للخروج من حالة الكآبة والضغط النفسى بسبب جائحة كورونا وما تبعها رأيت العودة لدخول دور السينما، خاصة إذا كان المعروض فيها أحدث أفلام نجم الكوميديا المحبوب محمد هنيدى “الإنس والنمس”، وما شجعنى على العودة لدخول السينما بعد فترة انقطاع طويلة بسبب افلام الاسفاف والابتذال والخروج على الذوق العام والأداب والتقاليد المصرية هو عودة النجم محمد هنيدى بفيلم كوميدى بعد طول غياب استمر مايقرب من أربعة أعوام بعد آخر أفلامة “عنترة ابن ابن ابن شداد”، وقلت لابد أن هنيدى يعلم جيداً احتياج المصريين والعرب بصفة عامة إلى الضحك والخروج من ضغوط الحياة وتوابع أزمة كورونا التى لم تترك بيتا إلا وأصابت فيه فرداً أو أكثر فرأى أن يخرجنا من هذه الحالة بكوميديا جديدة.
شجعنى أيضاً على دخول الفيلم الدعاية التى أطلقها هنيدى بنفسه على صفحته الشخصية على الفيس بوك والتى نجح فى تشويق كل متابعيه لمشاهدة الفيلم الذى أكد أكثر من مرة أنه “فيلم لكل أفراد الاسرة” ، فرأيت أنها فرصة لكى أصطحب معى أفراد أسرتى لقضاء وقت ممتع مع كوميديا محمد هنيدى التى نعرفها جميعاً ونحبها والتى وثقت فى دعاية هنيدى شخصيا لها بأنها كوميديا لكل أفراد الأسرة ، ولكن كانت الصدمة.
فى أحد المشاهد الأولى من الفيلم الذى يأتى ضمن نوعية افلام الفانتازيا ويستخدم فيه المخرج شريف عرفة الجرافيك بشكل كبير كان هنيدى يقف يتحدث مع أحد الممثلين لا أتذكر اسمه مع الاسف، واثناء الحوار بينهما قال هنيدى كلمة “هنتفرج ” وإذا بممثل آخر “ابو شنب” يدخل عليهما مقتحما الحوار ويقول لهما : “هتتفرجوا على إيه؟ “فيلم …. ” أتفرج معاكم!!!
هذه لم تكن الصدمة الوحيدة فى الفيلم ولكنها كانت كفيلة بغليان الدم فى عروقى وأنا اجلس مع أفراد أسرتى أمام الشاشة، قلت ربما يكون مشهداً عابرا على الرغم من عدم اضافته أى شئ للفيلم ومن المؤكد ان هنيدى سيكتفى بها كمخالفة لتقاليد الأسرة المصرية التى صدعنا بأن الفيلم يراعيها ، ما علينا.
كتمت الغيظ فى نفسى وأكملت المشاهدة لعل وعسى نرى كوميديا هادفة حتى ولو كان الهدف مجرد الضحك، ولكننى وجدت الفيلم يتجه ناحية موضوع حساس وهو الزواج وليلة الدخلة و”التلقيح” بين الزوجين باعتبار أن البطل من أبناء الانس والبطلة من بنات الجن ، وإذا بمشاهد متكررة لمنة شلبى بقمصان نوم تحاول اغراء هنيدى حتى “يلقحها” كما يقول السيناريو والحوار، وزاد الطين بلة عندما اجتمع والد ووالدة وشقيق العروسة على سرير النوم منتظرين العروسين بعد الفرح لمشاهدة عملية “التلقيح”!!!!!
ماهذا يا هنيدى؟ لقد خدعتنا، فالفيلم ليس لكل أفراد الأسرة ، الفيلم للشباب المراهق ، ولا يراعى الذوق والأداب العامة حتى وإن حقق خمسين مليون جنيه ايرادات لأنها ايرادات لا تعبر عن جودة ولكن عن مخاطبة جيوب الشباب المراهق ، الفيلم من نوعية افلام الابتذال وانتزاع الضحكة من افواه المشاهدين الذين لاحظت انهم يضحكون على أى “إفيه” يصدر من أى ممثل لمجرد الضحك على الرغم من هيافة الإفيه فى بعض الأحيان وكونه ليس من الإفيهات التى كانت تجبر المشاهد على الضحك من القلب فى أفلام هنيدى السابقة.
وعندما علمت أن الفيلم قصة وسيناريو وحوار وإخراج المخرج شريف عرفة تأكدت أن سبب انخفاض مستوى الكوميديا فى فيلم يحمل اسم النجم محمد هنيدى هو أنه لم يعط العيش لخبازه ، فالمخرج شريف عرفة مخرج جيد جدا ولكنه فى كتابة القصة والسيناريو والحوار لا أنصحه بالاستمرار فى هذا الاتجاه وعليه الاكتفاء بمجاله الذى يبدع فيه وهو الاخراج، وبعد نهاية الفيلم حاولت التحدث مع افراد أسرتى عن اى موضوع آخر، وخرجت من دار العرض وأنا أردد: “الله يسامحك يا هنيدى”.
[email protected]