✍️بقلم د. نادية أحمد منصور
مدرس علوم شرعية بالأزهر الشريف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله “صلى الله عليه وسلم” الحمد لله الذي بين لنا الحلال والحرام وأتم على يديه نعمة الإسلام وبين لنا قيمة الوقت وجعلنا نعرف كيفية استغلاله فإن الأيام تمر والساعات تنقضي والشهور تتوالى ورمضان أوشك على الرحيل ولنا في ذلك عظة فالوقت غالي وثمين، فلا يوجد دين يقدر قيمة الوقت والعمل علي استغلاله مثل الإسلام حيث أعطى القرآن الكريم أهمية بالغة للوقت فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة من القرآن والله لا يقسم بشئ إلا لبيان أهميته وعظيم منفعته ،وذلك لبيان شرف الزمان وشرف الوقت فقد بلغت عناية القرآن بالوقت وحثنا للمحافظة عليه مبلغاً عظيماً ،ومن هذه السور القرآنية : ” العصر”” والضحى “والليالي العشر”.
وارتبطت معظم العبادات في التشريع الإسلامي بالوقت وحثت على استثماره فيما يفيد الإنسان وينهض بمجتمعه الإسلامي والوقت أنفس ما عنيت الشريعة بحفظه فالوقت هو عمر الإنسان الحقيقي من يوم ولادته إلى يوم بعثه وهذا ما أشارت إليه السنة النبوية الشريفة كما جاء في الحديث الشريف المروي عن الرسول “صلى الله عليه وسلم” حيث قال: “لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه…”.
ومن خصائص الوقت التي توجب علينا التنبه استغلاله بطريقة صحيحة أنه سريع الانقضاء لا يحتمل التسويف وما مضى منه لايعود هذا بالنسبة لأهمية الوقت بصفة عامة وهنا يرد سؤال وهو كيف نستغل أوقاتنا في شهر رمضان الكريم أو كيف نستثمر أوقاتنا في شهر رمضان؟
أولاً: نحمد الله عز وجل ونشكره على أن بلغنا رمضان المعظم فرمضان شهر القرآن شهر الغفران شهر الذكر والصيام والقيام شهر تتنزل فيه الملائكة وتعم فيه الرحمة والبركات شهر تجبر فيه القلوب بقبول التوبة وتجبر فيه الأنفس بتجديد العهد مع الله بمغفرة الذنوب ؛شهر تجبر فيه الأرواح بالأنس بالله فتختفي كل مظاهر التعلق الدنيوي وتتفرغ النفس للطاعة فقط، فعندما تجبر قلوبنا وأرواحنا تشرق النفس بنور الله والقرب منه ومن هنا ينشط الإنسان ويجتهد في فعل الطاعات، فرمضان شهر القرآن شهر البركات والصدقات شهر إتصال مع الله والنفس.
ثانياً: مما يتأكد فعله في هذا الشهر الكريم إطعام الطعام بالخصوص والصدقة والجود والكرم بالعموم وهذا ما حثنا عليه النبي “صلى الله عليه وسلم” حيث حثنا على إطعام الطعام لما فيه من الثواب العظيم فقال صلى الله عليه وسلم من أفطر فيه صائماً كان له أجر الصائم لاينقص منه شيئاً فكان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون في إطعام الطعام في رمضان.
ثالثاً: الصوم فيه تزكية للنفس وتهذيباً لها وترويض لها على فعل الطاعات فالإنسان إذا اعتاد شيئاً ألفه فالمسلم يصوم في رمضان ويقوم الليل ويساعد المحتاجين وينفق الصدقات ويتلو القرآن ويفعل كل خير وهنا تتجلى رحمة الله بنا وأن الله يريد لنا الخير ويريد أن يثبت لنا ويعلمنا أن الإنسان يستطيع فعل كل خير في أي وقت فمن يستطع في رمضان يستطع في غير رمضان ومن هنا وجب علينا استغلال أوقاتنا فيما يرضي الله عز وجل وما نراه الآن من ضياع أوقاتنا في القيل والقال والغيبة والنميمة ليس من الإسلام في شئ ولايعود علينا بالنفع ولم يأتي رمضان لهذا فقد جاء رمضان لتستريح القلوب المتعبة وتهتدى الأرواح الحائرة جاء رمضان ليسد النقص والخلل الذي عليه الإنسان طوال العام فرمضان شهر عبادة وليس شهر عادة شهر اجتهاد وكأن رمضان دورة تدريبية لما يجب أن نكون عليه بعد رمضان دورة تهذيب وإصلاح للنفس.
رابعاً: أيضاً من فضائل الشهر الكريم أنه فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر فيها يبدل قدر الإنسان فيستجيب الله للدعاء و يغفر الله الذنوب كلها فهي ليلة مباركة يجب على المسلم أن يترقبها ويعمل فيها ويدعو كثيراً ولذى علينا نحن المسلمين أن نعمل على إعمال عقولنا ونفهم المقصد الحقيقي لرمضان ونجتهد لكي نخرج من رمضان مجبورين جميعاً ومغفور لنا ربما لا يأتي علينا رمضان أخر فلنغتنم أوقاتنا في هذا الشهر المبارك
حفظ الله مصر وشعبها وأهلها والأمة الإسلامية.