمداً وأن الشخص الذي قام بالقتل له سوابق وغير ملتزم بقرارات العائلة والكبار يتم الخروج عنه بوضع قاعود النوم في بيت مشرع وهرج مقرع .
نقل الجيرة : تتم بعد حادثة القتل وبعد مرور فترة من الزمن يقوم الوسطاء بإقناع أهل المغدور بقبول الجيرة ويدفع مبلغ من المال لا يتجاوز السبعة آلاف دينار تمهيداً لقبول الدية المحمدية حسب ما يقره الشرع.
اليمين : اليمين يطلب من الطرف الذي ينكر رغم أنه غير محبب حلف اليمين في عاداتنا ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
* وفي حلقة جديدة نتعرف علي مجموعة أخري من المصطلحات وحكايات عن القضاء العرفي مع الباحث التاريخي د. سليمان عباس البياضي .