✍️ د. محمد يحيى بحيري (مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة المنوفية)
»»
يضطرني عملي إلى السفر كثيرا، و قد أصبحت معتادا على طرق السفر وسلوك قائدي السيارات الأخرى وسيارات نقل الركاب وسيارات النقل والذي كثيرا ما كان سلوكا متهورا للأسف.
و منذ فترة ليست بالبعيدة، فوجئت بمشهد جديد ملفت لم أعتاده من قبل على طريق اسماعيلية القاهرة الصحراوي، فالسيارات تسير وفق السرعة المعتادة على غير العادة في أماكن معينة على الطريق وجميع السائقين تقريبا يسارعون لإرتداء حزام الأمان بل ويطالبون الركاب فى المقعد الأمامي بإرتدائه أيضا.
و كانت كلمة السر لحل هذا اللغز هى الرادارات وكاميرات المراقبة الحديثة التي تم تركيبها فى أماكن المعينة في هذا الوقت، بعد التطوير الشامل لهذا المحور الحيوي.
كانت مناطق هذه الرادارات بمثابة واحة للالتزام والانضباط المرورى وسط صحراء التفلت والتهور والسرعات العالية غير المبررة، و لكن للأسف بمجرد مغادرة نطاق هذه الرادارات و الكاميرات، إذ بأحزمة الأمان يتم نزعها، و إذ بالسرعات المقررة يتم تجاوزها على الفور من الكثير من السائقين.
ولكن مع مرور الوقت، كثرت الرادارات والكاميرات على طريق اسماعيلية القاهرة وأصبحت تغطي جانب كبيرا من هذا الطريق الحيوى، بحيث أصبح من المرهق للسائقين أن يلعبوا لعبة (حاسب فيه رادار اغو كاميرا هناك )، فلن يخلع حزام الأمان اغلا لكى يضطر أن يلبسه مرة ثانية ،و يلتزم بالسرعة المقررة بعد وقت قصير.
و الآن مع هذا الجهد المشكور من وزارة الداخلية وإدارة المرور، يشعر المسافر بفرق كبير وبصورة أخرى جديدة تماما عن التي كانت موجودة قبل تركيب الرادارات و الكاميرات.
هذا الفرق الكبير قبل تركيب هذه التقنيات الحديثة وبعد تركيبها يستحق توجيه الشكر والثناء للمسؤولين عن هذا الانجاز المهم كما انه يعطى دلالة قاطعة على الحاجة لهذه التقنيات على الطرق وعلى اهميتها الفائقة.
إن أي شخص معتاد على السفر يدرك تماما المشاهد المروعة التي قد تخلفها السرعة العالية المتهورة وعدم الالتزام بقواعد المرور،هذه الدماء البريئة والاشلاء المتناثرة التي كثيرا ما اورثت اليٌتم ،الثكل، ضياع عائل الاسرة او الأم أو أحد الأبناء، ألم تكن في كثير منها بسبب حوادث ناجمة عن السرعة الزائدة وعدم الالتزام بقواعد الأمان ؟.
لقد تجاوز عدد إصابات حوادث خمسين الف مصاب،و تجاوز عدد الوفيات السبعة آلاف وفاة وذلك في عام واحد (عام 2021) طبقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ،وهذه الارقام يجب ان تدفعنا جميعا إلى إدراك خطورة عدم الالتزام بالقواعد المرورية عند قيادة السيارات و إلى أخذ الالتزام المروري مأخذ الجد ،و إلى الامتثال لقواعد و تعليمات رجال المرور.
و أخيرا، لا يملك أى منصف إلا الشكر والثناء مرة ثانية لهذا الجهد الرائع من المسئولين الذي يعملون على مراقبة الطرق ونشر اسس الانضباط والالتزام المرورى.
ومع أننا نتمنى أن تسود ثقافة الالتزام وأن يأتي اليوم الذي لا نحتاج فيه إلى الرادارات و لا الكاميرات و لا غيرها من ادوات المراقبة، و لكن إلى انغ يأتي هذا الوقت، لا نملك الا أن نقول و ندعو : اللهم كثر راداراتنا !!