»»»
بقلم ✍️ د.حنان سالم
(دكتوراه الفلسفة المعاصرة – كلية الآداب -جامعة العريش)
وسط هذه الجراح المندملة والمآسي وموجات الإبادة الجماعية، والمجازر اللإنسانية التي تقترفها قوات الصهاينة في غزة استفزني ڤيديو لناشطات اللي “مايتسموا” أو “اللي يتسموا بسم فئران”، واللاتي يشبهن”الطهر والعفاف” القابع تحت وطأة الاحتلال خمسة وسبعين عاما ب “أمهات الكاتشب” وتدعي ادعاء زائفا ومقيتا أن المرأة الفلسطينية التي هي رمز القوة والشجاعة، بأنها تمثل وتتصنع مواقف نضالية، إذ قالت إحدى النشاطات في الڤيديو “تعالي أعلمك التمثيل، اسكبي بعض الكاتشب والألوان الزائفة علي وجهك لإيحاء أنك خرجت من تحت الرماد والركام “!!.
فهذه المضللة تدعي كذبا وافتراء أن المرأة الفلسطينية تضلل الناس والإعلام بهذا الزيف، كما أنها تستخف بمعاناة، وآلام الأمهات الفلسطينيات، التي يشهدها العالم يوميا علي مواقع التواصل والانترنت، وكذلك مآسي المدنيين في قطاع غزة، القابعين منذ أكثر من أسبوعين تحت القصف الإسرائيلي والدمار.
هذا الصمود والقوة يشيران إلي مواقف لاتحتمل السخرية، والتنمر ولا تصدر هذه السخافات إلا من مرضي ومريضات نفسيين، لا يعرفن الحياة الكريمة والنضال الشريف، سوي اغتصاب الحقوق وحسب .
إن العفاف والطهر والصمود والشجاعة والنقاء هي صفات أصيلة للمرأة الفلسطينية، لا ينكرها إلا جاحد أو ضال عن طريق الحقيقة.
فقد عانت المرأة الفلسطينية سنوات طوال من القهر والتهجير والقتل والفقدان، وأخيرا الإبادة والوحشية والتصفية الجسدية بلا رحمة أو ضمير.
ولا يسعني في هذا الصدد إلا أن أقول : شكرا أمهات فلسطين.. شكرا انتفاضة الاحرار، شكرا طوفان الاقصي فقد أسهمتم جميعا في تنشئة أجيال أصبحوا نماذج للبطولة والفداء، تتمني كل أم أن تربي أطفالها مثلهم، فإذا نظرت إلي صور الأطفال، وزهروات فلسطين فإنك تشعر بأنك كنت تتمني لو تربي أولادك مثلهم علي القوة والشجاعة والتضحيةوقوة الإرادة والصمود. كما رأينا في مواقع التواصل لإحدي المؤثرات المصرية تقول “تعالي اقولك تربي أولادك ازاي” وبدأت في عرض صور الصمود لأطفال ورجال فلسطين .. لك كل التحية يا أم الجهاد.
وستظل فلسطين الأم الكبري الحنون التي أنجبت مئات الآلاف من أمهات النضال. الأم الفلسطينية، التي تحملت مشاق وويلات الاحتلال المتغطرس، تربي، وتنشيء، وتغرس وتحث علي القيم الأخلاقية واحترام تعاليم الدين، مع كل أشكال الدمار من حولها صبرت واحتسبت عند ربها علي أمل تحيا حياة كريمة في وطنها مثل أخريات العالم.
إن المرأة الفلسطينية هي الآن أميرة نساء العالم، وعلى الرجال أن يخجلوا منها، وعلى القمر أن يتوارى من جمالها وخلقها الحسن الذي تحاكت عنه سيدات العالم. فهي الفقيرة اليتيمة الأرملة الثكلى أم الشهيد والجريح والأسير، التي لم تنحن ولن تنكسر أبدا .
إلا أنت يا منبع الطهر والشرف والعفاف فلم تقدمي نفسك إلا شهيدة،
إلا أنت يا غصن الزيتون عصرتك المحن ولم تخضعي أو تخنعي ولن تنكسري.. بل صمدت وواجهت كل المحن لا تحزني سيدة النضال.. ..
فقد جسّدت أروع آيات النضال والتضحية كما جسّدت بنضالك ودمائك الزكية أروع ملاحم الشجاعة، والتحدي، والفداء، وقدمت روحك الطاهرة، حبا للوطن وحريته، وادخرت دماءك جسرا تعبري به للجنة فهنيئا لك بشريات الرحمن في اعلي الجنان.
أما عن تضحياتك فقد ربيت الخلق الطيب، وغرستي القوة والتحدي والصمود لتنجبي أبطالا وقـوافل من الأسود الشُجعان سطرت تاريخا وطنيا لم يشهده العالم من قبل، إذا دفعتي بهم جميعآ إلى ساحات المجد والخلود ليجلجلوا أقدام العدو ويحصدوا النصر المؤزر.
أقل ما يقال عنك أنك مدرسة للتربية الحسنة الإيجابية، والخلق القويم تخرج الابطال والشجعان الذين تربوا علي الصمود والتضحية، فقد صنعت التاريخ بماضيه وحاضره ومستقبله، ولم تتوان لحظة عن التضحية والبطولات.
إن التاريخ النضالي للمرأة الفلسطينية حافل في مسيرة الكفاح بآلاف الشهيدات والجريحات والأسيرات، ولاتنضب تضحيتها، والنماذج لا حصر لها منذ ١٩٤٨م وحتي وقتنا هذا.
إنهن وما زلن من أهم مصادر القوة النفسية لأجيال العزة والنصر.. ومنبع الصمود الوجداني، وعدم الاستسلام للهموم والأحزان وكثرة المواجع والأتراح..ووعد الله حق بالنصر المبين ،ولو بعد حين !