عندما ذهبت إلى مسرح جراند طيبة لمشاهدة العرض المسرحي ” في حتة تانية” تأليف سامح عثمان وإخراج سامح بسيوني،إنتاج أحمد تمام وعبدالرحمن تمام، كنت واثقا أنني سأشاهد عملا مسرحيا جيدا ومتقنا، خاصة أن المؤلف والمخرج لهما سابقة أعمال جيدة ومحترمة،فضلا عن أن طبيعة عمل أحمد تمام كمخرج وكاستنج دايركتور، تتيح له انتقاء عناصر المسرحية بشكل جيد، وهو ماحدث بالفعل.
المسرحية تقدم حوالي خمسة وخمسين ممثلا وممثلة متفاوتي الأعمار،يقفون على خشبة المسرح ، ربما،لأول مرة، ما يجعل التجربة محفوفة بالمخاطر، ويبدو أن المخرج سامح بسيوني بذل جهدا كبيرا في تدريب هذه المجموعة الواعدة كممثلين شاملين يقدمون التمثيل والغناء والاستعراض،وقد كللت جهوده بالنجاح، حيث شاهدت عملا مسرحيا مكتمل العناصر، ويبشر بظهورالعديد من المواهب ، بحيث يمكن اعتبار هذا العمل بمثابة مصنع للمواهب يقدم خمسة وخمسين وجها جديدا، ربما ينتظرهم مستقبل واعد إذا واصلوا العمل والتدريب والتثقيف.
تعامل سامح بسيوني بذكاء مع هذه المجموعة،واختار نصا بسيطا يدور في عدة لوحات،مايسمح باستعراض مواهب الممثلين وماتلقوه من تدريبات، ليس هذا فحسب، بل إن الموضوعات التي ناقشتها اللوحات تتعرض لبعض المظاهر المجتمعية السلبية التي نعيشها،أي أنه ضرب عصفورين بحجر، يقدم مواهب جديدة، وفي الوقت نفسه يناقش قضايا مجتمعية تخصنا جميعا،لم يكن بصدد تقديم حفل تخرج لعدد من الممثلين خضعوا عدة شهور للتدريب،وجاءوا لاستعراض مواهبهم، لكنه أراد تقديم هذه المواهب من خلال عمل مسرحي كوميدي غنائي استعراضي على درجة عالية من الامتاع.
المسرحية جاءت في أربع لوحات،ناقشت عدة موضوعات، منها المغالاة من قبل الكثير من الأسر في موضوع الزواج والمطالب التعجيزية التي تجعل الشباب يعزفون عن الزواج، وهي قضية نلمسها ونعيشها جميعا،وتشكل خطرا على المجتمع، وناقشت كذلك الصراع بين الرجل والمرأة ،سعيا إلى إيضاح أن العلاقة بينهما يجب أن تكون علاقة تكامل لا صراع، كما ناقشت قضية مهمة أيضا تتعلق بما يسمى ” هوس التريند” الذي يجعل البعض يرتكب حماقات حتى يتصدر التريند، فضلا عن مناقشة قيمة الحب بين البشر، سواء في محيط الأسرة أو العمل ، أو غيره، باعتبار أن السلام النفسي والاجتماعي ضروري لاستمرار الحياة.
القضايا التي طرحتها المسرحية ربما لاتكون جديدة، لكن المهم هنا كيفية التنفيذ،وهي مسئولية المخرج الذي يشكل ممثليه بطريقة تجعل الأداء منضبطا ولايصيب المشاهدين بالملل، وهو مانجح فيه سامح بسيوني، مستغلا خبراته في تدريب الممثل،وجاء أداء الممثلين واعيا بطبيعة القضايا التي يتعرضون لها،والشخصيات التي يقدمونها، ورغم أن العرض تغلب عليه الكوميديا فإنهم لم ينزلقوا إلى الاستظراف أو المبالغة،أو محاولة استجلاب السوكسيهات.
المسرحية صمم استعراضاتها د.سامح صابر، موسيقى وأشعار محمد مصطفى، إضاءة إبراهيم الفرن، إكسسورات و أزياء سماح نبيل،إنتاج أحمد تمام وعبدالرحمن تمام ، تأليف سامح عثمان، مصمم استعراضات دكتور سامح صابر،أغنية الفينال أشعار طارق علي، موسيقى كريم عرفة، إشراف عام أحمد مسعود، دعاية مصطفى شعراوي، إخراج سامح بسيوني.