بقلم ✍️ د.حنان سالم
(دكتوراه الفلسفة المعاصرة – كلية الآداب -جامعة العريش)
ادهشني موقف ملموس عن المرأة المصرية وألهمني في ذات الوقت بالوقوف إلي صفها والبحث عن صنوف المرأة المصرية هل هي الأنوثة والرقة والجمال ،أو هي الرجولة والجدعنة والكيان.
وهذا الموقف لرجل عربي يستغرب وينتقد وقد يصل وصف كلامه إلى حد أنه يحسد الرجل المصري علي أنه عندما يخرج من البيت ويذهب للعمل والبحث عن قوت يومه سواء في بلده أو في خارج البلاد يكون مطمئنا ومرتاح البال حول أسرته التي تركها خلفه بحثا عن حياة اجتماعية أفضل لها، وذلك لأنه يترك خلفه رجلا يحرس الأسرة هو زوجته.
هذا الوصف للمرأة المصرية، يعني أنها كالرجل في شجاعته وخوفه وحرصه علي أسرته، وفي غيابه هي الأم الحنون التي تربي وتقوم النشء لتحصد مجهود غربة زوجها وتعبها مع أبنائها لتحمل بشريات النجاح والأمل والفلاح عن أولادها للأب الغائب.
ومن منظور فلسفي فإن المرأة بوجه عام لا تفتقر بطبيعتها إلى الموهبة أو الكفاءة في الفكر أو العلم والرياضيات، بل إنها غير مستعدة أكثر من الرجال لتكريس حياتها في فضاء متجمد تم فيه إبعاد الطبيعة والإنسان،فتقول عنها :
د. يمني الخولي أستاذ فلسفة العلوم بكلية الآداب جامعة القاهرة:
إن القيم الأنثوية التي تقوم على عمق الارتباط بالآخر وانبثاقة الحياة من المرأة والتعهد بها ورعايتها وتنميتها.، يؤذن بطرح ٍفي صالح مشاكل البيئة، والمتطلبات البيئية”.
فالمرأة القوية لا تلعب دور الضحية، ولا تثير الشفقة بل تقف ولا تلقي باللوم علي أحد وتتعامل مع الحياة بطريقة خاصة.
ومع عودة الحياة الطبيعية علي أرض سيناء بعد القضاء علي الإرهاب وإعادة الإعمار من جديد وبدء مرحلة جديدة نحو العبور لآفاق التنمية وبناء صروح الأمل لأبناء سيناء لمختلف أبناء الوطن بعد سنوات طويلة من المعاناة، والتوجس والانتظار، يأتي دور المرأة السيناوية كنموذج نضالي فريد للمرأة المصرية صانعة الأمل والحياة وأجيال العزة والنصر والشهادة.
ولا ريب أن مصرنا الحبيبة واحة السلام والأمان، وفلسفتنا الاجتماعية هي التسامح وروح التعايش وانصهار أبنائها جميعاً فى إطار التلاحم والتعاون والمواطنة والمساواة.
فما تشهده سيناء حاليا من طفرة غير مسبوقة في التنمية والتعمير على أرض سيناء ومدن القناة، علاوة علي تدشين العشرات من المشروعات العملاقة وإنشاء الجامعات والتطوير في الإسكان وجميع مجالات الحياة علي أرض الفيروز، لا يمكن إنجازه إلا في ظل الاستقرار والأمن والأمان.
ولا ريب أن كل هذه التنمية تشارك فيها المرأة السيناوية حيث تقوم بدور ريادي في دعم مشروعات التنمية وتربية الأجيال علي الانتماء وحب الوطن ،وبث روح الوطنية في الشباب من خلال تربية وتعليم أبنائها على الوطنية وحب الوطن وعدم الانزلاق نحو أفكار سلبية تضر بالمجتمع المصرى، مؤكدة أن المرأة يمكنها أن تحارب الإرهاب من خلال وعيها و التربية السليمة للأبناء والاهتمام بتنشئة أجيال على الوسيطة والتسامح ونبذ هذا الفكر المتطرف.
وفي تصوري لكي ننهض بسيناء كله لابد أن ننهض بالمرأة السيناوية كما عهدنا من الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه المرأة ومساندتها، وهذا حلم منتظر منذ زمن، وهو ما ينتظره أبناء سيناء من إتحاد القبائل العربية الذي تم تدشينه مؤخرا و يهدف إلي تنمية سيناء وخدمة أهاليها، بالإضافة إلي مساندة الدولة وإعادة إعمار سيناء.
وفي ظل تكاتف وتوحد القبائل العربية، تأمل المرأة السيناوية، أن لا يقتصر دورها في التمكين الاقتصادي، والاجتماعي فقط، بل للمرأة السيناوية حقوق سياسية لا تقتصر على حقها في المشاركة الانتخابية بالصوت، وإنما زيادة تمثيلها في المجال السياسي، لتشغل مقاعد برلمانية متنوعة، وتشارك في تنظيمات الأحزاب، كما لها الحق في أن تصبح مجاهدة في الحرب عن طريق تجنيدها في الجيش كما في البلاد المتقدمة لتصبح فاعلة في خدمة المجتمع المدني، وتحقق ذاتها وتفعل دورها في تنمية المجتمع جبنا إلي جنب مع الرجل.
كما لا يغيب عن أذهاننا ماعانته المرأة السيناوية من مرارة التهجير في فترات الحروب وفقدان الأحباب والعشيرة والحرمان من الأرض، ولن يشعر بعودة الحياة ونعيم الاستقرار إلا من فقدها، وتستحق بجدارة لقب المرأة “الحديدية” لصبرها وجلدها ونضالها المشهود بين الأمس واليوم.
وعليه نجد أن المرأة السيناوية فكرت بإبداع في المحافظة علي إرث بلادها وتراثها الحضاري لتنقله للأجيال اللاحقة فجعلت منه حرفة لها لكسب العيش والتميز بين البلاد المجاورة فكان لها حضور متميز وفعال من خلال عدة مشاركات لجمعيات المرأة السيناوية بمنتجات ومشغولات تراثية وأعمال تطريز مبدعة وذلك في مختلف معارض “تراثنا” لتنمية الحرف اليدوية خلال السنوات الأخيرة.
وهي بذلك عززت مكانتها وساهم في التنمية الاقتصادية للمجتمع.
فضلا عن أنها لم تكتف بتحسين مستواها الاقتصادي، بل تخطته لتسهم في تنمية المجتمع السيناوي علي المستوي الاجتماعي، وتغيير بعض المعتقدات القديمة مثل السيطرة الأبوية للمجتمع وحرمانها من التعليم تحت شعار “خروج المرأة من البيت عيب “، لكنها استطاعت بجرأة أن تحظي بفرص تعليمية مميزة، وتولت العديد من الوظائف إلى أن وصلت للمناصب القيادية العليا في القطاعات المختلفة. ومن ثم بدأت تعرف لأول مرة معني المشاركة الفاعلة والتمكين الاجتماعي أيضا لتمارس أدوارها المنوطة بها بكفاءة، وتدحض ثقافة السيطرة الأبوية الذكورية.
وعليه فقد جاء حرص الدولة علي تمكين المرأة وتثمين دورها، فهي نصف المجتمع ،في كافة مجالاتها وقطاعاتها والعمل على رفع مكانتها، يسهم في تنمية الوعي الإيجابي الجمعي نحو أهمية ما تقوم به من تضحيات وأدوار تسهم في إحداث التنمية المستدامة بالدولة وفق استراتيجيتها المستقبلية 2030م.
كما أن المرأة السيناوية لديها موهبة متميزة اكتسبتها من الطبيعة الصحراوية ألا وهي فن التطريز والمشغولات اليدوية التراثية، التي تميز البيئة السيناوية الفطرية مثل العباية البدوية المطرزة والشال السيناوي المتميز، والإكسسوارات البدوية المبهرة ، فضلا عن الصناعة اليدوية للمفروشات مثل الكليم السيناوي، والسجاد التراثي، والخيمة البدوية المشهود لها في بعض الكافيهات والكافتريات علي الشواطيء، واشتهرت في معظم المحافظات البحرية وتسمي بالركن السيناوي ،لمن يريد الراحة والاسترخاء فضلا عن تقديم المشروبات العشبية القادمة من سيناء مثل المرمرية والزعتر والزيوت العلاجية، فضلا عن الصناعات الغذائية الخاصة مثل المكبوس، وزيت الزيتون، والعجوة الفاخرة، واللصيمة المشهورة، وغيرها كثير.
كما أن للأم السيناوية دورا في المحافظة علي هذا الإرث الفني الإبداعي، بغرسه في الفتيات من الصغر وتعليمهن هذه الفنون ثم إطلاق العنان لهن ليبدعن في المشغولات لتواكب تحديثات العصر..
ومع عودة الحياة لأرض الفيروز ترتدي المرأة السيناوية قناعا أنيقا يبشر بالخير والنماء والغد المشرق بإذن الله.