»»
بقلم ✍️ د.حنان سالم
(دكتوراه الفلسفة المعاصرة _ كلية الآداب جامعة العريش)
صراع أم صدام ستظل القضية قائمة كأزمة ،أو متلازمة..
غالبا ما يشتكي الناس من الأجيال الشابة منذ العديد من القرون ،وقد يكون ذلك طبيعة بشرية فيهم لأن كل جيل ينظر باستخفاف إلي الجيل الذي يسبقه أو يليه!.
هذه الأزمة تؤرق كل الأجيال السابقة والمقبلة ،فإذا رجعنا إلى القرون الماضية نجد أن الأزمة كانت موجودة في العصور القديمة منذ عصر آدم بين أبنائه هابيل وقابيل، إذ قتل كل منهما الآخر بسبب فتاة أو من أجل المنفعة والأنانية.
وإذا ذهبنا إلى العصر الحجري القديم نجد أن إنسان الغابة كان يعاني من سلطة الطبيعة عليه فحاول بكل الطرق التغلب عليها وتسخيرها من أجل منفعته..
أما إذا انتقلنا إلى العصور الوسطي نجد الأزمة كانت تتمثل في سيطرة الدين علي الأجيال الموجودة مما أدي إلى المقاتلة من أجل المعتقدات والخلافة وعليه تولات المعارك والحروب ، بناء علي ذلك استمرت الأزمة والمعاناة حتي العصور الحديثة من أجل السلطة والمنفعة سواء كانت منفعة خاصة أوعامة في ظل العقل الجمعي للجيل.
وهكذا تفاقمت الأزمة حتي عصرنا هذا إلي أن وصلت إلي صورتها الحالية وهي أزمة التفاهم والاستيعاب ،فكل عصر له أزمته الخاصة به ،وكل جيل هو نتاج وقته.
وفي تصوري أن أزمة كل الأجيال تدور حول “المنفعة الشخصية ،والتي تفاقمت في عصرنا الحالي إلي أن وصلت إلى ذروتها وأصبحت تأخذ شكلا جديدا كنتاج طبيعي لثورة المعلومات والتكنولوجيا ، التي جعلت من العقل الجمعي للجيل عقولا جمعية متعددة، تطرح أفكارا متابينة لا يمكن استيعابها،أو ترويضها نهائيا فأصبحت كمن يطارد سمكا في مياه بحر هائج.
وهذا ما يستدعي عدة تساؤلات عن أزمة الجيل الحالي.. ما هي أزمتهم تحديدا ومن المتسبب فيها؟ ،وما مصادرها ؟ ومامداها وحدود تأثيراتها ،وتداعياتها في الأجيال المقبلة؟.
عدة تساؤلات ،وأكثر منها تحتاج للبحث والمناقشة ، فالأمر خطير ويحتاج لوقفة نجيب فيها علي هذه التساؤلات، فهي ليست مجرد أزمة عابرة،وإنما متلازمة كل جيل، ولكن كيف سنجيب علي تلك التساؤلات ؟.
فإذا تناولنا الموضوع بشكل ميداني أو واقعي أو موضوعي نستطيع تلقي إجابات من أصحاب المتلازمة ، فالقضية ليست مجرد فكرة عابرة، أو وهم ولكنها أزمة حقيقة يعاني منها كل الأجيال وتتطلب وقفة ومناقشة من جميع الأبعاد والجوانب بهدف الوصول إلي شباب إيجابي متطلع بأمل وحيوية للتعايش مع الواقع بدلا من سب الواقع والتمرد عليه ورفضه والهروب منه إلى كهف خاص به ،ربما أشبه بأصحاب كهف أفلاطون الذي حجب عنهم نور البصيرة والأمل ،ولا يثقون في كل ما هو خارج كهفهم !.
أزمة الجيل أصبحت مرضا عضالا نخشي منه علي الأجيال المقبلة، وهو مايحتاج لمزيد من البحث والتدبر لاستجلاء الأمر والإجابة عن تلك التساؤلات عبر مقاربات قادمة بإذن بالله.