لاأحد ضد السينما أو ضد السعي لنشرها وإتاحتها لأهالينا في الأقاليم، بغض النظر عن أن الناس هناك لم يعودوا مشغولين بها قدر انشغالهم بلقمة العيش، وبغض النظر أيضا عن أن معظم الأفلام التي يتم تقديمها هي أفلام تجارية أغلبها ضعيف المستوى ولايصب في تطوير وعي المواطن، وبغض النظر كذلك عن ظهور وسائط جديدة يمكن للمواطن المهتم مشاهدة الأفلام عبرها.
المعلومات المتوافرة أن أغلب مسارح قصور الثقافة التي تعرض الأفلام السينمائية ضمن مشروع سينما الشعب،لاتحقق في الغالب إقبالا جماهيريا كبيرافي كل الحفلات التي تقيمها،وبالتالي فإن إصرار بعض المسارح على إقامة خمسة أو ستة حفلات يوميا ليس له مايبرره، إلا إذا كان المقصود به ضرب النشاط المسرحي في مقتل.
يمكن لهذه المسارح أن تقيم حفلا أو حفلين يوميا، وتترك باقي اليوم للنشاط المسرحي، وبالتأكيد فإن كل مهتم بالسينما سيوفق ظروفه حسب موعد هذا الحفل أو ذاك، وفي الوقت نفسه ستوفر قصور الثقافة تكاليف التشغيل، ويتحقق المراد من المشروع،لكن أن يقتصر العمل في بعض مسارح الهيئة على السينما فقط، فهنا تكمن المأساة، ولن أقول المؤامرة.
المؤكد أن المسئولين في قصور الثقافة يعرفون جيدا أهمية وضرورة المسرح، ويعرفون أن النشاط المسرحي في الأقاليم يتيح الفرصة لآلاف الشباب للعمل في المسرح، فأين يذهب هؤلاء ياناس إذا توقف النشاط المسرحي، ألم يسأل أحدهم نفسه هذا السؤال؟
لاأحد يستطيع القول إن المسرح أهم من السينما، أو إن السينما أهم من المسرح،أو إن الشعر أهم من الرواية أو العكس،كل الفنون والآداب مهمة ولها دورها وجمهورها، ومهمة قصور الثقافة الاهتمام بكل الفنون والآداب دون تفضيل أحدها عن الآخر، ومهمتها كذلك أن تقدم أنشطتها بالمجان وليس بغرض تحقيق الربح،وحتى تحقيق الربح في بعض الحالات ليس عيبا، ولكن بشرط ألا يكون هناك تقصير في أي دور أنشئت الهيئة من أجله.
ماحدث في قصر ثقافة الزقازيق من منع فرقة مسرحية إقامة بروفاتها، بسبب انشغال المسرح بعرض فيلم سينمائي،أمر خطير وغير مبشر، ويجب التحقيق بشأنه ومحاسبة المسئول عنه، إذا كنا جادين حقا، وأنا مازلت مصرا على أن الهيئة جادة في اهتمامها بالمسرح وتدعمه سنويا بملايين الجنيهات، وتدعم غيره من الفنون والآداب ، لكن يبدو أن هناك من يسعى إلى توريطها في أمور هي في غنى عنها.
على وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني، ورئيس الهيئة هشام عطوة ،الإسراع بطمأنة المسرحيين في أقاليم مصر بأن المسرح باق ومستمر،وعليهما إعادة النظر في مشروع سينما الشعب،لاأطالب بإلغائه، إذا كان يحقق الهدف منه ويحقق دخلا معقولا للهيئة،وياليتهما يعلنان لنا حجم هذا الدخل حتى نشعر بجدوى المشروع،وفي كل الحالات لابد من إحداث هذا التوازن بين المشروع والمسرح، بحيث لاتطغى السينما على المسرح،وبحيث تكون مسارح الهيئة مخصصة للمسرح بدءا من السادسة أو السابعة مساء على اقصى تقدير، أما أن تستمر عروض السينما إلى العاشرة أو الثانية عشرة مساء فهذا معناه أننا نقتل المسرح، ونترك ممارسيه وجمهوره فريسة بين أنياب المتطرفين والإرهابيين.. إذا كنتم لاتتعاملون مع المسرح باعتباره فنا مهما يسهم في تطوير وعي الناس وتثقيفهم، فاعتبروه على الأقل عملا سياسيا يستوعب طاقات الشباب بدلا من أن تسوعبها أشياء أخرى.