بقلم ✍️ د.خلود محمود
( مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الادبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
منذ زمن ليس بالبعيد كان مصطلح الذكاء الاصطناعي حاضراً فقط في الخيال العلمي ومن بين الفوائد والاضرار كانت النقاشات والاراء بين الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي علي البشرية وجوانبه الانسانية المشرقة وما بين تصويره علي انه العدو الشرس للبشرية الذي سيسطر عليها ، وبحلول عام 2018 تحول الخيال إلي واقع وأصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات بدءً من مساعدة الافراد في حركات التنقل من مدينة لأخري وصولاً إلي استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدة الأشخاص في أداء المهام المختلفة ليصبح متأصلا من أجل الصالح العام للمجتمع ، مجموعة من الأجهزة والالات والادوات المساعدة علي صنع القرار تعتمد علي اجراءات تعلم خوارزمية قائمة علي البيانات ومع انتشار الذكاء الاصطناعي الذي يعرف بأنه نظام تعلم مستقبل غير بيولوجي ، أصبح مجال العمل من المجالات التي شهدت اضطرابات كبيرة وخوف من أن تحل الأله مكان العامل البشري في سوق العمل وهو ما سيؤدي إلي ارتفاع البطالة الجامحة خاصة بعد أن أصبح للذكاء الاصطناعي القدرة علي التعلم والتكييف ، ولكننا وبنظرة أخري نسلط الضوء علي خاصية يفتقدها ولن تتوفر في الأله وهي المرونة هذه الميزة الغير متوفره ستبقي سوق العمل في حاجه للفرد ولكنه ليس الفرد العادي أنما الفرد القادر علي التكييف مع مستجدات سوق العمل التي طورها الذكاء الاصطناعي وبالإمكان قياس أثر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل بالتغييرات في أزمان سابقة فأنظمة الذكاء الاصطناعي تحتاج حتما لمن يمتلك الخبرة لتشغيلها وصيانتها ونقل تقنيتها أيضا والمستفيد الأول هنا من هذه التقنية هو من يدرك أن لهذه التقنية جوانب إيجابية ليس من ناحية الإنتاجية أو الفعالية بل من ناحية تأهيل موظفين تتناسب مهاراتهم مع هذه التقنية التي تتطور بسرعة مذهله وبفوائد جوهرية للاقتصاد والمجتمعات والأفراد من حيث نشر الانتاجية وابتكار منتجات وخدمات جديدة علي أوسع نطاق وبأسرع وقت مع الانتقال السلس بقدر الأمكان .
ويتضمن المدي الذي وصل له التقدم التکنولوجي للإحلال محل القوي البشرية بشکل عام نمو متزايد حقاً من حيث إنشاء المهام وتراکم رأس المال ، غير أن عدد الوظائف المنشأة نتيجة نمو الطلب لها وحراک العاملين لأدوار مختلفة جعلت ظهور الوظائف جديدة مرتبط بالمشهد التکنولوجي الجديد وتاثرت جميع الوظائف بتأثير الآلية الاقتصادي الشامل بواسطة تکنولوجيات الذکاء الاصطناعي.
وهنا لابد من أن نعتبر التکنولوجيا حافزا لإعادة النظر في المخاوف عن الالية والعمل، لانها تؤدي دورا رياديا في تشکيل النقاش والسياسة العامة، إلا ان ذلک لا يعتبر عاملا فريدا أو يمثل قوي ساحقة، حيث أن هناک عوامل أخري تساهم أيضا في التغيير تتضمن عناصر سياسية، اقتصادية وثقافية وبالرجوع لدراسات التاريخ فهي تشرح التغيير التکنولوجي ومساهمة التكنولوجية في زيادة الإنتاجية علي مستوي السكان علي مدي العصور والعمالة والثراء الاقتصادي علي مدي أکبر لکن توضح هذه الدراسات أيضا أن الفوائد علي مستوي السکان علي مر التغيرات في سوق العمل التاريخية والمعاصرة توضح أن التغييرات التي تدعمها التکنولوجيا للعمل والمهن والوظائف تتجه للتاثير علي العاملين الأقل أجراً أو الأقل مهارة أکثر من العاملين الآخرين وهذا يوضح أنه من المحتمل أن يکون هناک تأثيرات إنتقالية تسبب اضطراب لبعض الناس أو الأماکن وهما الاشخاص الاقل قدرة علي التكييف مع متغيرات الذكاء الاصطناعي الذي طرحها في سوق العمل.
أما التطور التكنولوجي في حد ذاته فقد ساهم في السنوات الحديثة في استقطاب الوظائف التي تفضل العاملين المتعلمين تعليماً عالياً وتستبعد وظائف العاملين من ذوي الدخول المتوسطة والتعليم المتوسط وتزيد المنافسة للعمالة غير الروتينية وغير اليدوية كما اوجد ترکيز قوي للسوق الذي يعيق حصة دخل العمل منافسته وإنتاجيته أيضا وهو ما أكدته دراسات حديثة لصندوق النقد الدولي أن الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف على مستوى العالم وسيكون لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على أداء المهام الرئيسية التي ينفذها البشر حالياً، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على العمالة، مما يؤثر على الأجور بل قد يتجاوز ذلك إلى حد إلغاء الوظائف في بعض المهن التي سيبقي أصحابها دون تطوير مساير لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وادائه وفيما يخص دول الشرق الاوسط يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤثر هذه التكنولوجيا على 26 في المئة فقط من الوظائف في دول الدخل المنخفض وعلي الارجح وحسب الدراسات الحديثة أن الوظائف التالية ستختفي العمالة البشريه بها في السنوات القادمة ويحل محلها الذكاء الاصطناعي وتأتي قي مقدمتها وظيفة أدخال البيانات والتي بفضل الذكاء الاصطناعي ستكون اسرع واسهل وادق من العامل البشري ، وخدمة العملاء والتي ستجيب علي استفسارات العملاء الروتينية مما يقلل الحاجه الي التفاعل البشري ، ومسك الدفاتر والسجلات الادارية والمالية والتي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي علي العنصر البشري فهو أكثر كفاءة وسرعة ، إضافة الي القيادة حيث السيارات ذاتية القيادة التي ستحل محل السائق ، والزراعة فيمكن للالات مراقبة المحاصيل وادارتها بشكل أكثر كفاءة من العنصر البشري والتنبؤ بموعد الحصاد وضبط عملية رش المبيدات مما يحقق وفره في التكلفة الكلية ويرفع حجم العائد ، وحدث ولا حرج عن الصناعة التي اضحت طفرة الذكاء الاصطناعي فيها زياده الانتاجية وكفاءة العمل وتقليل الخطأ وزيادة ساعات العمل ، أما عن الاعلام فالريبوت الأن قام بالعملية الاعلامية لدرجة رأينا المذيع الاصطناعي .
والإشكالية الآن هل استخدام الذكاء الاصطناعي سيحل محل الوظائف بالطبع سيحل محل بعض الوظائف ويؤدي إلى إيجاد وظائف جديدة تتناسب مع هذه التقنية لأن التطورات المتسارعة في تحسين آلية الذكاء الصناعي تعني أن التكنولوجيا يمكن أن تحقق المزيد والمزيد وهذا بالطبع سوف يؤثر على الوظائف نظرا لأن الآلات المادية و أنظمة التشغيل أصبحت أكثر قدرة نتيجة لتمكين الذكاء الاصطناعي فمن الممكن من وجهة النظر الاقتصادية استبدال جزء كبيراً من العمل البشري اليومي بالألات وهو ما تسبب في تغيرات جذرية في شكل سوق العمل.