»»……..
بقلم ✍️ د. فراج خليل الصعيدي
( أستاذ الچيولوجيا بهيئة المواد النووية)
احتفل المصريون ليلة أمس بذكري ميلاد السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها ،الموافق للثلاثاء الأخير من شهر رجب من كل عام ، ورغم أن ميلادها المبارك كان في شهر جمادى الأولى إلا أن المصريين يحتفلون بمولدها في الثلاثاء الأخير من شهر رجب .. لماذا؟ .. لأن قدومها المبارك إلي مصر كان في أوائل شهر شعبان ٦١ هجرية ، فاعتبر المصريون قدومها المبارك إلي مصر بمثابة ميلاد جديد لهم … فمن هي السيدة زينب ؟؟.
تعالوا نتعرف على هذه السيدة الطاهرة ونقرأ من كتاب “الاختصار في سيرة أهل البيت الأطهار”.
● السيدة زينب بنت الإمام علي رضي الله عنها
● الاسم: هي السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
● نسبها: أبوها الامام علي (ابن عم رسول الله ﷺ) .. وأمها السيدة فاطمة الزهراء (بنت رسول الله ﷺ) .. أخَواها الإمامين الحسن والحسين (ريحانتا رسول الله ﷺ) .. جدتها السيدة خديجة أم المؤمنين (زوجة رسول الله ﷺ) .. جدها لأمها سيدنا محمد بن عبد الله ، النبي الأكرم والرسول الأعظم ، أكرم خلق الله علي الله.
● تاريخ ومكان الميلاد:
وُلدت السيدة زينب في حياة النبي ﷺ في ٥ جمادى الأولى عام ٥ هجرية بالمدينة المنورة ، والنبي ﷺ هو الذي سَمَّاهَا بهذا الاسم.
● ألقابها: أم هاشم ، صاحبة الشورى ، رئيسة الديوان ، العلوية ، جبل الصبر ، المشيرة ، عقيلة بني هاشم ، العالمة، الطاهرة، أم العواجز (لعطفها دوما على العجزة والمساكين)، السيدة.
● صفاتها: نشأت هذه السيدة الكريمة في الدوحة النبوية المباركة ، ودرجت في بيت الرسالة. كانت السيدة زينب رضي الله عنها صوّامة قوّامة وكانت عاقلة لبيبة، اشتهرت ببلاغتها وشجاعتها، كان لها من قوة الإدراك ما كان يجعل أباها وإخوتها يرجعون إليها ويطلبون مشورتها.
● زواجها: تزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، (وهو أول مولود ولد في الإسلام بأرض الحبشة) ، وكان عبد الله مشهورا بالكرم.
وأبوه هو جعفر الطيار شهيد مؤتة رضي الله عنه. توفي عبد الله بالمدينة المنورة سنة ٨٠هـ .
● نسلها: عليًّ وعونً الأكبر وعبّاسً ومحمّدً وأمّ كلثوم رضي الله عنهم.
● مواقف من سيرتها:
استشهد إبناها محمد وعون مع خالهما الإمام الحسين رضي الله عنه في كربلاء وأمهما السيدة زينب تنظر إليهما. وقد كانت رضي الله عنها بطلة كربلاء مع أخيها الامام الحسين. ولها مواقف شجاعة فائقة في المعركة، ولها خطبة عصماء شهيرة في قصر يزيد بن معاوية في الشام بعد أن أخذوها مع باقي نساء أهل البيت حاسري الرؤوس أمام الناس من كربلاء في العراق الي قصر يزيد بالشام في صحبة الرأس الشريف رأس الامام الحسين بعد أن تم قطعها بعد قتله.
ولما عادت رضي الله عنها إلى المدينة المنورة إلتف الناس حولها فخاف حاكمها عمرو بن سعيد الأشدق وكتب إلى يزيد يقول أن وجود زينب بالمدينة مثير للعواطف مهيج للخواطر لأنها فصيحة لبيبة ،إذا تكلمت ملكت على الناس أسماعهم ،وإذا خطبت سحرت عقولهم وألبابهم وربما طالبت بدم الحسين فيقع ما لا تحمد عقباه ولا يعلم مداه إلا الله .. فلما وصل كتاب الوالي إلي يزيد طلب منه أن يخيرها في الإقامة بأي بلد إلا المدينة ومكة فاختارت مصر لما سمعته عن أهلها من حبهم لأهل البيت وتعلقهم الشديد بهم وحضر معها من أهل بيت النبوة السيدة فاطمة النبوية والسيدة سكينة ابنتا الإمام الحسين رضي الله عنهم جميعا.
ولما سمع والي مصر بمقدمها الشريف أسرع للقائها في جمع من العلماء والأعيان والوجهاء فقابلها الوفد شرقي مدينة بلبيس بالشرقية حيث وصل ركبها المبارك الميمون يحيطه الإكبار والإجلال والبركة، وقوبلت رضي الله عنها بمصر أحسن استقبال وأنزلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في داره. فلما رأت هذه الحفاوة قالت (هذا ما وعد الرحمن وصدقت يا جدي يا رسول الله) ، وكانت تقصد صدق جدها رسول الله حين قال عن أهل مصر (إن لهم ذمة ورحما). ؛ ثم دعت لأهل مصر قائلة (يا أهل مصر نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله ؛ جعل الله لكم من كل مصيبة فرجا ومن كل ضيق مخرجا).
ولقد كان وصولها رضوان الله عليها إلى مصر في أوائل شعبان سنة ٦١ من الهجرة.
أقامت رضي الله عنها بمنزل الوالي لمدة أحد عشر شهرا ونصف كانت لا ترى خلالها إلا متعبدة متبتلة إلى أن وافتها المنية في ١٤ رجب سنة ٦٢ من الهجرة .حيث انتقلت إلى جوار ربها راضية مرضية ودفنت حيث كانت تقيم .. وهو المكان الموجود في ضريحها الطاهر الآن. رضي الله عنها وأرضاها.
● اشهر أقوالها:
– مما ينسب إليها بعد أن وصلت إلى مصر، قولها:
إذا ضاقت بك الأحوال يومًا * فثق بالواحد الأحد العليِّ
ولا تجزع إذا ما ناب خطب * فكم للهِ من لطفٍ خفيِّ
– كانت تقول : (اللهم يا من لبس العز وتردّى به (أي اتخذه رداء) ، وتعطّف (أي اتخذه معطفا) بالمجد وتحلّى به أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم وكلماتك التامات المباركات أن تصلي على محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين، وأن تجمع لي خيري الدنيا والآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين).
● تاريخ ومكان وكيفية الوفاة :
انتقلت السيدة زينب رضي الله عنها إلى جوار ربها راضية مرضية في 14 رجب عام 62 هجري بمصر ، ودفنت بحجرتها حيث كانت تقيم والتي أصبحت القبة الموجودة حاليا بالمسجد الزينبي المعروف .. رضي الله عنها وأرضاها.
● ما قيل عنها:
قال فيها ابن أخيها الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين : «ياعمة… أنتِ بحمد الله عالِمة غير معلّمة وفاهمة غير مفهمة».
● من كراماتها:
لما أحست بدنو أجلها طلبت من الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري أن يجهز لها مكانا بمحل سكنها في داره ، واستقرت فيه تقرأ القرآن ، ولما أكملت ١١ مرة دخل عليها مسلمة في صحبة من الناس لزيارتها ، وطلب منها أن تناوله مصحفها الخطي (كي يحتفظ به بعدها) .. فقالت له: يا مسلمة إنك بعدنا .. فانصرف ومعه أصحابه ولم يتكلم .. وسبحان الله فعلا مات بعدها بأحد عشر يوما (كتاب عقيلة الطهر و الكرم ص ١٥).
– معلومة ذكرها لنا الشيخ أحمد راضي رحمه الله: “الحاكم الوحيد من حكام مصر عبر تاريخها الذي له مقام يزار للتبرك هو مسلمة بن مخلد الأنصاري إكراما من الله له لإكرامه السيدة زينب رضي الله عنها ؛ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”.
وأقول: يستحيل بالعقل والمنطق أن يكون مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي في أحد أحياء دمشق كما يزعم بعض المشككين .. لأن أبسط قواعد العقل والمنطق تقول بأن السيدة زينب يستحيل أن تقبل بأن تقيم بالقرب من يزيد بن معاوية قاتل أخيها وأبنائها، و ٧٠ من أهل البيت وأصحاب الحسين !! .. مالكم كيف تحكمون؟؟ … فلا شك أن مقامها هو المقام الموجود الآن بالقاهرة .. وقد أكد ذلك النسابة العبيدلي وذكره الحافظ بن عساكر في تاريخه الكبير.
● ملاحظتان مهمتان لاحظتهما :
الأولي: إذا سألت أي سائق تاكسي في القاهرة والجيزة وقلت له وصّلني للسيدة (ولا تقل له السيدة مين) .. فستجده مباشرة لا يخطر بباله الا السيدة زينب ، رغم أنها لم تكن ملكة علي مصر ، ولا كانت السيدة الأولي مثل زوجة حاكم من الحكام الذين حكموا مصر ، ولكنها كانت ولا زالت ملكة علي القلوب وسيدة متوجة علي الأفئدة .. وهذه خصوصية لها رضي الله عنها .. من باب (ورفعنا لك ذكرك).
الثانية: أي شخص مهما بلغ .. كم يحتاج من الوقت لكي يصنع تلك الشهرة الواسعة التي بلّغ الله السيدة زينب إياها في كل ربوع مصر؟؟ .. علي الأقل عشرين سنة … لكنها رضي الله عنها لم تمكث في مصر سوي أحد عشر شهرا فقط قبل وفاتها .. ومن هنا نستدل على أن الله يطوي لأحبابه الزمان والمكان.
وليس المطلوب أن نُحيي هذه الذكرى وفقط وإنما أن نحيا بها أيضا.
رضي الله عن سيدتنا السيدة زينب وعن أهل بيت رسول الله أجمعين وعن صحابته الغُرّ المحجّلين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن جميع التابعين ومن اهتدى بهديه وسار على نهجه إلى يوم الدين.