بقلم ✍️ أحمد رفاعي آدم
( أديب وروائي)
بالرغم من أن التاريخ الرسمي الصهيوني قد حاول نشر الوعي الزائف لعقود متعددة، مقرراً أن الفلسطينيين هم الذين غادروا أرض فلسطين مختارين، أو أن بعضهم باع أرضه وفضَّلَ مغادرة البلاد، إلا أن المؤرخين كشفوا بالاستناد إلى الوثائق الصهيونية الإسرائيلية ذاتها أن العصابات الصهيونية التي مهدَّت الطريق لإعلان دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ هي التي نظمت المذابح الجماعية في القرى والمدن الفلسطينية لإشاعة الفزع في قلوب الفلسطينيين ودفعهم خارج فلسطين.
ولذلك فإن ما يحدث اليوم في غزة ليس بجديد، إنما الجديد هي الوسائل المستخدمة والتي تقتل أكثر وبوتيرة أسرع، والجديد أيضاً هو ذلك التطور الإعلامي الذي ساهم في نشر الحقيقة وفضح جرائمهم أمام شعوب الأرض. فالحقيقة التي يجب أن يتذكرها العرب كبيرهم وصغيرهم هي إن الصهاينة كانوا وما زالوا عصابات إجرامية بربرية لا تجيد سوى القتل والإبادة في سبيل سرقة ما ليس لهم وتملك ما هو ملك لغيرهم.
وفي سبيل ذلك يلجأون إلى أخَسِّ الطرق وأقذر الوسائل والتي من أشهرها زرع الجواسيس وخلق الطوابير الخامسة في البلاد وهي تقوم من أجلهم بالعمل الكثير والفعل الخطير.
إنهم ينقلون الأخبار ويسربون الأسرار وينشرون الإشاعات ويخلقون الأكاذيب ويرجفون في البلاد.
لقد ثبت لدي بما لا يقبل الشك أن الصهيونية العالمية متغلغلة في كيان العالم وهدفها الأوحد خدمة إسرائيل وتفتيت عضد العروبة والإسلام ،ولقد بلغ تغلغلهم عمقاً يفوق الخيال في الحكومات العالمية والوزارات والمؤسسات الدولية، ناهيك عن الإعلام الذي بات تحت سيطرتهم ينشر ما يريدون ويغلق الكاميرات أمام ما لا يحبذون، أضف إلى ذلك يدهم المبسوطة على الاقتصاد العالمي بامتلاك غالبية رأس المال الدولي.
لاشك أن الدولة الحقيقية تسعى دائماً إلى السلام ونبذ الحرب، بعكس العصابات المجرمة فهي لا تفهم سوى لغة الإرهاب واغتصاب الحقوق بالقوة. والواقع المعاصر يؤكد ذلك، وبنظرة منصفة نكتشف تعثر كل مباحثات السلام مع الكيان لإنه ينظر إلى الصراع بينهم وبيننا على أنه صراع وجود وليس صراع حدود، فهم يرفضون الوجود الفلسطيني من الأساس ويطمعون في محوه من الوجود إن لم يكن بتهجير شعبه فعن طريق إبادته.
والسؤال الآن؛ كيف تصنع إسرائيل كل ذلك أمام أنظار العالم المتحضر أجمع ضاربةً بكافة القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط؟ الإجابة سهلة وواضحة؛ لإن أعناق معظم قادة وحكومات دول ذلك العالم نفسه مغلولة بسلاسل الصهيونية العالمية ومشدودة بقيوده يسحبها حيث يشاء، وذلك بلا شك فعل الطوابير الخامسة وصناع المال والاقتصاد وهي عوامل تلعب بسياسة العالم لعب الكرة و تعطل منظماته الدولية بمكالمة هاتفية وتتبنى سياسة الكيل بمكيالين بكل تبجح. تلك هي الحقيقة الساطعة التي يجب أن نعرفها ونُعرِّفها للأجيال القادمة ليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ومن لا يفهم ذلك حتى الآن فالعيب في ثقافته الضيقة واطلاعه المحدود.
إن إنسانية العالم – أو قُل ما تبقى من إنسانيته – لتخجل من المجازر التي تُرتَكبُ في حق الفلسطينيين، وإن أصحاب المروءةِ – على ندرتهم في زماننا – ليتقطعون من مشاهد القتل والإبادة والتشريد التي لا يملكون حيالها شيئاً، ولكن هناك بالتأكيد صنائع يمكننا أن نفعلها، هناك ردود أفعال واقعية تستطيع أن تشفي صدورنا مما نرى ونسمع.
أولاً: علينا أن نؤمن بأحقية الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وأنفسهم فلا عذر لمن يشك في حقهم ذلك، ثانياً: من الضروري أن نفضح هؤلاء الصهاينة الملاعين على أعين الأشهاد بنشر كافة الحقائق المخزية عنهم وعن عقيدتهم لعل وعسى أن تجد عند بعض شعوب الأرض التي لا تزال في قلوبها بقية من رحمة وفي عقولها قَبَس من نور البصيرة، أقول عسى ان تجد عندهم التعاطف والمؤازرة والرفض القاطع لشذوذ بني صهيون فيكونون أوراق تضغط على الرأي العام العالمي العاجز أمام بطش اليهود وصهيونيتهم اللعينة، ثالثاً : لا تتوقفوا عن الدعاء فإن الله سميع مجيب بصير وبيده مقاليد السماوات والأرض، وأخيراً وليس آخراً لا تفقدوا الأمل في النصر فإن نصر الله قريب وأول وسائله تقوى الله وطلب العلم مع حسن العمل والكفاح.
إذا أردنا أن ننصر القضية الفلسطينية فلينظر كلٌّ منا ماذا يمكنه أن يقدم، علينا أدوار كثيرة يجب أن نؤديها في حق أنفسنا وفي حق من نعول كالتربية والتعليم وتحسين الأخلاق وخلق جيل مثابر طموح غير عاجز عن حمل أعباء الأمة. وما ذلك بخيال، بل واقع وواقع قابل للتنفيذ، فإن البداية تأتي دائماً من المستقبل.