تسارع البنوك المركزية حول العالم إلى اتخاذ قرارات اقتصادية جريئة حتى تتمكن من السيطرة على كابوس التضخم المتبق على صدر الاقتصاد العالمي لا سيما الاقتصادات المتقدمة في أوروبا وأمريكا التي سارعت إلى رفع سعر الفائدة مرات متتالية واعدة بمواصلة سياسة حصار التضخم بأي ثمن.
اكدت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي على أهمية مكافحة التضخم لتعزيز بوادر نمو اقتصادي في المستقبل رغم بعض الألم الذي سيصيب المستهلكين والدول على المدى القصير
تسببت الصعوبات في سلاسل الإمداد العالمية بارتفاع الأسعار في كل أنحاء العالم غير أن هذه الأزمة ازدادت حدة في الولايات المتحدة إذ اقترنت بنقص في اليد العاملة .. ويتوقع أن تزيد الأرقام الجديدة الضغط على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي .
عاود التضخم التسارع في الولايات المتحدة بعدما تباطأ في الشهر السابق مسجلاً رقماً قياسياً منذ أربعين عاماً في حين دعا الرئيس جو بايدن بهذا الصدد إلى بذل جهد أكبر وسريع .. وبلغ التضخم نسبة 8,6% بوتيرة سنوية مقابل 8,3% بحسب مؤشر أسعار الاستهلاك الذي أصدرته وزارة العمل.
اعتبرت رونا مكدانيال رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أن السلع الأساسية باتت أسعارها أشبه بالسلع الفاخرة .. وشملت زيادة الأسعار الشهر الماضي كل القطاعات بما فيها السكن والبنزين وتذاكر السفر والمواد الغذائية والسيارات الجديدة والمستعملة وصولاً إلى الخدمات الصحية والملابس.
فالبنك المركزي الامريكى يملك ورقة رئيسية تمكّنه من كبح طلب المستهلكين والشركات على السواء من خلال زيادة معدلات فائدته الرئيسية.. وسبق أن رفع هذه المعدلات بربع نقطة مئوية ثم بنصف نقطة مئوية لتتراوح بين 0,75 و1,00%.. ويمكن لتدابير مكافحة التضخم أن تؤثر سلباً في الاقتصاد الأمريكي وان تزيد مخاطر الانكماش التضخمي.
فيما قال البنك المركزي الأوروبي إن معدل التضخم ربما يكون أعلى هذا العام مقارنة بتوقعاته الاقتصادية الحديثة إذا أُخذت الزيادات الأخيرة في أسعار المستهلكين في الاعتبار.
أشار البنك إلى أن التضخم قد يبلغ 7.1% في المتوسط خلال عام 2022 و تعد هذه النسبة أعلى بمقدار 0.3% من الأرقام التي قدمتها رئيسة البنك كريستين لاجارد .
واكد المسؤولون في البنك بقيادة كريستين لاجارد إنهم مستعدون لوقف شراء السندات ووضع خطط لزيادة أسعار الفائدة لمنع الزيادات القياسية في أسعار المستهلك من الخروج عن السيطرة.
ويتطلع البنك المركزي الأوروبي إلى زيادة أسعار الفائدة في منطقة اليورو وهي خطوة لم تحدث منذ أحد عشر عاماً .. كما يخطط لإنهاء سعر الفائدة السلبي على الودائع حالياً (سالب 0,5%) مع زيادتين لأسعار الفائدة في يوليو وسبتمبر المقبلين. ويمكن مكافحة ارتفاع التضخم بزيادة أسعار الفائدة.
ذكر مارتينز كازاك عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أن التضخم مرتفع للغاية واتخاذ إجراء يتعلق بالسياسة النقدية لمواجهته له ما يبررها.
قال كازاك رئيس البنك المركزي في لاتفيا إن التضخم مرتفع للغاية وغير مقبول حسب وكالة بلومبيرج للأنباء.. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من التزام البنك بأول زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقد من الزمن بدء بتحرك من ربع نقطة في يوليو متبوعاً بنصف نقطة محتملة في سبتمبر العام الجاري.
اضاف كازاك أن الاقتصاد سيظل بحاجة إلى مساعدة لكن يجب أن يأتي ذلك على نحو متزايد في شكل إنفاق حكومي بدلا من تحفيز للبنك المركزي .. وقفزت الأسعار بأكثر من أربعة أضعاف الهدف الذي حدده البنك وهو 2% في مايو الماضي مسجلة رقماً قياسيا خر.
أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني استناداً إلى بيانات أولية أن معدل التضخم في ألمانيا ارتفع بنسبة 7.9% وهذا يعني أن معدل التضخم في ألمانيا واصل ارتفاعه لأكثر من 7% للشهر الثالث على التوالي.
تجدر الإشارة إلى أن هذه أعلى معدلات تضخم يتم تسجيلها منذ توحيد ألمانيا. وفي جمهورية ألمانيا الاتحادية القديمة (ألمانيا الغربية) تم تسجيل قيم مماثلة في شتاء 1973 / 1974 عندما ارتفعت أسعار الوقود بشكل حاد نتيجة لأزمة النفط الأُولى. ويعاني القطاع الصناعي من مشكلات في سلاسل التوريد منذ أزمة جائحة كورونا وتقلل معدلات التضخم المرتفعة من القوة الشرائية لليورو لدى للمستهلكين.
سجل التضخم ارتفاعاً غير متوقع في مايو ما قلص الآمال بأن تكون المستويات القياسية للتضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة قد أصبحت من الماضي الأمر الذي يضع المزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي للتحرك لاحتواء التضخم.
وتسارع التضخم إلى 8,5% في مايو مقابل 8,3% في الشهر السابق بعدما محا الارتفاع في تكاليف الوقود أثرالانخفاض في أسعار الكهرباء وكانت ارتفاعات أسعار الكهرباء هي التي قادت التضخم إلى مستويات قياسية في جميع أنحاء القارة لعدة أشهر.
أما التضخم الأساسي الذي يستبعد العناصر شديدة التقلب مثل الأغذية والطاقة فتسارع إلى 4,9%، وفقاً لما نقلته وكالة بلومبيرج للأنباء.
التضخم هو مفهوم يستخدم للإشارة إلى الحالة الاقتصادية والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائية المرتبطة بسعر صرف العملة والتي تؤثر في قطاع الأعمال وتحديداً في الشركات الصناعيّة والخدميّة