مبادرة جميلة ومحترمة، قام بها أصدقاء ومحبو الشاعر الراحل جاد الباز، حيث قاموا بجمع وتحقيق قصائده ونشروها في ديوان يحمل عنوان” ديوان الشاعر جاد الباز” عن دار شعلة للإبداع، ملحقا به دراسة قيمة ومستفيضة للشاعر سمير الأمير.
وجاد الباز الذي رحل عن عالمنا منذ أربع سنوات، واحد من الشعراء المهمين في أقاليم مصر، لكنه كان مجهولا بالنسبة للنقاد والمتابعين، حيث فضل البقاء في مدينته المنزلة بعيدا عن أضواء القاهرة وصخبها.
هذا ما عبر عنه الشاعر سمير الأمير في دراسته للديوان التي جاء بها: لا أعتقد أن كثيرا من محبي الشعر ونقاده قد سمعوا بهذا الشاعر الكبير لسببين، الأول هو مركزية الحياة الثقافية في مصر، التي كانت تمضي لاهية عن الفنانين الذين يفضلون البقاء في قراهم ومدنهم الإقليمية، أما الآخر فهو أن محاولات بعض الشعراء، شديدي الحساسية والاعتزاز بأنفسهم، العيش في القاهرة كانت تنتهي بعدم التكيف مع الصخب ومتطلباته، ومن ثم العودة السريعة لمدنهم الصغيرة، كما فعل الشاعر جاد الباز ومن لديهم نفس ظروفه.
ويمكننا أن نضيف أيضا أن الشعراء من غير موظفي الحكومة، ومن غير الحاصلين على مؤهلات تمكنهم من العمل بالدوائر الثقافية، كانوا يفضلون البقاء بجوار مصادر أرزاقهم في الأقاليم كفلاحين أو حرفيين أو أصحاب حوانيت صغيرة، مثل الشاعر عبد الحميد الحبيبي الذي كان يعمل ترزيا في محل صغير بمدينة المنصورة، ومثل العم عبد العزيز ملحة الذي كان يعمل طرابيشي.
وكذلك انتهت سريعا تجربة الشاعر جاد الباز في العيش بالقاهرة ، وقرر أن يعود لمينة المنزلة ويواصل عمله في دكانه الصغير الذي يبيع فيه القهوة والدخان، عوضا عن الوقوع في حياة الصعلكة والتردد على تجمعات الأدباء متعشما في شهرة قد لا تجيئ.
ولعل القارئ للديوان يدرك بالفعل أنه أمام شاعر موهوب ومتمكن، كان له أن يكون معروفا، على الأقل، في أوساط أدباء الأقاليم، لكن يبدو أن إقامته في المنزلة، وتركيبته الشخصية، قد حالتا دون أن يأخذ ما يستحقه من شهرة ومكانة، وهو ما يجعل صدور ديوانه بواسطة أصدقائه عملا مهما ونبيلا ومحترما.
ومن أجواء الديوان:
فصلت ليكي القصايد
يا ست الكل بمقاسك
يا عروسة طالعة الفرح
من فوق كتاف ناسك
يا خطوة طاوية الزمن
ولا تهدا أنفاسك
ويا شايلة تقل المحن
ولا تنحني راسك
يا معلمانا الغنا
شعرك وإحساسك
يامرضعانا الهوا
عشقك وإخلاصك
أحنا ولادك يامصر
وإحنا الجند حراسك
وإحنا في صهد المصانع
صهد أنفلسك
إحنا القلم والكتاب
وإحنا في حوش المدارس
دق أجراسك