بقلم : حسين المصري
إن العلم هو الوسيلة الوحيدة التي يرتفع بها شأن الإنسان إلي مراتب الكرامة والشرف.
والعلم كالمطر، لا يستفيد منه، إلا الأرض الطيبة النقية، وكذلك لا يستفيد من العلم إلا أصحاب النفوس الصافية، والقلوب الواعية، والأفئدة المستقيمة.
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .. إذ يقول في حديثه الصحيح (( العلم علمان علم في القلب فذلك هو العلم النافع، وعلم علي اللسان فذلك حجة الله علي ابن آدم )) وهذا يدل علي أن الخلافات التي تدور بين الناس مردها إلي عدم فهم الموضوع من كل جوانبه أو إلي التقليد العقيم أو إلي التعصب الذميم أو إلي الانقياد للهوى والمنافع الخاصة، أو إلي الحسد والبغي والعدوان أو إلي حب الشهرة والتفاخر أو إلي إثبات الوجود عن طريق الكلام أو إلي اختلاف العقول والإفهام أو إلي حب الرياسة والسلطان أو سيطرة الأوهام أو غير ذلك من الأسباب التي منها المقبول ومنها غير المقبول
تدور علي ألسنة بعض الناس بألفاظ مثل: كلمة المناظرة، المجادلة، المكابرة.
وقد جري عرف بعض أهل العلم؛ أن يكون المقصود من المناظرة: الوصول إلي الحق والصواب في الموضوع الذي اختلف أنظار المناقشين فيه .. وأن يكون المقصود من الجدل أو المجادلة أو المحاورة وإلزام الخصم، والتغلب عليه، عن طريق إقامة الحجة، والإتيان بالدليل الواضح والبرهان الساطع.
وقد قال الحكماء قديماً إن الحق لم يصبه الناس من كل جوانبه، ولم يخطئوه من كل جوانبه، بل أصاب بعضهم جهة منه، وأصاب آخرون جهة أخري. وقد مثلوا لذلك بجماعة من العميان، انطلقوا نحو فيل ضخم، فوضع كل واحد منهم يده علي قطعة من جسد الفيل ووصفه بالصورة التي تصورها .
.. فقال الذي وضع يده علي رجل الفيل : إن هذا الحيوان هيئته كالنخلة الطويلة المستديرة، وقال الذي وضع يده علي ظهر الفيل إن هيئته أشبة ما تكون بالهضبة العالية، والأرض المرتفعة.. وهكذا كل واحد منهم وصف الفيل بالوصف الذي لمسته يده، وهو من هذه الناحية صادق، ولكنه من ناحية تكذيبه لغيره .. مخطئ تماماً .
وبعد معرفه المسألة من كل وجوهها ، وبعد أن تحرر موضوع النزاع، ولذا قالوا إذا عرف موضوع النزاع بطل كل خلاف …!!!!!!!!!!!
• إن الحوار البناء الذي يقصد به غاية الوصول إلي الحق والعدل ومكارم الأخلاق هو الذي يكون لحمته وسادة الصدق في القول، والعفاف في السلوك .
• إن الحوار أو النقاش أو الجدل الذي يدور بين الناس إذا كان يقوم علي التواضع والاحترام المتبادل بين الأطراف وعلي الأسلوب المهذب الخالي من كل ما لا يليق، يوصل إلي الحقيقة المرجوة، وإلي الاتفاق ولو علي معظم المسائل التي دار من أجلها الحوار .
• أما الحوار أو النقاش أو الجدل الذي يكون مبعثه الغرور، والتعالي، والتفاخر، والتباهي، بالأقوال فمن المستبعد أن يأتي بنتيجة توصل إلي الحق أو الحقيقة أو اتفاق علي ما ينفع أو يفيد .!!!!!
• من اسمي وأشرف ألوان أدب الحوار في الإسلام.. احترام رأي العقلاء الذين ينطقون بالكلمة الطيبة، وبالحجة المقنعة، ويسلكون السلوك الحميد في أعمالهم وأفعالهم، ويعفون عن كل ما يتنافي مع مكارم الأخلاق مما يشهد باستنارة بصيرتهم وصفاء معدنهم.
• فعلينا جميعاً أن نتبع طريقهم، ونسير على نهجهم قولا وعملا .