»»
بقلم ✍️ د. فراج خليل الصعيدي
(أستاذ الجيولوجيا بهيئةالمواد النووية)
شرع الله الصيام لمقاصد سامية وحكم جليلة فهو مدرسة للإيمان والأخلاق .. فإن شهر رمضان الفضيل موسم النفحات الربانية والعطايا الالهية حيث :
– يقول تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ}.
– يقول رسول الله ﷺ : (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا).
– يقول رسول الله ﷺ : ( مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
● الصوم مدرسة مكارم الأخلاق والقيم ، فالعبادات لا تؤتي ثمرتها الحقيقية إلا إذا هذبت وقوّمت صاحبها فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له حيث :
– يقول تعالى : {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}.
– ومن لم ينهه حجه عن الفسوق والعصيان فلا حج له حيث :
– يقول تعالى:
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ}.
– ومن لم ينهه صيامه عن سيئ الأخلاق من الكذب والغش والغدر والخيانة والاحتكار وأكل الحرام واستغلال أزمات الناس ؛ فلا صيام له حيث :
– ويقول رسول الله ﷺ : (ربَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ).
● إن الغاية من الصيام وثمرته هي التقوى حيث:
– يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .. فشهر رمضان عبارة عن دورة تدريبية مدتها شهر وثمرة هذه الدورة هي التقوى .. والتقوى كما عرفها الإمام علي رضي الله عنه هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل.
والتقوى اسم جامع لكل خير .. وكما عرفها بعض العلماء هي ان يجدك الله حيث امرك ولا يجدك حيث نهاك .
● من الجوانب الإيمانية والأخلاقية في الصيام :
* ١- المراقبة :
– يقول تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } ؛ لهذا كان أجر الصائم على الله حيث يقول ﷺ : (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها ، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ ، قال اللهُ تعالى :إِلَّا الصَّوْمَ ؛ فإنَّه لِي ، وأنا أجزي به ، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي).
ولهذا يجب أن تكون المراقبة شاملة ؛ مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، في الرضا والغضب .
مع ملاحظة أن أركان الإسلام تؤدَّي في العلن مثل الصلاة والزكاة والحج أما الصوم فانه في خفاء بين العبد وربه لذا فهو يُنمي ويقوي المراقبة لله عز وجل .
* ٢- الصبر :
– الصيام مدرسة للصبر .. حيث الصبر على أداء الطاعات ، والصبر على اجتناب المحرمات ، وصبر على الامتناع عن الشهوات .. لذلك وصف النبي ﷺ رمضان بأنه شهر الصبر حيث يقول ﷺ : (صَومُ شَهْرِ الصَّبرِ وصومُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شَهْرٍ صومُ الدَّهرِ).
ومن صبر الصائم ان يكظم غيظه ويعطي من حرمه ويحسن الى من اساء اليه حيث يقول رسول الله ﷺ : (الصيامُ جُنَّةٌ ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ).
* ٣- عدم الكذب والغش والغدر والخيانة والغيبة والنميمة .
– حيث يقول النبي ﷺ : (من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ).
٤- التكافل والتراحم :
رمضان شهر التكافل والتراحم واذا كان اجر الكرم والتراحم عظيما في سائر الاوقات فانه في شهر رمضان اعظم .
– حيث يقول رسول الله ﷺ : (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا).
– سُئل رسول الله ﷺ : (أيُّ الإسلامِ خيرٌ ؟ قال : تطعم الطعامَ، وتقرأ السلامَ، على من عرفتَ ومن لم تعرف).
– يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : كان رسولُ اللهِ ﷺ أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ .
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ..وحفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه.