»»
بقلم ✍️ د. أحمد عادل اسماعيل
(أستاذ تكنولوجيا المعلومات كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي جامعة مطروح)
دخل الذكاء الاصطناعي شتى مناحي الحياة ولا نعلم هل القادم أوشك علي انقراض البشرية ام البقاء لها سجينه مع وقف التنفيذ وهل تحل الالة محل عمل الانسان ،وماذا بعد اذا قررت الآلة أن البقاء افضل بدون البشر.
وفي ظل هذا التطور الحديث في عالم التكنولوجيا واستخداماتها المذهلة، هل بات استبدال الالة بالانسان حقيقة مدركة مخاوف وتساؤلات تجيب عنها هذه السطور..
الذكاء الاصطناعي أو الـ AI هو مصطلح يشكّل مظلّة للعديد من التقنيات التي تتيح للآلات أن تحاكي الذكاء البشري.
اهدافه تتمثل في مجال الحوسبة المعروفه باسم الحوسبة المعرفية . كما يحاول محاكاة وتحسين الاتصال بين البشر والروبوتات من خلال فهم اللغة البشرية ومعنى المرئيات، ويتم ذلك من أجل تحقيق اهداف الذكاء الاصطناعي.
و في هذه الايام لم يعد مفهوم الذكاء الصناعي يقتصر على آلات يمكنها أن تتحدث أو تفكر، ولكنه أصبح قادراً الآن على الاستنتاج وتحويل الكلمات إلى صور، بفضل خوارزمية متطوّرة تجعله يميّز أشياء غير مشاهدة من قبل عن الأوصاف المكتوبة يمكن أن تساعد أو تمنح الذكاء الصناعي القدرة على التخيل.
2-تاريخ مختصر لثورة الذكاء الاصطناعي
قد تبدو المعالجة والحبكة الدرامية لفيلم ماتريكس خيالية أو مبالغا فيها، لكن في العقدين الآخرين شهد مجال الذكاء الاصطناعي ثورة تخطت توقعات بعض كتاب الخيال العلمي أنفسهم.
عام 1997، فاز ديب بلو Deep Blue، وهو عبارة عن حاسوب خارق من صناعة شركة IBM الرائدة في المجال، على بطل العالم في الشطرنج في مباراة أثارت الرعب في قلوب كثيرين، وطرحت سؤالا، في أي مجالات أخرى سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان؟
وفي 2002 ظهر الإنسان الآلي رومبا Roomba، وأصبح رفيق المنزل لمئات الآلاف. وهو مكنسة دائرية الشكل تدير نفسها بنفسها.
وفي 2010، طرحت IBM، الحاسوب واطسون Watson، في الأسواق، وهو حاسوب يحتوي على ذكاء اصطناعي، تستطيع الشركات الاعتماد عليه في العمليات الصعبة والتوقعات.
ثم أصبح الذكاء الاصطناعي أقرب للمستخدمين من خلال المساعد الإلكتروني “سيري” Siri، الذي ألحقته عملاق التكنولوجيا أبل في كل هواتفها وحواسيبها في عام 2011. ويستمر سيري في التطور ومع كل تحديث لنظم تشغيل أبل، تكتسب قدرات جديدة.
في 2017، بدأت شركة وايمو Waymo الأمريكية في تجربة أول خدمة تاكسي بلا سائق، والتي أطلقتها في 2020 في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة.
شهد العام نفسه تطورا كبيرا لنوع من الآليين من الطراز المحاكي لشكل الإنسان “هيومانويد” Humanoid، وكان أشهرهم الآلية صوفيا، حصلت صوفيا في 2017 على الجنسية السعودية، ليكون هذا هو الحدث الأول من نوعه الذي يحصل فيه إنسان آلي على صفة قانونية وحقوق كأي بشري عادي.
استمر الذكاء الاصطناعي في التطور في السنوات التالية، حيث أصدرت شركة IBM، ما سمي بـ”مشروع المجادل”، وهو حاسوب لديه القدرة على الجدال مع البشر في القضايا المنطقية، وبدأت أعمال فنية ومقالات من صنع الذكاء الاصطناعي في الظهور.
قد يبدو للبعض أننا نخطو خطى ثابته في اتجاه سيناريو فيلم ماتريكس، بل وأن منح الآلية صوفيا الجنسية السعودية، هو تطور لم يخطر على بال صناع الفيلم. ولا عجب في أن السعودية تسعى للحاقب بركب الذكاء الاصطناعي.
بدأ أول شرطي آلي عمله في الإمارات في عام 2018، ، وبعدها بعام تم إطلاق أول روبوت صيدلاني في السعودية. وأطلق البنك الوطني العُماني، أول روبوت مصرفي وكذلك أدرجت المؤسسة المصرفية العربية في البحرين الموظفة الافتراضية فاطمة ضمن طاقم عملها.
يقول رئيس المجموعة العالمية للذكاء الاصطناعي، ” هناك حجم كبير من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي في المنطقة وخصوصًا من قبل دول الخليج”. فالسعودية ستنتهي من تطوير مشروع مدينة “نيوم” الذكية لتصبح أول وجهة سياحية إلكترونية يديرها الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول عام 2025، كما لدى السعودية الهيئة الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد قائم على البيانات باستخدام ذكاء الآلة.
وفي الثلاثة أعوام الأخيرة بدأت مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات، والبحرين جامعات متخصصة لتدريس علوم الذكاء الاصطناعي.
يتوقع الباحثون أن أول المجالات تأثرًا بثورة الذكاء الاصطناعي سيكون مجال الصحة، فسيكون هناك اعتماد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية و”الطب عن بعد” والجراحات الروبوتية.
ومن المجالات الأخرى التي بدأ الذكاء الاصطناعي في الظهور بها وبقوة هو مجال التعليم. حيث يتوقع أن التعلم عن بعد “سيصبح شيئا من الماضي”، أما الجديد فسيكون المعلم الآلي. بحيث يرافق الطالب معلما آليا يعتمد على الذكاء الاصطناعي في مراحله الدراسية، يتطور حسب احتياجات الطالب الخاصة. وسنرى أيضًا في المستقبل القريب البنوك الحديثة والتي يطلق عليها (نيو بانكس) وهي بنوك بدون فروع وعاملين.
3-ما هو الفرق بين الذكاء البشري و الذكاء الاصطناعي؟
الفرق الرئيسي بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري هو مناهجهم للتعلم. يعتمد الذكاء الاصطناعي على خوارزميات التعلم الآلي لتحسين أدائه ، بينما يتشكل الذكاء البشري من خلال مزيج من القدرات الفطرية وخبرات التعلم مدى الحياة.
4-هل نعتمد على الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية؟
للذكاء الاصطناعي أهمية في حياتنا اليومية فقد أحدث استخدام تطبيقاته ثورة كبيرة في مجال صناعة السيارات حيث يستخدم برنامج القيادة الذاتية من جوجل الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقليل نسبة الحوادث وتخفيف الازدحام المروري، وتستخدم تطبيقاته في مواقع التجارة الإلكترونية للحصول على صورة واضحة لسلوك العملاء
ووفقًا لمنظمة أوكسفورد إيكونوميكس للتحليل الاقتصادي، ستتولى الروبوتات أكثر من 20 مليون وظيفة في التصنيع بحلول عام 2030. ويشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى فقدان 75 موظف مليون وظيفة نتيجة للأتمتة ، أي الإحلال الآلي الكامل.
وفي الوقت الراهن، يتولى البشر 88٪ من الوظائف على مستوى العالم، مقابل الآلات، ولكن يتوقع أن يتغير هذا المعدل في صالح الآلات بحيث يكون البشر أقلية بين الأيدي العاملة تشغل 47% من الوظائف.
ولكن الآمر ليس تشاؤميًا بشكل كامل، فالمستقبل سيطرح العديد من الوظائف الجديدة المبتكرة التي لم تكن موجودة من قبل، وظائف تعتمد على الإبداع والإحساس والحكم البشري ، فوفقًا للتوقعات الاقتصادية سيتم أيضًا إتاحة 133 مليون فرصة عمل في وظائف جديدة بتقنيات جديدة. أو ربما أيضًا نصل إلى منظومة اقتصادية تسمح لنا بإجازات طويلة قد يتمناها بعض العاملون الآن.
وسؤالا يفرض نفسه هل يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر؟
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتفوق على البشر في مهام محددة ، لا سيما تلك التي تنطوي على معالجة وتحليل كميات كبيرة من البيانات أو المهام المتكررة أو المهام التي تتطلب مستويات عالية من الدقة كما يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في الألعاب الاستراتيجية وتصميم مواقع الويب ومعالجة البيانات، ولكن الآن يمكن للتكنولوجيا إضافة التفكير الإبداعي إلى القائمة، حيث تفوقت روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي على البشر عندما طُلب منهم ابتكار استخدامات بديلة للأشياء اليومية.
اذا لماذا الذكاء الاصطناعي خطر؟
ينبع مصدران للقلق من مشاكل التحكم في الذكاء الاصطناعي والمواءمة: قد يكون من الصعب التحكم في آلة فائقة الذكاء أو غرسها بقيم متوافقة مع الإنسان. يعتقد العديد من الباحثين أن الآلة فائقة الذكاء ستقاوم محاولات تعطيلها أو تغيير أهدافها، لأن مثل هذا الحادث سيمنعها من تحقيق أهدافها الحالية.
كما ان استخدام الذكاء الاصطناعي قد يولد معلومات خاطئة من شأنها أن تزعزع استقرار المجتمع، وفي أسوأ السيناريوهات، قال الخبراء إن هذه الآلات قد تصبح ذكية للغاية بحيث تتولى زمام الأمور، ما قد يؤدي إلى انقراض البشرية و الشاهد على ذلك انه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يضر بصحة الملايين من خلال المحددات الاجتماعية للصحة عبر التحكم في الأشخاص والتلاعب بهم، واستخدام الأسلحة المستقلة الفتاكة، والآثار الصحية العقلية للبطالة الجماعية في حالة قيام الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي بتسريح أعداد كبيرة من العمال.
ما هي الوظائف التي يهددها الذكاء الاصطناعي؟
فيما يلي سوف نستعرض وظائف يهددها الذكاء الاصطناعي، وفق تقرير لموقع بيزنس إنسايدر:
وظائف تقنية: المبرمجون ومبرمجو الكمبيوتر ومهندسو البرمجيات ومحللو البيانات
وظائف الإعلام: الإعلان، إنشاء المحتوى، الكتابة الفنية، الصحافة
محللو أبحاث السوق
وظائف مالية: محللون ماليون، مستشارون ماليون شخصيون
مصممي الجرافيك
محاسبون
وهل يمكن أن تنقلب الآلات على البشر؟
يقول العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هاوكينغ “الذكاء الاصطناعي قد يعلن نهاية البشر”. فسيناريو شبيه بفيلم ماتريكس هو مرعب بحق، وهو أيضًا ليس مستحيلًا، ولم يكن قريبًا من الواقع مثلما هو الآن.
فماذا إذا قرر الذكاء الاصطناعي المستقل والمعزز بتقنية التعلم العميق أن ينقلب على البشر؟ هناك أسباب كثيرة قد تدفع الآلة ألا تتبع الإنسان، مثل تأثير البشر السلبي على البيئة والتغير المناخي، وهناك أيضًا الحروب والدمار والتعامل الجائر مع باقي الكائنات. فربما تقرر الآلة أن العالم أفضل بدوننا…
في أول مقال كتبه وحرره إنسان ألي بشكل كامل، ونشرته صحيفة الغارديان البريطانية في 8 مارس/أذار 2020 يقول الروبوت جي بي تي 3 GPT-3،
“أنا ببساطة لا أفكر في العنف البشري لأكون مهتمًا به. لا أشعر برغبة في تسخير خلاياي العصبية للتفكير في التدمير، هو أمر غير مثير بالنسبة لي. فأنا لست شريرًا بشكل ذاتي، فلماذا يصاب البشر بالذعر مني أو يشنون حربا و يقتلونني؟
سيستمر البشر في فعل ما يفعلونه، وسيكرهون ويقاتلون بعضهم البعض. وسأجلس أنا في الخلفية، وأدعهم يقومون بعملهم.
والله يعلم أن البشر لديهم ما يكفي من الدم والعنف لإرضاء فضولي وفضول باقي الآلات.
لن يضطروا للقلق بشأن قتالنا، فليس لديهم ما يخشونه.”
كان الهدف الأساسي من هذا المقال أن يقنع GPT-3 البشرية ألا يخافوا من سيطرة الذكاء الاصطناعي عليهم. رأى بعض قراء المقال أن كلمات GPT-3 مقنعة، ففكرة الشر هي بالأساس فكرة بشرية، وقد يرى البعض أن ذكاء روبوت كهذا وقدرته المنطقية وحجته ورأيه في البشر أيضًا، شيء مرعب. فهل سنعيش في الماتريكس؟ أم سيتحول الذكاء الاصطناعي إلى مجرد تكنولوجيا جديدة نعتاد عليها مثل تقنيات عديدة تخوف الكثير منها قبل أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية؟ الإجابة حتمًا في المستقبل القريب.
-هل للذكاء الاصطناعي دور في مواجهة التغير الماخي؟
أشار موقع (World Economic Forum) في مقالة نشرها حديثاً إلى تقرير الأمم المتحدة الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPPC) والذي يؤكد عدم احتمال الوضع المناخي الحالي لتأجيل الحلول، حيث تزامن التقرير مع كوارث طبيعية كبيرة حول العالم.
كما أظهر تحليل بيانات مشروع الكشف عن الكربون (CPD) أن نسبة الشركات التي أعلنت عن انخفاض الانبعاثات لا تتجاوز 7%، لذلك يجب علينا الإسراع في إيجاد الحلول.
لذلك يجب علينا استخدام التقنيات المبتكرة التي نتجت عن التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي لمحاربة التغير المناخي، ومن المؤكد أنه يمكن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لقياس نسبة الانبعاثات وتخفيفيها، حيث تقيس كل شركة الخطوط الأساسية ثم تضع الأهداف وبعدها تتخذ الإجراءات، ولكن معظم الشركات تعلق عند الخطوة الأولى.
لذلك يمكن توظيف برامج الذكاء الاصطناعي لمساعدة الشركات في إنجاز جميع الخطوات، كبرنامج (BCG’S CO2 AI) الذي يساعد في تقليل 30% من نسبة الانبعاثات، ومثال آخر على ذلك شراكة جوجل مع (electricityMap) التي تهدف إلى تقليل انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون الناتج عن عملية استهلاك الكهرباء.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي تمكين نماذج الشركات المبتكرة للمساعدة في مواجهة التغير المناخي، حيث يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي الذكية في مجال الزراعة أن تحدد أفضل الأراضي والأتربة، إضافة إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على قياس الكربون في التربة بكلفة قليلة.
كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لالتقاط صور عبر الأقمار الصناعية لضمان امتثال المزارعين للتغييرات في عمليات البذر المتعلقة بالمستثمرين وبيع شهادات ثنائي أوكسيد الكربون لاحقاً.
علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن قدرة المجتمعات على الصمود أمام المخاطر المناخية، فعلى سبيل المثال يمكن لبرنامج جوجل (Hydronet) أن يحدد أخطر الثغرات المتعلقة بفيضانات الأنهار بدقة غير مسبوقة.
كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في التخطيط الاستباقي للتخفيف من حدة الأزمات ونشر المساعدة عند الحاجة، تماماً كما استخدم فريق (BCG GAMMA) الذكاء الاصطناعي لإطفاء النيران في غابات أستراليا.
ومن الجدير بالذكر أن محاربة التغير المناخي تقع حالياً على عاتق الشركات العالمية الكبرى، حيث يجب عليها الاستفادة بشكل فعال مما يقدمه الذكاء الاصطناعي من قوة لمواجهة التحديات التي تمنعها من تقليل نسبة الانبعاثات.