✍️ أحمد رفاعي آدم (أديب وروائي)
طالعنا الأنباء على مدار الأسبوعين الماضيين بخبرين عجيبين لكارثتين بحريتين لسفينة وغواصة ،فأما السفينة فكانت لمساكين ركبوا البحر مهاجرين إلى أوروبا سعياً وراء نعيمها الزائف فانتهى بهم الحال إما غرقى أو مفقودين أو مشردين، وأما الغواصة فكانت تقل خمسة من أثرياء العالم في رحلة لأعماق المحيط الأطلسي غاصوا ليشاهدوا حطام سفينة تايتانك فلم يرجعوا من هناك !.
غرقت السفينة فلم تهتز لإنسانية العالم شعرة، بينما غرقت الغواصة فاهتز كيان العالم وحركت كبرى الدول سفنها وطائرتها وقطعها البحرية بحثاً عنها رغم ضعف الأمل.
غرقت السفينة فنشرت القنوات والصحف خبراً “تافهاً” يفيد بوقوع الحادثة بينما لم تتوقف كبرى القنوات والمواقع الإلكترونية والصحف العالمية عن متابعة جهود البحث عن الغواصة لساعة حتى أن بعض القنوات كانت في بث مباشر لمتابعة آخر تطوراتها!.
غرقت السفينة ومات جُلُّ ركابها بالعشرات فلم يحزن أحد، بينما غرقت الغواصة وفيها خمسة أفراد فلبس الكونُ ملابس الحداد واتشح من فوقه لأسفله بالسواد!.
وذلك منطق عالمنا اليوم، العالم الذي يأبى أن يتخلى عن رداء الطبقية فجعل الناس أقواماً وألواناً وطبقات.. كان ركاب السفينة من فقراء العالم الثالث فلم يؤبه لهم، وكان ركاب الغواصة من أثرياء دول الصدارة فبكتهم البشرية جمعاء ولا تزال!.
فلا يخرج بعدَ اليوم من يهلل لإنسانية الغرب ودفاعه المزعوم عن حقوق الإنسان، فإنهم، أول من يضيعها!.