بقلم ✍️ د.حاتم عبد المنعم احمد
(أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس)
عصر ما بعد الحداثة أو نظرية ما بعد الحداثة تعتمد على متغيرين مهمين المتغير الأول تكنولوجي وهو عصر الانترنت والسماوات المفتوحة، والتي جعلت العالم قرية صغيرة ممكن لأى شخص في أي مكان رؤية ما يجرى في مكان آخر ،وهو تطور تكنولوجي خطير لغى المسافات والعزلة وله آثار متعددة في شتى المجالات سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او مجالات العمل والدراسة وكافة مجالات الحياة تقريبا.
والمتغير الثاني لعصر ما بعد الحداثة هو متغير معرفي حيث يرى علماء ما بعد الحداثة أن الحقيقة البشرية نسبية ونضع خطا تحت الحقيقة البشرية بمعنى انه ليست هناك حقيقة بشرية مطلقة تصلح لكل زمان ومكان فمثلا النظام السياسي اأو الاقتصادي الذى قد يصلح في الغرب قد لا يصلح في الشرق أو النظام السياسي الناجح في دولة قد لا يصلح لدولة أخرى هذا من حيث المكان.
وتمتد الفكرة بالطبع للزمان بمعنى ما قد يكون مناسب في الماضي قد لا يناسب الحاضر او المستقبل لأن لكل مكان وزمان ظروفه المتغيرة وبالتالي لا يوجد حقيقة بشرية مطلقة أو دائمة ومن ثم يجب إعادة النظر وإعادة التفكير والتحليل بشكل مستمر للتصحيح او التغير لكل أفكار الحاضر والماضي بما يناسب كل زمان وكل مكان.
واذا حاولنا تطبيق هذه النظرية على ما يحدث الاغن في فلسطين المحتلة نجد العدو هو الخاسر الأعظم او الأكبر في هذا العصر وذلك سواء بسبب الجانب التكنولوجي او المعرفي حيث أن العدو قائم على مجموعة من الأكاذيب مثل إنهم ضحايا للعنف العربي وانهم دولة متحضرة وضحية لجيرانها، وغير ذلك من أكاذيب يصدرونها للعالم.
ولكن الآن في عصر الانترنت يصعب استمرار هذه الأكاذيب ومؤكد سوف تتغير الصورة الذهنية للعدو في الغرب رويدا رويدا بالرغم من نفوذ العدو وسيطرته على كثير من المواقع الالكترونية المفتوحة لكن علينا العمل العربي المشترك لكى تكون لنا مواقعنا للرد على الأكاذيب وتوضيح الحقائق ،ولذلك شاهدنا في الأحداث الأخيرة بعض الوقفات المؤيدة لفلسطين في بعض الولايات الامريكية وبعض البلدان الغربية ،وقد تكون محدودة ولكنها بداية مبشرة ،وإن شاء الله سوف تزداد وعلينا كمواطنين ودول الكثير في هذا المجال لتوصيل صوتنا والحقيقي للعالم والتغيرات التكنولوجية الحديثة في صالحنا أو صالح الحق والحقيقة، فلم يعد من السهل الآن تزييف الوقائع ومن الجانب الثقافي لعصر أو نظرية ما بعد الحداثة أنه ليس هناك حقيقة بشرية مطلقة.
ويجب إعادة النظر في القضايا والمواقف من حين لأخر وهذا المتغير أيضا ليس في صالح العدو لأنه مع تغير الصورة الذهنية لهم من انهم ضحايا إلى العكس ومع إعادة التفكير والتحليل سوف يتغير تأييد أمريكا والغرب تدريجيا لدى الشعوب مما سيترتب عليه بعد ذلك تراجع سياسات التأييد للعدو من حكوماتهم بل أتصور أن الأحداث الأخيرة ونقلها للعالم حتى من شاشات العدو واستغاثتهم بالدول الكبرى وطلب معونات عسكرية لمواجهة منظمة شعبية له آثار سلبية خطيرة على العدو بل حتى ادعاءات العدو بوحشية حماس وقتلها للأبرياء اليهود ،حتى هذه الأكاذيب ليست في صالحهم لان النتيجة واحدة وهى ان إسرائيل بلد غير آمن ولم تنجح في توفير الامن لمواطنيها بغض النظر عن المتسبب أو الأسباب فالنتيجة واحدة وهى تعكس تخبط السياسات الإسرائيلية وفشلهم الكبير في توفير الامن والأمان لشعبهم إذا جاز مسمى شعب لأنهم من أصول متعددة مع مستجدات ما بعد الحداثة.
أتوقع عزوفا وتراجعا كبيرا في معدلات هجرة يهود العالم إلى ارضنا في فلسطين بل أتوقع هجرة عكسية وخروج اعداد كبيرة من اليهود إلى خارج فلسطين، ومن ثم فإن المستقبل القريب في صالح الحق وفى صالحنا إن شاء الله، وخاصة أن العدو يفتقد المقومات الأساسية لدولة مستقرة فليس هناك مجتمع متجانس فهم من اجناس شتى وتوجد تفرقة عنصرية داخلية وليس هناك تاريخ او حتى لغة واحدة تجمعهم وحتى الجغرافيا مساحة صغيرة وسط محيط عربي كبير.
والخلاصة أن مقومات انهيار دولة الاحتلال تزداد يوما بعد يوم وعلينا كعرب توحيد الصفوف وإخلاص النوايا لنعجل بهذا اليوم ان شاء الله قريبا.. وإن ينصركم الله فلا غالب لكم والله ولى التوفيق.