….. »»
✍️ أحمد رفاعي آدم (أديب وروائي)
كل الدلائل والمؤشرات والأحداث الجارية تؤكد على أننا نعيش في عالمٍ ذي وضعٍ حَرِج؛ أوبئة تصعب السيطرة عليها، نزاعات وحروب فتاكة، تغير مناخي مُربِك، جوع وفقر مُدقِع، وفساد أخلاقي وذوق عام في انحطاط مستمر، إلخ. وهذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هو استنتاج منطقي تؤكده كثير من الدراسات والأبحاث المعاصرة. ومن شاء فليطلع على كتب من أمثال (عار الجوع لديفيد ريف) و(عصر مظلم جديد لجيمس برايدل) والتي تقدم بالأدلة والبراهين القطعية المبنية على أبحاث علمية ودراسات امتدت لسنوات نتائج مثيرة تستلزم الفحص الدقيق من قِبَلِ العلماء والمسئولين من أجل وضع خطط وحلول عملية لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
في الحقيقة من المؤسف أنك ترى كثيرا من دول العالم المتقدم تقضي الأيام والأعوام في بحث دؤوب لسبر أغوار تلك القضايا الشائكة التي تهدد الكوكب والحياة وتؤثر بشكل مباشر على جميع المخلوقات وفي مقدمتها الأنسان فيُعِدِّون الدراسات ويؤلفون الكتب ويضعون الخطط العملية ويسعون لتنفيذها؛ في الوقت نفسه الذي لا ينشغل فيه عالمنا العربي سوى بالنزاعات والصراعات الداخلية وتسليط الضوء على توافه الأمور وتأليب قضايا تستثير الرأي العام وتثير نوازع الشقاق بين أطياف الشعب الواحد. أوليس من الواجب أن نتعرض بمزيد من الاهتمام والواقعية لقضايا عالمية خطيرة كزيادة عدد السكان في مقابل نقص الموارد وضعف الانتاج؟.
لماذا لا نبتكر حلولًا عملية مبنية على تخطيط علمي مدروس لزيادة الرقعة الزراعية ورفع الكفاءة الإنتاجية من المحاصيل الزراعية ؟.
وهذا ليس بعجيب بل هو أقل ما يمكن عمله، فنظرة سريعة لكثير من الدول الأفريقية والأمريكية الجنوبية لنفهم بسهولة كيف يفكر العالم من حولنا وكيف تراهم وضعوا الخطط وقطعوا أشواطاً ذات قيمة في طريق التنمية والانتاج الصناعي والأمن الغذائي ،وهو ما ساعد كثيرا على رفع الأجور وخفض مستوى التضخم وزيادة فاعلية الإنتاج والقضاء بشكل كبير على المجاعات والفقر.
مصر بلد عظيم مليء بالخيرات والموارد الطبيعية والبشرية والخبرات العلمية، ورغم كل الظروف التي تعصف بها بقيت صامدة وحاضنة لكل من على أرضها من مصريين يتجاوز تعدادهم المائة مليون نسمة، وعرب بلغوا قرابة السبعة عشر مليوناً من سوريا واليمن وفلسطين والعراق والسودان وليبيا ودول الخليج أتوها إما مهاجرين أو دارسين أو مستثمرين. فإذا كانت مصر بهذه العظمة وذلك الكيان فإنها تستحق منا أكثر من ذلك، مصر تستحق أن تكون في مكانة أعظم وظروف أفضل ومستوى معيشي أكثر استقراراً.
إننا ولا شك نعيش في عالمٍ ذي وضع حرج! لكن بالتأكيد هناك حلول ومصر تستحق منا الكثير.