الشهم، الجدع، المجامل، الكريم، الخير، صاحب الأيادي البيضاء على جميع المحيطين به ، لانصدق أنك رحلت وغبت عنا الى الأبد وقد اعتدنا وجودك ومساندتك في الأحزان والمسرات وأنك دائماً الظهر والسند والعزوة ولانزكيك على خالقك سبحانه وتعالى.
أحياناً وبالتحديد في مثل هذه المواقف تتلعثم الكلمات وتتوه المعاني وتخذلك مفردات اللغة عندما تريد أن تعبر عن كل شيء فلا تسعفك الفصاحة والبلاغة مهما كنت مفوهاً، فالراحل أخي الكبير “أشرف” وقد كان كبيراً بمعنى الكلمة في جميع تصرفاته.. في علاقته بالأسرة وأعني بها العائلة الكبيرة والأقارب من جميع الدرجات مهما بعدت أو الجيران والمعارف والأصدقاء.
كان كريماً وخيراً مع الجميع وظهراً وسنداً لمن يعرفهم ويرتبط معهم بصلة دم ومن لايعرفهم إلا من خلال تقديم المساعدات وبعضهم سكبوا ــ وسكبن ــ العبرات أمام سرادق العزاء عندما علموا ــ وعلمن ــ برحيله المفاجي بلا أي مقدمات، فقد نام ولم يستيقظ هكذا بكل بساطة مجسداً رحلة الحياة التي تنتهي سريعاً مهما طال العمر أو مقدار الزخم الذي أحاط به.
أخي رحل وكل الأخوة ــ وكل البشر ــ يرحلون تلك سنة الله في خلقه فقد كتب الخلود لذاته والفناء لكل المخلوقات فلا يبقى إلا وجهه الكريم.. نخرج منها فرادى بلا مال أو حسب أو نسب أو ألقاب.. نترك كل شيء ونذهب فقط بما قدمته أيدينا في الحياة الدنيا من زاد حقيقي “وخير الزادالتقوى” ينير لنا دروب الآخرة ويأخذ بأيدينا الى جنان الرحمن.
لقد جربت لوعة الفراق على أخي الأصغر “أسامة” منذ عام تقريباً واليوم أودع أخي الأكبر “أشرف” وقد عهدته محباً خيراً، وقد جرى حوار بينه وبين ابنه الأصغر “أحمد” قبل الوفاة بأيام وكأنه بمثابة وصية عندما أشار الى كشوف مساعدات يقدمها كإعانات شهرية للفقراء قائلاً “نريد لهذا الكشوف أن تزيد دائماً ولاتنقص أبداً”.
الكثيرون أفاضوا في الحديث عن فضل موته بهذه الطريق بلا تعب أو مرض أو آلام، مثلما أفاضوا في الحديث عن مناقبه واحسانه وبره ولانزكيه على الله، فقد ذهب الى من يجزل العطاء ويرد الحسنة بعشرة أمثالها ويضاعف لمن يشاء.. انتهى الصراع في دنيا الشقاء والألم وبقي الأجر والثواب بإذن الله.
هناك كلام كثير ومشاعر مدفونة كنت أود الإفصاح بها والتعبير عنها لأخي الراحل “أشرف” لكنني مثل غيري متأخرون دائماً ونؤجل التعبير عن مشاعرنا، افتراضاً أنها من البديهيات التي لاتتطلب الإفصاح عنها، لذلك نكبت مشاعرنا ثم نكتشف بعد فوات الأوان أننا مقصرون في حق من نحب وأن من حقهم علينا أن نعبر لهم عما تكنه صدورنا، وليته يسمعني الآن.
أطلقوا لمشاعركم العنان ولا تبخلوا على أحبائكم بالكلمة الطيبة .. ينطبق هذا على الأبناء والأشقاء وكل من نحمل لهم في قلوبنا محبة.. عبروا لهم عما بداخلكم وأسعدوهم فالحياة قصيرة جداً والموت أقرب الينا من حبل الوريد والفراق آت لامحالة بلا توقيت محدد أو موعد مسبق “فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون” وسبحان الحي الذي لايموت.
اللهم اغفر لأخي وارحمه ووسع مدخله وأكرم نزله واغسله من الذنوب والخطايا بالماء والثلج والبرد واجعل ماقدمه من خير في ميزان حسناته.. اللهم افسح في قبره مد بصره وافرش قبره من فراش الجنة واحشره مع المتقين وفداً.
انا لله وانا اليه راجعون.
أيمن عبد الجواد
[email protected]