مشروع ال300 مليار.. لرفع مساهمة القطاع الصناعى فى الإنتاج المحلى
تطوير وتدشين منتديات وفعاليات دولية.. لتطوير الصناعات المحلية
تسهيلات للمستثمرين.. وتنويع مصادر الاقتصاد
كتب – فتحى حبيب :
تشكلت مجموعة من المحفزات الدافعة لدولة الإمارات للتوسع في توطين الصناعات لاسيما بعد جائحة كوفيد–19 والأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت على سلاسل التوريد ودفعت الدول إلى تطوير سياسات الاكتفاء الذاتي من المنتجات المختلفة.
وكشف مرسوم القانون الاتحادي رقم 25 لسنة 2022 الصادر فى التاسع من نوفمبر الماضي الخاص بتنظيم وتنمية الصناعة في دولة الإمارات عن الاهتمام المتنامي لتطوير سياسات توطين الصناعات في الدولة.. حيث اعتمدت الإمارات عدداً من الإجراءات والسياسات الهادفة إلى توطين الصناعات لديها وتعزيز قدرتها على المرونة والاستجابة السريعة للأزمات الدولية الطارئة.
وأظهرت دراسة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي أن سياسات توطين الصناعات في دولة الإمارات ترتبط بعدد من الأبعاد الرئيسية المتمثلة في عدة محاور:
أولاً: طرح استراتيجيات وطنية وتشريعات للتصنيع ولعل أبرزها الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، التي تعرف بـ”مشروع 300 مليار” لتطوير وتحفيز القطاع الصناعي في الإمارات ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول 2031.
وفي سياق متصل.. جاءت أهمية مرسوم القانون الاتحادي رقم 25 لسنة 2022 الخاص بتنظيم وتنمية الصناعة في دولة الإمارات من تضمنه توفير بعض المزايا والحوافز للأنشطة الصناعية ومنها.. على سبيل المثال إنشاء سجل صناعي يتضمن قاعدة بيانات متكاملة للمشاريع الصناعية.
ثانيا: تدشين منتديات وفعاليات دولية للتصنيع: حيث عملت الدولة خلال السنوات الأخيرة على تطوير وتدشين منتديات وفعاليات دولية لتطوير الصناعات المحلية مثل منتدى “اصنع في الإمارات”.
ثالثا: تقديم تسهيلات عديدة للمستثمرين: فقد سعت الحكومة الإماراتية إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين وتيسير الإجراءات المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية في القطاعات المختلفة.. منها خدمة “باشر” التي تتيح للمستثمرين تأسيس الشركات في الإمارات إلكترونياً (عن بعد)
.. كما طرحت الدولة الرخصة الفورية في دبى التي تستهدف تسريع إجراءات تأسيس الشركات.
كما أدخلت الدولة تعديلاً على قانون الشركات يسمح للمستثمر الأجنبي بالملكية الكاملة.
رابعاً: أولت دولة الإمارات اهتماماً واضحاً بتطوير الصناعات الحيوية والمهمة بالنسبة للاقتصاد وظهر ذلك مثلاً مع إطلاق أبوظبي الاستراتيجية الصناعية الجديدة في شهر يونيو الماضي التي تستهدف استثمار نحو 10 مليارات درهم في 6 برامج تحويلية.
أضافت الدراسة أن تحركات دولة الإمارات تجاه تعزيز التصنيع الوطنى من جانب دولة الإمارات يرتبط بعدد من الأهداف الرئيسية المتمثلة في:
أولاً: تعزيز الاقتصاد الوطنى : إذ يمكن أن يؤدي التوسع في توطين الصناعات إلى تعزيز اقتصاد الدولة عن طريق زيادة الناتج المحلي الإجمالى والصادرات.. فعلى سبيل المثال تستهدف استراتيجية أبوظبي الصناعية مضاعفة حجم قطاع التصنيع في الإمارة بنحو 172 مليار درهم العام 2031.
ثانيا: دعم مكانة دولة الإمارات حيث أن التوسع في توطين الصناعات داخل الإمارات يساعد على دعم وتعزيز سمعة ومكانة الدولة على المستوى الدولي وخصوصاً أن السياسات التي تبنتها الدولة على مدار السنوات الماضية ساعدت على تعزيز مكانتها في المؤشرات الاقتصادية الدولية وعلى غرار مؤشر الأداء الصناعي الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.. حيث جاءت الإمارات في المرتبة 31 في تقرير عام 2022، واحتلت المرتبة الأولى عربياً.
أشار التقرير إلى أن الإمارات تعتبر الدولة الوحيدة في المنطقة وشمال أفريقيا التي قفز ترتيبها العالمي 20 مرتبة خلال 7 سنوات فقط.
ثالثاً: تأكيد فعالية استراتيجيات التنويع الاقتصادي: فخلال السنوات الماضية عملت دولة الإمارات على تحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز مساهمة كل القطاعات في النمو والتطور الاقتصادي. وبحسب بعض التقديرات نجح الاقتصاد الإماراتي في تنويع مصادره خلال السنوات الماضية.
رابعاً: الاستفادة من فرص التحولات الاقتصادية العالمية: إذ يأتي الاهتمام الإماراتي بتطوير الصناعات الوطنية بالتزامن مع التحولات الجارية في الاقتصاد العالمي ومساعي العديد من الدول إلى البحث عن بدائل لبعض الصناعات و قد يكون لدولة الإمارات التي عبرت عن اهتمام بهذه الصناعة دور ما في تطوير هذه الصناعة.
خامساً: تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الاستراتيجية: يرتبط اهتمام دولة الإمارات بتوطين الصناعات بمساعي تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من الصناعات الاستراتيجية للدولة، ولعل النموذج الأبرز على ذلك القطاع الدفاعي إذ يشهد قطاع الصناعة الدفاعية تطوراً كبيراً وتنمية شاملة.. فقد تمكنت الصناعات الدفاعية في دولة الإمارات من خلق فرص مهمة لتحقيق قفزة ونمو لتعزيز المستهدفات الوطنية لزيادة القيمة الوطنية المضافة للقطاع الصناعي ضمن “مشاريع الخمسين”.
خلاصة القول أن التحولات العالمية حفز دولة الإمارات على التوسع في سياسات توطين الصناعات باعتبارها آلية لتعزيز الاقتصاد الإماراتي وخلق المزيد من فرص العمل.
جدير بالذكر أن “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” شركة استشارات عامة متعددة المهام، تم تأسيسها في 20 يناير 2021 بأبو ظبي، دولة الإمارات العربية المتحدة تضم مركز دراسات، يعمل على متابعة وتحليل التطورات الجارية ذات الطابع الاستراتيجى من خلال نشاطات أكاديمية كالمراصد الإعلامية والتحليلات السياسية والدوريات المتخصصة والمواقع الإلكترونية وحلقات النقاش.
وتتفاعل المؤسسة مع أنشطة “المجال العام” في أقاليم العالم ذات التأثير على المنطقة بهدف تقديم رؤية متوازنة حول واقع الشرق الأوسط، وتوجهات الدول العربية الرئيسية، خاصة الخليجية “عبر الأقاليم”. كما تعمل على دعم عملية تشكيل السياسات وصنع القرار، في المؤسسات العامة والخاصة داخل الدولة وخارج الدولة، فى إطار القواعد الحاكمة لعمل شركات المناطق الحرة.