أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” تقريرا يُسلط الضوء على واقع القوى العاملة فى مصر، وحركة الحد الأدنى للأجور خلال 9 سنوات من 2014 حتى 2023، ومخصصاتها فى الموازنة العامة للدولة، إلى جانب توضيح العقبات التى تواجه منظومة الأجور فى مصر، وسبل التغلب عليها.
أشار تقرير “دراية” إلى أن قوة العمل فى الربع الأول من عام 2023 سجلت نحو 30.6 مليون فرد، مقابل 27.6 فرد فى الربع ذاته من عام 2014، بنسبة زيادة بلغت 10.9%، حيث ارتفع عدد المشتغلين وبلغ نحو 28.4 مليون فرد فى الربع الأول من 2023، مقابل 23.9 مليون فرد فى الربع ذاته عام 2014، بنسبة زيادة بلغت 18.8% ، فى حين انخفض عدد المتعطلين بنسبة 40.5% حيث بلغ عددهم 2.2 مليون فرد فى الربع الأول من عام 2023، مقابل 3.7 مليون فرد فى الربع الأول من عام 2014، كما تراجع معدل البطالة بنسبة بلغت 6.3 % حيث سجل نحو 7.1% في الربع الأول من عام 2023، مقابل 13.4% خلال الربع ذاته من عام 2014، وذلك وفقا لآخر تقرير صادر عن مجلس الوزراء.
أوضح د. صلاح هاشم رئيس منتدى “دراية” أن ملف الحد الأدنى للأجور يلقى اهتماما كبيرا من قبل العديد من الدول خاصة تلك التى تخطوا خطوات جادة فى طريق التنمية، نظرا لما يعانيه مواطنوها من تحديات اقتصادية تؤثر سلبا على ظروفهم المعيشية، ومن ثم فإن تلك الدول تسعى جاهدة لسن القوانين والتشريعات التى تحمى مواطنيها من الفقر والعوز، وتحقق التوازن بين الأجور والأسعار بما يمنع انخفاض الأجور إلى الحد الذى يحول دون حصول جميع العاملين على حد الكفاية لسداد الاحتياجات الأساسية من الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم، وتوفير مستوى معيشي مقبول لهم ولأسرهم، ويحقق قدرا من العدالة الاجتماعية.
قال رئيس منتدى “دراية”: “منذ يناير 2011 ، تعرض الاقتصاد المصري للعديد من الضغوط والهزات القوية مع انخفاض قيمة الجنيه وتراجع قوته الشرائية، الأمر الذى أثر سلبا على المواطنين وقدرتهم على توفير احتياجاتهم الأساسية، فكان لزاما على الدولة التدخل لرفع تلك المعاناة عن كاهل الأفراد لاسيما محدودي الدخل، وقد تجلي ذلك منذ 2014 حيث سعت القيادة السياسية لرفع الحد الأدنى للأجور بُغية حماية المواطن المصري من تبعات موجات ارتفاع الأسعار المتعاقبة، وتوفير سبل الحياة الكريمة فى ضوء تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
أضاف، أن الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة شهد 7 زيادات متتالية منذ عام 2014 وحتى 2023 ، حيث زاد من 1200 جنيه عام 2014 إلى 4000 جنيه عام 2023 بنسبة زيادة بلغت 233%، كما تم رفع حد الإعفاء الضريبى من 12 ألف جنيه عام 2014 الى 45 ألف جنيه عام 2023 بزيادة تبلغ275%، وذلك بهدف تخفيف الأعباء الضريبية عن كاهل محدودى الدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية فى توزيع عبء الضريبة طبقاً لمستويات الدخول، وبما يتسق مع توجه الدولة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور لمواكبة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
أشار هاشم إلى أنه لأول مرة يتم إقرار منحتين استثنائيتين “علاوة غلاء المعيشة” خلال عام واحد بقرار رئيس الجمهورية للعاملين بالجهازالإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية وقطاع الأعمال، حيث كانت المنحة الأولى بقيمة 300 جنيه أول نوفمبر 2022، والثانية بقيمة 300 جنيه أول أكتوبر 2023 على أن يتم صرفها بأثر رجعي من شهر أكتوبر في شهر نوفمبر 2023.
أوضح هاشم أن أجور العاملين بالقطاع الخاص شهدت أيضا زيادات متتالية، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور من 2400 جنيه في يناير 2022 ، إلى 2700 جنيه في يناير 2023، ثم إلى 3000 جنيه في يوليو 2023، ثم 3500 بداية من 2024، هذا إلى جانب إقرار علاوة دورية سنوية للعاملين بالقطاع الخاص بما لا يقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني ،بحد أدنى 200 جنيه، حيث إن العلاوة الدورية السنوية لعام 2023 كانت بحد أدنى مائة جنيه، على أن تُطبق هذه القرارات الجديدة اعتباراً من يناير 2024.
كما أفاد رئيس منتدى “دراية” أن زيادة الحد الأدنى للأجور تنعكس فى زيادة مخصصات الأجور وتعويضات العاملين ( الباب الأول ) بالموازنة العامة للدولة، وخلال الفترة من 2014، حتى 2023 شهدت مخصصات هذا الباب من الموازنة زيادة هائلة عاما بعد عاما، حيث زادت من 207.2 مليار جنيه عام 2014 لتصل إلى 470 مليار جنيه عام 2023 بمعدل زيادة بلغ نحو 127%.
أشار تقرير “دراية” إلى العديد من العقبات التى تواجه منظومة الأجور فى مصر وأبرزها: عدم وجود حد أدنى موحد للأجور يشمل كل العاملين بأجر فى مصر، وعدم صدور قانون مُنظم للحد الأدنى للأجور حتى الآن مما يسهل الالتفاف عليه خصوصا ً فيما يتعلق بالعاملين فى القطاع الخاص، كما لم يتم النص على عقوبة لمن لا يلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور، فضلا عن حصول العاملين في القطاع الخاص على حد أدنى للأجور أقل من نظرائهم في القطاع الحكومي، إلى جانب عدم وجود آلية مُلزمة لتطبيق الحد الأدنى.
فى الوقت ذاته، ذكر التقرير عدة توصيات من شأنها التغلب على العقبات التى تواجه منظومة الأجور فى مصر وأبرزها: وجود أساس تشريعي للحد الأدنى للأجور، وضرورة الاهتمام بأجور العاملين بالقطاع الخاص ووضع آلية ملزمة لتطبيق الحد الأدنى الذى يُقره المجلس القومى للأجور، وآلية للشكاوى فى حالة عدم الالتزام بتطبيق القرارات، فضلا عن ضرورة اتباع المجلس القومي للأجور لنهج يقوم على الربط الحد الأدنى للأجور ومعدلات التضخم.