جمهور كبير من مدينة دمنهور والمناطق من حولها استقبل أولي ليالي ميدفست السينمائية في الوجه البحري بمسرح مجمع دمنهور الثقافي بحفاوة شديدة، ولم يقتصر الأمر على الحضور حيث تفاعلوا خلال المناقشة التي تمت بمشاركة الممثلة القديرة سلوى محمد علي وأ . د. منى الرخاوي استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة ومؤسسة معهد الرخاوي والممثلة ميران عبد الوارث، وأدار النقاش مخرج الأفلام التسجيلية أحمد نبيل، ومدير برنامج الأفلام بمكتبة الإسكندرية، حول العلاقات التي تؤدي إلى العنف وتأثيره على الصحة والذي أقيم بعد عرض 4 أفلام قصيرة تناقش نفس الموضوع.
وخلال الحلقة النقاشية عبرت الدكتورة منى الرخاوي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ومؤسسة معهد الرخاوي، عن سعادتها بهذا النقاش المثمر الذي لم تتوقع أن يكون مثيرا لهذه الدرجة وأن يتفاعل الجمهور معه بهذا الشكل، وأضافت أنها تواجدت لمشاهدة الأفلام، لأنها مهمة للغاية وكان هناك تسلسل لطيف من أول فيلم “الزفة” بفكرة الزفة والفرح حتى آخر فيلم والسيدة تقول “لا”، فالحياة ليست أبيض وأسود، كما أن الأفلام ليست مهمتها أن تعطينا دائما الحلول، ولكنها تطرح الأفكار وتبرز المشاكل، كما أن الطب أيضا لا يعطينا دائما كل الحلول بل يطرح أسئلة ويعطي فرصة للمشاعر كي تفكر، وأكدت الرخاوي على ضرورة استثمار هذا الجمع بأن يكون هناك خطة للعمل أكثر وإدارة حوارات أكثر وجذب فئات متنوعة من الجمهور.
فيما قالت الفنانة سلوى محمد علي، إن الأفلام التي تم اختيارها مميزة ومتنوعة، وتناقش العديد من الأمور وحققت رسالة الفن الحقيقية وهي التسلية، فلقد أحبت بشدة “مارشيدير” للمخرجة نهى عادل، والذي تدور أحداث الفيلم حول يوم في حياة أبطاله، لكن هذا اليوم سيكون سببا في تحول حياة الأبطال بشكل كامل، واكتشفت إنني شاهدت كل أفلام صانعته بل ووقعت في غرام، فالفيلم ناقش فكرة مهمة للغاية “ماذا لو؟” فبطلة الفيلم مقتنعة أن رأيها صحيح وشخص آخر يحاول طوال الوقت إقناعها بالعكس، وكل منهما يرى أنه على صواب، مؤكدة إنها تحب هذه النوعية من الأعمال الفنية، فالعمل ناقش كل المستويات الفكرية والآراء سواء الذكورية أو النسوية والدين والمجتمع وحتى الحيوان من خلال حدوتة بسيطة مسلية، وكان لديها خلال الندوة هل كل الرجال الذي يمارسون العنف المنزلي في مصر تخضع للعلاج النفسي؟.
فيما قالت الفنانة ميران عبد الوارث، إنها لم تتوقع حضور الجمهور بهذا الشكل الكبير، وأكدت على أهمية اللامركزية في الاهتمام بتوصيل الفن والآراء المختلفة إلى هذه المحافظات، وأضافت أن مثل هذه النقاشات تثمر عن أفكار مختلفة ومنظور آخر للأفلام مختلف عما تعرفه وتربت عليه، وهذه إحدى فوائد أن تشاهد الفيلم مع بيئة مختلفة تماما عنك، وكشفت عن حبها لمشاهدة الأفلام مع الجمهور لأنها تتأثر بطاقات الناس وطريقة استقبالهم للفيلم. فالنقاشات تجعل الأفلام أكثر حيوية وتبرز رسائل مختلفة من خلال منظور كل شخص له والذي يختلف مع الآخر>
وحضر الليلة عدد غفير من جمهور محافظة البحيرة وليس دمنهور فقط، لمشاهدة الأفلام والاستمتاع بالحلقة النقاشية حيث عبرت أكثر الآراء عن إعجابهم بالأفلام التي تطرح أسئلة هامة، كما عبر البعض عن حاجة الجميع إلى الدعم النفسي وعدم وجود أي عيب في طلب المساعدة، وتحدث بعض الحضور عن وجهات نظرهم عن الأفلام وتحليلاتهم الإنسانية، كما ناقشوا ضرورة إتاحة الطب النفسي بأسعار أقل لحاجة الجميع لمثل هذا النوع من الدعم، وعبر دكتور مينا النجار الشريك المؤسس لميدفست مصر، عن سعادته بنجاح الليلة السينمائية، وتفاعل الجمهور معها، حيث حضر عددا كبيرا من جامعة دمنهور وأوبرا دمنهور وقصر الثقافة، كما حضر عدد من المجلس القومي للمرأة بمحافظة البحيرة، فالجمهور أصبح ينتظر أيا من أفلام سيضحك أثناء مشاهدتها أو يبكي أو يعبر عن استيائه، حتى النقاشات كانت فعالة للغاية وخاصة عندما طرحت الفنانة سلوى محمد علي عن إمكانية عمل فيلم مثل “جروب” في مصر، حيث خلق هذا السؤال تفاعلا كبيرا بينهم وأصبحت هناك نقاشات جانبية وهذا هو هدف ليالي ميدفست أن تحدث مثل هذه الحوارات الهامة.
وكشف النجار، أن الليلة السينمائية بدمنهور جمعت بين الفن وتأثيره على الصحة النفسية، فهم يحرصون من خلال ملتقى “ميدفست مصر السينمائي”، على مناقشة العلاقة بين الصحة النفسية والسينما والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وأضاف النجار أنهم يقومون بعرض مجموعة من الأفلام السينمائية، يدور محتواها عن الصحة النفسية، فالملتقى يجمع بين الصحة والأفلام؛ فلا يوجد أي عمل درامي يخلو من التفاصيل الطبية بأشكالها المختلفة.
يذكر أن الأفلام التي تم عرضها في فيلم “زفة” وهو فيلم مصري قصير للمخرج أحمد سمير، تدور أحداثه حول انتشار شائعة لمغادرة العريس لحفل زفافه، لينقلب الحفل رأسا على عقب، وفيلم “جروب” وهو فيلم تسجيلي أمريكي، وتدور أحداثه حول ثلاثة رجال مدانين بالعنف المنزلي يواجهون المعتقدات والمواقف التي أدت إلى عنفهم وجها لوجه بمساعدة ميسر العلاج الجماعي، وفيلم “دعوة من الخل للبحر” وهو فيلم أردني روائي قصير للمخرج مراد أبو عيشة، تدور قصته حول ياسمين البالغة من العمر 12 عاما التي تحاول تجنب مصير محدد مسبقا، فتقرر الهروب هي وشقيقتها الكبرى أحلام إلى ما وراء الحدود التي وضعها والدهما، متحدية العدو الذي يكمن في الداخل من أجل الوصول إلى البحر الأسطوري، وأخيرا فيلم “مارشيدير” وهو فيلم مصري للمخرجة نهى عادلا، تدور أحداث الفيلم حول يوم في حياة أبطاله، لكن هذا اليوم سيكون سببا في تحول حياة الأبطال بشكل كامل.
تأتي “ليالي ميدفست السينمائية ” في إطار التعاون مع السفارة البريطانية ضمن مشروع “لها ومعها” لتأهيل كوادر شابة قادرة على تنظيم أنشطة ثقافية مع مراعاة المساواة بين الجنسين، ومن المعروف أن ملتقى “ليالي ميدفست السينمائية ” انطلق من وجه قبلي من محافظة سوهاج يوم 25 فبراير الماضي ثم المنيا وبني سويف، ليبدأ رحلته الجديدة في الوجه البحري، بمحافظة دمنهور ثم المنصورة وبورسعيد.