»»
بقلم ✍️ د. محمد يحيى بحيري
(مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة مدينة السادات بالمنوفية)
يظل دائما للقوالب الفنية والأدبية من السحر والتأثير ما يعجب له أي متأمل، فما أكثر ما رأينا عملا إبداعيا تراجيدي وهو يستدر الدموع ويستخرج الشهقات والتنهيدات كأن المتابعين يتأملون مأساتهم الخاصة، وما أكثر ما رأينا عملا كوميديا وهو يخرج الناس عن طورهم ويكاد يفقدهم توازنهم من فرط الضحك والإنبساط.
والعمل الإبداعى الناجح يظل حديث الناس وشاغلهم اياما عديدة، فترى الناس يتحدثون عن ابطال العمل وشخصياته ويتعاطفون معهم كأنهم أشخاص تربطهم بهم أواصر القربى والصداقة ويتمنون من كل قلوبهم أن ينتصر البطل ويصل إلى ى تحقيق أحلامه.
هذا السحر وهذه المكانة في قلوب الناس تفرض على الأدب والفن مسؤلية كبيرة في بناء الأوطان ونشر القيم الايجابية وتشجيعها وتدعيمها.
وتتزايد هذه الأهمية في عصر العولمة والسماوات المفتوحة الذي نحيا فيه الآن، فلا يتطلب الأمر الآن أكثر من ضغطة زر للانتقال من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وصارت مجرد لمسة للشاشة كافية لتدفق الآراء والمحتوى المتنوع من شتى الجهات والنواحي..ولكن هذا السيل من المحتوى المتدفق على عقول النشء عبر الانترنت ليس كله نافع وليس كله سليم النية، بل إن هذا الطوفان من المحتوى قد يحتوي على كثير من الرسائل المغرضة من أعداء الوطن الذين يحاولون دس سمومهم ونشر أفكارهم الهدامة.
وفي هذا العصر المفتوح صار الوعي السليم و الحس الوطني لكل فرد هو الوقاية الحقيقية من هذه السموم المدسوسة و الرسائل المغرضة، و لكن هذا الوعي بحاجة للغذاء السليم من الأدب و الفن الراقي الهادف الذي ينمو عليه هذا الوعي ويستمد منه الثبات و القوة.
ومن أخطر ما يقوم به اعداء الوطن الآن هو محاولة نشر الروح السلبية وبث روح الاحباط والتشكيك في كل ما هو جميل وكل ما هو وطني..
ويدخل في ذلك محاولات تشويه رموز تاريخنا العريق، بالإضافة إلى محاولات إعادة كتابة التاريخ المتواتر والمُجمع عليه لمحاولة سرقة انجازاتنا التاريخية وسلبها من سجل إنجازات الشعب المصري. لذلك تقع على الادب والفن مسؤولية كبيرة في نشر الوعي بعظمة الوطن والتذكير المستمر بتاريخه العظيم وتسليط الضوء على الانجازات المعاصرة والنجاحات الحالية فهذا هو أفضل رد على أولئك المتربصين وأفضل ضمانة لتدعيم الشعور الوطني وبث روح الثقة والتفاؤل ،بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الأهمية بمكان تسليط الضوء بإستمرار على الكفاءات والنماذج المشرفة الرائدة التي عاشت وتعلمت على أرض هذا الوطن الحبيب، والتي شغلت العالم بإنجازاتها وبنبوغها في شتى المجالات.
وهذه النماذج الوطنية المشرفة بحاجة لأن تبرز على الساحة وأن يجد فيها النشء الأمل والثقة بأنهم قادرون على النجاح و الابداع على تراب هذا الوطن.
في الختام، ما احوجنا الآن الى نشر الوعي وتعزيز الثقة والإنتماء وإلى تسليط الضوء بإستمرار على كل ما هو مشرق وكل ما هو جميل في تاريخ الوطن وفي حاضره بل ،وبالتغنى والمديح في الطبيعة الخلابة الجميلة التي تزخر بها جنبات الوطن، فهذا الوطن العظيم يستحق منا كل تكريم وكل محبة وإعتزاز.