“محاوره بين معلمه وطلابها” ✍️
يكتبها : د.سليمان عباس البياضي ( عضو اتحاد المؤرخين العرب -شمال سيناء)
دار حوار شيق وممتع بين المعلمة ومجموعة من الطلاب والطالبات في مكتبة المدرسة أثناء فترة الفسحة (الفرصة) ..
قالت المعلمة: إن البيئة التي يعيش فيها الفرد لها تأثير عظيم في تكوينه النفسي والأخلاقي والاجتماعي والثقافي ،ورددت مقولة ابن خلدون: “الإنسان ابن بيئته”.
وبعدها وجَّهت سؤالاً للطلاب ما مفهوم البيئة يا أبنائي؟.
أجاب الطالب عبدالرحمن: البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان أو الحيوان أو النبات ويؤثر في تكوينه أو على نموِّه أو سلوكه، فالبيئة الطبيعية هي التي وهبها الله تعالى لبني البشر، وتشتمل على كل ما يقع على السطح الجغرافي ويكون المنظر الطبيعي من جبال وأودية وأنهار وبحيرات وصحراء، وكل ما تؤويه من إنسان وحيوان ونبات،كما يشمل الجو المحيط من الكون الكبير بنجومه وأبراجه.
أثنت المعلمة على إجابة عبدالرحمن وأضافت أن البيئة الطبيعية تشتمل أيضاً على العوامل المناخية من رياح وأمطار وفيضانات وأعاصير، وكذا على الطاقات الحرارية والانزلاقات والزلازل، بعكس البيئة المبنية، التي هي من صنع الإنسان، وتشمل كل ما أقامه الإنسان من منشآت في البيئة الطبيعية كالمباني السكنية والطرق والساحات والحدائق والمتنزهات .
أراد الطالب إياد أن يشارك فرفع يده، فسمحت له المعلمة، فقال: من نعم الله على البشرية أن الله خلق السماوات والأرض وسخرها للإنسان لينتفع بها، يقول الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ).
وأيضا يقول الله تعالى (أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُۥ ظَٰاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ)، ولقدَ سَخَّرَ الله تعالى مَّا فِي السَّمَاوَاتِ من شمس وقمر ونجم وسحاب، وَما فِي الأرْضِ من دواب وشجر وماء وبحار وفلك، وغير ذلك من المنافع، يجري ذلك كله خدمة للإنسان وتحقيقاً لمصالحه، قال تعالى: (وَٱلْأَرْضَ مَدَدْنَٰهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَٰسِىَ وَأَنۢبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْءٍۢ مَّوْزُونٍۢ) فقد كانت الأرض تميد وتضطرب إلي أن أرساها الله بالجبال، وفي الجبال كنوز من ذهب وفضة، وفوسفات ومنجنيز.
قالت المعلمة أبدعت يا إياد، والجميل في كلامك أنك تؤكده بالدليل من القرآن الكريم.
وقتها شاركت الطالبة سلمى قائلة: الآيات القرآنية في هذا الصدد أكثر من أن تُحصى،ولو سمحتم لي اذكر بعضها، فقالت المعلمة تفضلي يا سلمى، فقالت: يقول الله تعالى : (ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِۦ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْأَنْهَٰرَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ). وغيرها من الآيات التي يعدد الله تعالى فيها نعمه على خلقه، بأن خلق لهم السماوات سقفا محفوظا والأرض فراشا، وأنزل من السماء ماء فأخرج به أزواجا من نبات شتى، ما بين ثمار وزروع، مختلفة الألوان والأشكال، والطعوم والروائح والمنافع، وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر، تجري عليه بأمر الله تعالى، وسخر البحر يحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر، لجلب ما هنا إلى هناك، وما هناك إلى ها هنا، وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر، رزقا للعباد من شرب وسقي وغير ذلك من أنواع المنافع .
ثم أضافت سلمى: وفي القرآن الكريم آية كريمة وقفت معها طويلاً، هي قول الله تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِۦ نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍۢ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍۢ مِّنْ أَعْنَابٍۢ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ۗ ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِۦٓ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكُمْ لَأيَٰاتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ)
وهذا من أعظم مننه العظيمة، التي تنفع الخلق، من الآدميين وغيرهم، وهو أنه أنزل من السماء ماء متتابعا وقت حاجة الناس إليه، فأنبت الله به كل شيء، مما يأكل الناس والأنعام، فرتع الخلق بفضل الله، وفرحوا برزقه، بإحسانه، وزال عنهم الجدب واليأس والقحط، ففرحت القلوب، وأستبشرت الوجوه، ونال العباد من رحمة الرحمن الرحيم، شكرت المعلمةُ الطالبةَ سلمى على مشاركتها المبدعة.
واستأذنت الطالبة دارين للمداخلة، فأُذن لها، حيث قالت: يقول الله تعالى (إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِى تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍۢ فَأَحْيَا بِهِ ٱلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍۢ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ لَأيَٰاتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَعْقِلُونَ) وفي الآية الكريمة أخبر الله تعالى أن في هذه المخلوقات العظيمة أدلة على وحدانية الباري وألوهيته، وعظيم سلطانه ورحمته وسائر الصفات..
والحاصل أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائف آيات، وكتب دلالات على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مسخرات ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله، ولا رب سواه.
قالت المعلمة: استنتاج رائع يا دارين، أحسنتِ وبارك الله فيكي.
ثم قالت المعلمة: أتعرفون يا أبنائي أن مشكلة البيئة من أهم القضايا التي يواجهها الإنسان في الوقت الراهن، وهذه المشكلة لا تهدد الإنسان في عصرنا الحالي فقط، بل تهدد الأجيال القادمة، ومع اكتشافات علميه والتطور المذهل في مجال العلم والتكنولوجيا لم يستطع الإنسان التعامل مع البيئة بشكل متوازن، ولقد عبر القرآن الكريم عن من الحقائق البيئية التي تحتاج إلي المشاهدة والتأمل والتفكر في الطبيعة كشاهده لنعمة الله على الإنسان، وأنها ليست ملكاً للإنسان، إنما هي ملك الله تعالى، ولابد للإنسان أن يتعامل مع الطبيعة بصورة أخلاقية لدي استفادته منها.
قال جاسم: نعم يا معلمتي: فالله تعالى يقول: (فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ * أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَآءَ صَبّٗا * ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقّٗا * فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا حَبّٗا * وَعِنَبٗا وَقَضۡبٗا * وَزَيۡتُونٗا وَنَخۡلٗا * وَحَدَآئِقَ غُلۡبٗا * وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا * مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ).
فكل ما في الأرض من خيرات؛ من تمهيد الأرض للسكنى والعيش، ومن كثرة الموارد المائية المالحة والعذبة، وما يخرج منها من مأكل ومشرب وملبس وزينة، ومن البحار التي تمخر فيها السفن، وفيها ما لا يحصى من مخلوقات وخيرات، وفي الأرض جبال رواس، ومن ثروات معدنية، وحجارة للأبنية، ومن أشجار وحدائق ذات بهجة وجنائن معلّقة وغير معلّقة، وجنات معروشات وغير معروشات، وثمار مختلفة الطعوم والألوان والروائح والفوائد، كلها مهيّئة لصالح الإنسان وبقائه وتحسين صحته والبيئة في الإسلام لقد استخلف الله الإنسان في الأرض, ليسكنها ويعمرها.
قالت مايا: يقول الله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى ٱلْأَرْضِ خَلِيفَةً) ،وخلافا للكائنات التي تسكن الأرض من حيوانات وطيور وغيرها، لقد حبى الله الإنسان بعقل يستخدمه في تسخير ما تحتوي عليه الطبيعة من خيرات في توازن واحترام لها ، فالإنسان يستغل خيرات الطبيعة : يكتشف ويخترع، ويصنع ويستخدم ويعمر الأرض، وعلاقة الإنسان بالطبيعة كانت على مر الزمان متوازنة.
قالت المعلمة: ومن أهم مشكلات البيئة انقراض بعض أنواع الحيوانات، والاستهلاك الزائد وتلوث الهواء الطلق والتصحر واستنزاف الموارد الطبيعية ،وعلاوة على ذلك التلوث الاجتماعي في البيئة مثل الفقر والجوع والحرمان والهجرة والأطفال المشردين في الشوراع وإدمان المخدرات وغيرها من القضايا ،وأكثر ما يفسد البيئة هو هدر الموارد الطبيعية.
قال جهاد: ولكن أخطر أنواع التلوث هو التلوث الفكري؛ لأنه جزء لا يتجزأ من التلوث البيئي، وذلك نتيجة الصراع النفسي مع الطبيعة مما يؤدي الى اختلال التوازن البيئي.
وأضافت مايا: الطبيعة توفر للإنسان كل ما يحتاجه من أكل وملبس وملاذ، والإنسان يعيش هذا التفاهم الضمني في تناغم مع الطبيعة ،ثم ظهرت الثورة الصناعية في أوروبا ،و بدأت معها الاكتشافات للقارات،ثم تلتها الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر والتقدم التكنولوجي والتوسع الديموجرافي ،وهنا بدأ ظهور خلل في علاقة الإنسان مع الطبيعة،خاصة بعد موجات الاستعمار الآوروبي لأمريكا وآسيا وإفريقيا والاستيلاء على ثرواتها واستغلال أهلها بدعوى إنقاذ أهلها من الجهل والوثنية.
ثم توالت السنون إلى أن وصلنا للعصر الحالي، حيث يعيش العالم بروز وهيمنة القطبين الأمريكي الأوروبي والروسي والصيني.
قالت جمانه: قد تم استغلال الطبيعة من طرف الإنسان المعاصر ، بطريقة ممكنة تأكل الأخضر واليابس. وأصبحت علاقته بها علاقة استنزاف للثروات الباطنية، دون أن يعير انتباها للأضرار المترتبة على الطبيعة وساكنيها من إنسان ،وحيوان وطيور وأسماك وغيرهم.
وشارك عبدالرحمن قائلا: دعا الإسلام الإنسان أن يستفيد من هذه البيئة، وأن يحافظ عليها، ولا يؤذيها ولا يفسدها، ولا يشوه جمالها ولا يذهب بنقائهما ولا يتلف ومنافعها ولا يُضَيِّع ثرواتهما ولا يهلك وحيواناتها بل يحميها من التلف والعدوان والإسراف والتبدير.
وعلقت المعلمة: لقد بين الله عز وجل واجبات الإنسان نحو الطبيعة يقول الله تعالى ( وكلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رزْقِ اللهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) ،بمعنى كلوا من المن والسلوى، واشربوا من الماء فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة، ولا تسعوا في الأرض مفسدين
ويقول الله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ )
وأخبرهم أن الماء أي: موردهم الذي يستعذبونه، قسمة بينهم وبين الناقة، لها شرب يوم ولهم شرب يوم آخر معلوم.
واضاف مجاهد : يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة ، فإذا جاءت الناقة حضروا اللبن وأن أخطر انواع الحروب المستقبلية هي حرب المياه وذلك نتيجة الهدر الزائد.
وقالت دارين: لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرس الأشجار والنخيل، في حديث رواه أنس بن مالك : ” ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة.”
عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر ، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة .
وفي حديث آخر عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا ، كان حقا على الله أن يعينه ، وأن يبارك له “.
وفي ذلك خير كثير منها أنّه مصدر غذاء للكائنات، وتصفية للهواء، وامتصاص الملوثات، وفيه ترسيب للتربة، وتزويد الهواء بالأكسجين، وصدّ سرعة الرياح، وحفظ رطوبة الجو، والقضاء على بعض الجراثيم. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ”
وأضاف إياد: في الحفاظ على البيئة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون” متفق عليه. فهذا الحديث دعوة صريحة إلى حماية البيئة ومنع تعرضها لما يفسدها،
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تحرقنَّ نخلاً، ولا تعقرن بهيمة، ولا تقطعن شجرة ثمر” فلا يجوز تلويث البيئة بأي نوع من أنواع التلوث، سواءً كان بقطع الشجر لغير حاجة، أو الاعتداء على المزروعات و إفسادها، والاعتداء على الحيوانات وقتلها بغير مبرر.
وتدخل جهاد في الحوار قائلاً: كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يبولَ الرجلُ في الماءِ الدائمِ أو الراكدِ ثم يتوضّأ منهُ أو يغتسلُ منهُ” وقال عليه السلام” اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل
وأضافت جمانة: الحفاظ على البيئة يكون أيضا بإماطة الأذى لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ”الإيمان سبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق“.
جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة محذرةً من فساد البيئة ومخاطره وموضحة أسبابه.
و قال جاسم : يقول الله تعالي: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وهذه الآية صورة حقيقية لما يجري حاليا من فساد في البر والبحر على يد بني البشر : فساد وتلوث للبيئة وتغيرات مناخية، وهو ما حدده العلماء في تقلص المساحات الخضراء والتصحر بفعل البشر.
وعلقت المعلمة: قد بين الله عز وجل حال المنافق الذي ليس له همة إلا الفساد في الأرض ، وإهلاك الحرث والنسل يقول الله تعالى ( وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)
وبين الحق سبحانه أيضا حال الطغاة من بني البشر.
قال جهاد: لقد حذر الله الإنسان من إفساد الأرض بقوله ( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )
من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ، وإيفاء الناس حقوقهم من الكيل والوزن ، وترك الفساد في الأرض والفساد في الأرض من عمل الشيطان وأوليائه من بني البشر.
قال تعالى: (ولَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).
قالت دارين: يأمر الشيطان لعنه الله، أوليائه بتغير خلق الله ، ويطيعونه اعتقادا منهم أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، ونذكر في هذا الصدد عملية “استنساخ النعجة دوللي”.
قالت المعلمة : ومن مظاهر الفساد في الأرض نذكر تلويث الجو والبر والوديان والبحار بمواد كيماوية سامة تبيد الأخضر واليابس، وكذا الكوارث البيئية الناتجة عن تفريغ النفايات في البر والبحر أو عن الحوادث النووية والكيماوية “تشرنوبيل” بأوكرانيا ،فوكوشيما باليابان، بوبال بالهند وغيرها” ،أو بسبب غرق السفن المحملة بالبترول في عرض البحر.
وهناك عملية تحويل مصدر مهم للتغذية إلى وقود بحيث يتم بكندا والبرازيل والولايات الأمريكية المتحدة إنتاج الميثانول بواسطة الحبوب والشمندر.
وهذا الوضع أدى إلى ارتفاع أسعارها واستفحال المجاعة في العديد من البلدان الإفريقية الفقيرة.
ونذكر أيضا تغيير أساليب التغذية بالنسبة للحيوان لزيادة الانتاج : استخدام التعديل الوراثي للنباتات لمضاعفة كمية الانتاج. وإطعام الماشية بمواد ملوثة ناتجة عن لحم خراف ميتة تم خلطها بعلف الماشية مما أدى إلى ظهور أمراض فتاكة، كجنون البقر والحمى القلاعية بالنسبة للغنم والأبقار والخنازير، وغيرها.
وايضا استنزاف عدد من غابات العالم من بينها غابة الأمازون، مصدر الأكسجين للعالم، واستبدالها إما بمناطق سكنية أو زراعية أو لاستخراج الوقود الأحفوري، تعد من مظاهر فساد البيئة والتي أدت إلى ظهور الاحتباس الحراري الناتج عن الثقوب المحدث في طبقة الأوزون بالغلاف الجوي.
وكذا استخدام غازات سامة في الحروب المتكررة وتطور العلم الضار، وإطلاق القنبلة النووية في الحرب العالمية الثانية من طرف أمريكا، حيث أبيد سكان مدينتي هيروشيما ونجازاكي في اليابان والطبيعة من حولهما من حيوانات وطيور وأسماك.
ونوه جاسم لأضرار إشعال حروب من طرف الدول العظمى للهيمنة على مصادر البترول ومناجم الذهب وغيرها، حيت تعد من أعظم المفاسد للبيئة وللإنسانية ويقول الله تعالى ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )
بمعنى أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص ، أو فساد في الأرض ، واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية ، فكأنما قتل الناس جميعا .
ومن جديد أضافت دارين: ما يجري للطبيعة من احتباس حراري ومن حروب ومن دمار للحرث والنسل, ومن أمراض لا نجد لها دواء، ومن كوارث طبيعية تقع على مسؤولية الإنسان الذي زاغ عن الطريق التي رسمها الله له في تعامله مع خالقه ومع بني البشر ومع البيئة المحيطة به.
وإن التصدي للفساد سواء كانت حالات فردية أو ظاهرة اجتماعية يعتبر حاجة دينية وأخلاقية وإنسانية بل ضرورة من ضروريات الحياة التي لا يمكن أن تستقيم من دونها.
قال جهاد: فساد البيئة ظاهرة سلبية مدمرة للمجتمع أفراداً وجماعات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا ضرر ولا ضرار”
فالإسلام يحرم سائر أنواع الضرر ، فلا يحل لمسلم أن يضر أخاه المسلم بقول أو فعل أو سبب بغير حق ، وهذا عام في كل حال من الأحوال : فليس له أن يضر بجاره، ولا أن يحدث بمحيطه أي ضرر، بأن يجعل في طرق المسلمين وأسواقهم ما يضر بهم من أخشاب وأحجار أو حفر أو نحو ذلك، إلا ما كان فيه نفعٌ ومصلحة لهم.
وأضافت جمانة: التمسك بمبادئ الإسلام بقيمه ومثله ومعاييره، وأخلاقياته وقواعده، وفضائله، خياراً وحيداً في بناء المجتمع الصالح ، فالإسلام مدرسة جامعة في الطهر والطهارة والعفة والصدق والأمانة، ودعوة للإصلاح والبناء والسلوك القويم والبعد عن كل مظاهر الفساد الذي بات وباءً شديد الوطأة وسريع الانتشار في الوقت الراهن.
قال إياد : يجب على الإنسان أن يغير سلوكه مع غيره في إطار المسؤولية التي وضعها الله عز وجل على عاتقه، باستخلافه على الأرض؛ لأن الأضرار الكثيرة التي يسببها الإنسان لمحيطه؛ والتي أدت إلى فساد البيئة، تنذر في أسوء الأحوال بدمار شامل للبشرية ومن حولها.
وقالت المعلمة هناك علاقات متبادلة بين الإنسان والبيئة ،فبقدر ما تؤثر البيئة على الإنسان، فإن للإنسان أثر على البيئة وليغرس كل إنسان على ظهر البسيطة أنه خليفة الله على أرضه وأنه لمسؤول عن هذه الأمانة.
وأضاف عبدالرحمن: قوانين الطبيعة ماهي إلا تنفيذ لأوامر الله تعالى وإن الإنسان بطبيعته خليفة الله في الأرض له الحق أن يستفيد من الطبيعة بشرط خضوعه لله تعالى.
قال جهاد: يجب علينا نشر الوعي البيئي بين الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي او عقد مؤتمرات أو ندوات أو عمل برنامج حوارية عن البيئة في قنوات الفضائية أو برنامج وثائقية وتحقيقات مصورة عن البيئة أو كتابة مقالات و إنتاج أعمال درامية تحث على الوعي البيئي .
قالت دارين: أنا سوف أقوم بعمل جروب على الواتس والفيس بوك لأهل الحي الذي أعيش فيه من توعيتهم بالموارد الطبيعية وكيفية الحفاظ على البيئة و ايضا أشجعهم على السياحة البيئية وزيارة المحميات الطبيعية
واقترح جاسم أن يتعاون الجميع في شراء مجموعة سلال مهملات ليضعهم في مداخل الحي وفي المدراس.
وقالت مايا: وأنا سوف أقوم بكتابة مجموعة من التغريدات على “تويتر” لأبين مدي أهمية القيم البيئية في القرآن الكريم والسنة النبوية.
وقال إياد: وسوف اكتب مجموعة من اللوحات الإرشادية عن خطورة التلوث المائي والهوائي وأضعهم في شوارع الحي وأنوه فيها عن مدي الاستفادة من النفايات والمخلفات وإعادة تدويرها مرة ثانية كما فعلت ألمانيا ،ودول أخري.
قالت المعلمة: حقا أنتم مبدعون ورائعون، والحل يكمن في الصداقه المستدامة للبيئة وحماية الطبيعة التي خلقها الله بتوازن وتجدد مستمر.