عدالة اجتماعية.. وفرص تعليمية ووظيفية.. ومجتمعات صناعية متكاملة
تأمينات للفلاح وبرامج دعم للمهمشين ونفقات للأرامل والمطلقات
إنشاء دور للأيتام والمسنين وإيواء المشردين وتمكين اقتصادى للخروج من دائرة الفقر
مساعدات نقدية وعينية لـ 3 ملايين مستحق تجاوزت 57 مليار جنيه
وليد شاهين
بدأت حركة الضباط الأحرار فى التشكل بعدما عانت طبقات الشعب الكادحة وبدأت تئن تحت وطئة الإقطاع واستبداد وصايا المستعمر البريطانى، فقاد اللواء محمد نجيب حركة عسكرية ألهمت الشعب المتعطش لحياة أفضل وعدالة اجتماعية تسود أرض المحروسة التى كانت تمتدُ من ساحل البحر المتوسط حتى هضبة الحبشة.
ومنذ اللحظات الأولى بدأت تتحق ثمرات وأهداف نجيب ورفاقه، حيث تم توزيع الأراضى على من أفنوا حياتهم فى خدمتها وارتوت من عرق جبينهم منذ مطلع الفجر حتى زوال الشمس فى مغربها، ويحصلوا بالكاد على فتات عيشٍ يعينهم للبقاء على قيد الحياة؛ لكن تلك الأرض لم تكن يوماً ملكاً لهم، بل كانت تتجمع فى يد حفنة من أصحاب المعالى والفخامة نسباء وحسباء القصر الملكى.
إنطلق قطار العدالة الاجتماعية، فحول مساره إلى الأزقة والحارات والأحياء الشعبية، وانطلق إلى ريف مصر ونجوعها وكفورها، فأصبح للفلاح معولاً يعملُ لصالحه وأضحى له وللموظف البسيط ابناً قاضياً وأستاذاً جامعياً ومحامياً وضابطاً… وغيرها من المهن التى كانت حكراً على طغمة من أصحاب الحظوة أو من يستطيعون إلى ذلك سبيلاً من خلال التقرب لمن فى يده الأمر، وأبرز نتائج هذا التحرك الاجتماعى، صناعة جيل من الرجال استطاع تحقيق أعظم إنتصار مصرى حربى خلال قرون مضت ممثلاُ فى “انتصارات 6 أكتوبر 1973”.
أصبح للفقير دعماً عينياً ومالياً، حيث تمكنت معظم الأسر من الحصول على الدعم العينى الشهرى من الأساسيات التموينية التى كانت تكفيه مستلزمات الطعام طيلة الشهر، إلى جانب دعم الطلاب فى المدارس من خلال حصولهم على أطعمة جافة “تغذية مدرسية” بشكل يومى، ويسبق هذا كله “مجانية التعليم”، إلى جانب الكشف الطبى وإجراء التحاليل على الطلاب بشكلٍ دورى وغير ذلك من أشكال الحماية والعناية بالأجيال الجديدة.
توسعت الدولة فى توفير فرص العمل والمساكن الشعبية والاجتماعية بأسعار ومقدمات منخفضة جداً، وكان أبرز أشكال هذا التطور الإنسانى يتمثل فى إنشاء المجتمعات الصناعية الجديدة المتكاملة، وكانت تضم فى نطاقها جميع الخدمات بدءاً من الوحدات الصناعية والإنتاجية وبجوارها الوحدات السكنية وصولاً إلى إنشاء المدارس والوحدات الصحية والخدمية وإقامة دور العبادة.
خصصت الدولة بعد ذلك معاشاً تأمينياً للفلاح البسيط ومن لا يملك أرضاً ولا وبراً، أطلق عليه معاش السادات، والذى اندرج لا حقاً تحت مسمى الحماية الاجتماعية، كما أنشأت الدولة بنك ناصر الاجتماعى، ليكون رافداً مالياً للبسطاء والضعفاء، فأصبح للأرملة ملازاً وللمطلقة أملاً فى الحصول على نفقةٍ تُعينها على نوائب الدهر خاصةً مع عدم التمكن من تحصيل تلك النفقة من المُطلِق، فأنشأ البنك صندوق تأمين الأسرة المصرية لهذا الغرض.
استحدثت الدولة ممثلةً فى وزارة التضامن الاجتماعى مؤخراً برامج للدعم مثل “تكافل وكرامة”، ومبادرات أخرى للتمكين الاقتصادى مثل “فرصة” لخروج الأسر القادرة على العمل من دائرة الفقر والعوز، وغيرها من المبادرات والبرامج التى تحمى الأسر المصرية وتحافظ على كيانها، علاوةً على الاهتمام بالفئات المهمشة والضعيفة مثل كبار السن والأيتام والأشخاص بلا مأوى، وصولاً إلى الأشخاص ذوى الإعاقة، مع إصدار مشاريع قوانين تنص على حقوق كل فئة، ومعظمها أكد عليها الدستور المصرى، وقامت الوزارة بتقديم الدعم للعمالة غير المنتظمة من خلال عدد من المبادرات.
حصاد 9 سنوات
وخلال تلك السطور نرصد أبرز ماتم خلال التسع سنوات الماضية فى مجال الحماية الاجتماعية التى قدمتها الدولة للفئات المستحقة وفقاً للجداول والدراسات البحثية الاجتماعية التى تم إجرائها على مدار عقود مضت.
وفرت وزارة التضامن الاجتماعى دعماً نقدياً لإجمالي 5,2 مليون أسرة فقيرة بما يشمل 22.5 مليون فرد تقريبا، ما بين 60% مستفيدين من “تكافل”، 40% مستفيدين من “كرامة” بالتنسيق مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.
كما تم تقديم مساعدات نقدية وعينية لإجمالي عدد 3 مليون مستفيد باجمالى تكلفة بلغت 56,660 مليار جنيه.
أطلقت التضامن مبادرة للتمكين الاقتصادى للعمالة غير المنتظمة تستهدف توفير فرص عمل لإجمالي٣٠ ألف مستفيد في عدد ١٦ محافظة الأكثر عدداٌ في العمالة غير المنتظمة بقطاعات التشييد والبناء، الصيد، الزراعة، إدارة المخلفات، الحرف اليدوية والمهنية، وغيرهم، ويتم التنفيذ مع الجمعيات الاهلية والجهات الحكومية والقطاع الخاص بميزانية تقدر بـ٥٧٠ مليون جنيه.
وبالتزامن مع الاهتمام ببرامج الدعم، لم تغفل الدولة عن أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم، حيث رفعت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى الحد الأدنى للأجر التأميني من 400 جنيه مطلع 2014 ليصبح 1,700 جنيه في الأول من يناير 2023، كما تم رفع الحد الأقصى للأجر التأميني من 1,590 جنيه ليصبح 10,900 جنيه عن ذات الفترة.
كما تم زيادة قيمة المعاشات المنصرفة سنوياً من 86,5 مليار جنيه في 30/6/2014 ليصبح 294,3 مليار جنيه في 30/6/2022 ، كما تم زيادة عدد أصحاب المعاشات والمستحقين من 8,7 مليون ليصبح 10,7 مليون عن ذات الفترة.
فيما بلغت نسبة الزيادة السنوية في المعاشات من 10 % في 1/7/2014 لتصبح 15 % في 1/4/2023 ، كما بلغت تكلفة زيادة المعاشات السنوية من 8 مليار جنيه في لتصبح 55 مليار جنيه عن ذات الفترة.
تكافؤ الفرص التعليمية
وإنطلاقاً من النهجت الذى اتخذته الدولة منذ نحو سبعون عاماً، فقد حافظت على مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين أبناء الشعب والواحد، حيث تقول وزارة التضامن الاجتماعى فى أحدث تقاريرها: إن 5 مليون طالب من غير القادرين تم اعفاءهم من المصروفات الدراسية خلال العقد الأخير سواء من برنامج “تكافل” أو من برنامج “تكافؤ الفرص التعليمية”.
وكان لبنك ناصر الاجتماعى الدور الأكبر فى تقديم يد العون لملايين الأسر الضعيفة والأولى بالرعاية والراغبة فى تحويل مسار حياتها إلى الأفضل من خلال العمل والإنتاج، حيث قدم البنك 99,8 مليار جنيه قروض للأنشطة الاجتماعية والاستثمارية ممولة من البنك، استفاد منها 21,7 مليون مواطن.
كما تم تمويل 24 ألف مشروع “مستورة” من خلال بنك ناصر الاجتماعى بإجمالي تكلفة بلغت 456 مليون جنيه مصري.
فى حين بلغ إجمالي المنصرف لتغطية نفقة المطلقات وأطفالهم 6,27 مليار جنيه مصري لتغطية أحكام نفقة المطلقات وأطفالهم لإجمالي 315.3 ألف سيدة من المطلقات والمهجورات، وذلك من خلال صندوق تأمين الأسرة تحت مظلة بنك ناصر.
من ناحيةٍ أخرى، دأبت وزارة التضامن الاجتماعى –مع اختلاف مسمياتها على مدار الحكومات المتعاقبة- على رعاية وتأهيل وحماية الأشخاص ذوى الإعاقة، حيث وفرت دعماً نقدياً لـ 1,214 مليون شخص من ذوي الإعاقة بإجمالي تكلفة 8.2 مليار جنيه مصري سنوياً وذلك خلال الفترة الأخيرة فقط.
كما تم استخراج عدد 1,17 مليون بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة، بالإضافة إلى استفادة عدد 1,9 مليون من الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال عدد 795 من الكيانات التأهيلية والرعائية.
أكدت الوزارة أنه يتم دعم الطلاب الصم وضعاف السمع بالجامعات الحكومية المصرية وذلك بتوفير مترجمي لغة الإشارة بالجامعات بتكلفة اجمالية وقدرها 3,4 مليون جنيه، فيما يتم دعم الطلبة والطالبات المكفوفين بالجامعات الحكومية المصرية في عدد 18 محافظة وتوفير أجهزة لاب توب ناطقة باجمالى مبلغ 22 مليون جنيه.
رعاية كبار السن
ولم يتوقف قطار الحماية والعدالة الاجتماعية عند هذه الفئة فقط؛ بل امتد ليحمل على متنه مهمة رعاية كبار السن والأطفال الأيتام، حيث أنشأت الدولة 168 دار مسنين، استفاد من خدماتها قرابة خمسة آلاف من المسنات والمسنين موزعين على 22 محافظة، كما بلغ عدد المستفيدين من 190 نادي مسنين إجمالي 39 الف مسنة ومسن.
وتم إعفاء المسنين فوق سن 70 سنة من مصروفات المواصلات العامة بما يشمل السكك الحديدية ومترو الأنفاق، هذا بالإضافة إلى إعفاء من بلغوا 65 سنة بنسبة 50%.
من ناحيةٍ أخرى، قامت الوزارة بتقديم مقترح لأول قانون بشأن “حقوق المسنين”، وتم مناقشته من قبل مجلس الوزراء وكل من مجلسي النواب والشيوخ، ومنتظر صدوره قريباً في الدورة البرلمانية الحالية.
أظهرت تقارير وزارة التضامن أنه يتم تقديم الدعم النقدي من برنامج تكافل وكرامة لإجمالي عدد 27,7 ألف يتيم بإجمالي تكلفة 145 مليون جنيه مصري سنويا، من الأطفال الذين يعيشون في أسر طبيعية أو أسر ممتدة أو أسر كافلة.
كما قامت فرق التدخل السريع التابعة للوزارة بالتعامل مع عدد 24743 بلاغًا واستغاثة تنوعت بين حالات للأطفال والكبار بلا مأوى، وتدخلات بمؤسسات الرعاية، ودور استثنائي مع المشردين فى مجابهة التغيرات المناخية من شدة البرودة والحر الشديد.