»»
فرضت مستجدات العصر ومتغيراته أنماطا وصورا جديدة لتقديم الخدمات الطبية، من خلال ما يسمى ” التطبيب عن بعد” ، أو الخدمات الطبية الرقمية، حيث أصبحت أمراً واقعاً، وخاصة إبان انتشار الأوبئة والجوائح والنكبات، التي تحول أحيانا دون تقديم خدمات طبية بصورة طبيعية ومباشرة وسريعة.
ويبحث المتخصصون عن إيجاد آليات لضبط منظومة “التطبيب عن بعد”، أخلاقيات الصحة الرقمية، ووضع حلول وضوابط لمعالجة السلبيات والمعوقات، التي يمكن أن تواجه هذه التجربة في مختلف المجتمعات.
وفي هذا السياق جاءت دراسة الدكتور بهاء درويش نائب رئيس اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا بمنظمة اليونسكو تحت عنوان “أخلاقيات الصحة الرقمية”.
الدراسة شارك بها مؤخرا في المؤتمر الأول لقسم الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب جامعة قناة السويس
والذي عقد تحت عنوان “التطبيب عن بعد” : التطبيقيات والتحديات.
شارك في المؤتمر نخبة من الخبراء و المختصين وأساتذة الجامعات، كما عقدت جلسة حوارية بالمؤتمر ضمت كلا من:
د. بهاء درويش، د.ناهد مصطفى أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية ونائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث الأسبق ورئيس شرف المؤتمر، د.ريم مصطفى وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية، ود. شيرين غالب أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية ونقيب أطباء القاهرة، د. طارق عبدالعزيز أستاذ جراحة العظام جامعة قناة السويس، د. وليد مسلم أستاذ مساعد الأشعة التشخيصية بطب قناة السويس، د. حسيني حجاب باحث في القانون الجنائي، د.شيماء شحاته مدرس الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية، ود. سارة فتحي م.م. الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية.
جاء المؤتمر تحت رعاية د ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس، وبإشراف عام د. محمد عبدالنعيم نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، ود.محمد سعد زغلول نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، ود. أحمد السقا عميد كلية الطب.
كما حضر المؤتمر شريف فاروق أمين عام الجامعة، ود. عبير هجرس وكيل كلية الطب لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، د. نادر النمر وكيل كلية الطب لشئون الدراسات العليا والبحوث، د. رانيا مصطفى وكيل كلية الطب لشئون التعليم والطلاب.
ونعرض في هذه السطور ملخصا وافيا لدراسة د.بهاء درويش..
أخلاقيات الصحة الرقمية
وهكذا تتوالى الاختراعات والتكنولوجيات على وعد بخدمة البشرية، ولكن تظل الأخلاق هي المرشد – وأحياناً المراقب- لضمان ألا تُحدث هذه التكنولوجيات أية أضرار بأي مجموعة من البشر، وأن تظل كرامة الإنسان هي الفيصل بين ما يتم قبوله وما لا يتم.
فما جعلت الاختراعات والتقدم العلمي إلا لخدمة الإنسان وليس للإضرار بالإنسان
ونحن علي موعد مع إحدى التقانات الجديدة التي يتجه إليها العالم كله إتجاهاً حثيثاً، من هنا كانت ضرورة التحقق من مدى أخلاقية هذه التقانات وكيفية توجيهها التوجيه الذي يخدم البشرية.
يسير العالم بسرعة حثيثة نحو ما يعرف بالتحول الرقمي، وهو ما يعني الاعتماد التام على تكنولوجيا متقدمة وذكية متطورة باستمرار كنظام- بديل للقوة البشرية- في شتى ميادين الحياة. وجد العالم في هذا التحول الرقمي السبيل لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 مثل التخلص من الفقر، التعلم الجيد، إتاحة الصحة للجميع.
وإذا كان هذا التحول قد بدأ في العالم الغربي، فلم يكن العالم العربي أقل وعياً من دول العالم الغربي في أهمية الدخول بقوة في هذا العصر.
إنه على المستوى الرسمي صدر في الرياض بتاريخ 18 ديسمبر 2019 “الاعلان العربي الرقمي المشترك” الهادف إلى توحيد التوجهات العربية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والتحول الرقمي وذلك خلال الدورة الثالثة والعشرين لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات.
ضمن هذا التحول الرقمي تأتي الصحة الرقمية “digital health” الاعتماد التام على شبكة الانترنت في مجال الرعاية الصحية. كجزء من منظومة الصحة الرقمية، يُطلَق على إدارة كل فرد الذاتية للخدمات الصحية باستخدام برامج وتقنيات الهواتف الذكية ما يمكن أن نسميه “الصحة الجوالة” أو الإدارة الذاتية للخدمات الصحية باستخدام تقنيات وبرامج وتطبيقات الهاتف الجوال” mobile health (mHealth).
إذا كان دخول شبكة الانترنت في حياتنا أثر فيها، فلم يؤثر دخول شبكة الانترنت في حياتنا، بأجهزة الحاسوب التي تتصل بها مثل التأثير الذي أحدثه في مجال الرعاية الصحية.
لقد أصبح منتجوا الخدمات الصحية ومسوقوها يروجون لبضاعتهم على الانترنت، والتي تتراوح بين أدوية وأجهزة..الخ، وأصبحت المعارف والمعلومات الصحية متاحة على الإنترنت حتى أنه أصبح من الممكن أن تجد لدى مريض معلومات عن دواء قد لا تتوفر هذه المعلومات لدى طبيب الأسرة.
لقد أصبحت المعارف العلمية الطبية، والاستشارات الطبية عبر الانترنت متاحة للجميع.
من ثم أصبح التواصل مع الأطباء تواصلاً مباشراً- صوتياً أو مرئياً أو برسائل مكتوبة على مدار اليوم. وعليه تغيرت صورة العلاقة بين الطبيب والمريض من علاقة تواجد فيزيقي مباشر للمريض أمام الطبيب إلى علاقة يتوسط فيها الانترنت ويتيحها طوال اليوم.
وأصبحت هناك مواقع إلكترونية تقدم سائر أشكال المعلومات والنصائح الطبية من خلال الإجابة على الأسئلة التي يطرحها أي سائل، أصبحت تقدم أيضا إستشارات من خلال نقاش حي بين مريض أو راغب في معرفة معلومات طبية وأحد مقدمي الخدمات الصحية.
فقد تطورت الصحة الرقمية بعد ذلك لتتضمن أيضاً تصميم أو- على الأقل- استخدام تقنيات وتطبيقات رقمية بإمكانها تشخيص وعلاج الأمراض ومراقبة حالة المريض ونشاطه ووظائفه الجسدية، و تطبيقات برامج حفاظ على الصحة موجودة في أجهزة المحمول والحواسيب توفر المال والوقت بدلا من الذهاب للطبيب تقنيات رقمية يمكنها ترتيب زيارات المريض للطبيب وحجز المواعيد.
وعلى مستوى الدولة، فإن الصحة الرقمية تتضمن بالإجمال تطوير الخدمات الصحية باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وعليه تعد منظومة “الصحة الرقمية” من أهم الميادين التي تسعى كل دولة على حدة إلى التحول إليها
وضع الصحة الرقمية في العالم الآن :
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن 58% من دول العالم لديها استراتيجيات في الصحة الرقمية. بينما أعلنت 87% من دول العالم أن لديهم على الأقل مبادرة أو أكثر من مبادرات الصحة الجوالة.
أعلنت أيضاً حوالي 55% من الدول أن لديها تشريعات لحماية البيانات الإلكترونية للمرضى. وتقود منظمة الصحة العالمية صياغة استراتيجية عالمية بالتعاون مع الدول الأعضاء في المنظمة لتسريع تبني الدول الأعضاء الصحة الرقمية وتنسيق الشراكة بينها في البحث العلمي والابداع نحو تحقيق صحة للجميع. ويرى مناصرو الصحة الرقمية أن الرعاية الصحية في المستقبل ستكون رعاية رقمية بشكل أساسي، كذلك ترى المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية (2011) والمفوضية الأوربية (2014) أن الثورة الرقمية في مجال الصحة في طريقها إلى التحقق.
ولما كان البحث العلمي في مجال الصحة يمثل جزءاً من مجال الصحة نفسه، أثبت التحول الرقمي فيه تميزاً عن الاستخدام الورقي في خطوات البحث العلمي. ذلك أنه أثناء وباء إيبولا، أظهر استخدام الورق- في الدراسات المسحية مثلاً وفي الحصول على الموافقات المستنيرة للمبحوثين- أنه قد يكون هو ذاته أحد ناقلات العدوى، هذا بالإضافة إلى أن الورق في ذاته- بغض النظر عن نقله للعدوى- ضعيف، قد يتلفه الجو من عواصف وأمطار.
على الجانب الآخر، تتطور التكنولوجيات الرقمية وتثبت نجاحاً يوماً بعد يوم ولكنه نجاح يتطلب تدريباً على مناهج الاستخدام ولمستخدمي هذه التكنولوجيات. وعلى كل فالواقع يثبت أن التحول يسير نحو الاستخدام الرقمي.
قلنا أنه كجزء من منظومة الصحة الرقمية، يُطلَق على إدارة كل فرد الذاتية للخدمات الصحية باستخدام برامج وتقنيات الهواتف الذكية ما يمكن أن نسميه “الصحة الجوالة” أو الإدارة الذاتية للخدمات الصحية باستخدام تقنيات وبرامج وتطبيقات الهاتف الجوال” mobile health (mHealth).
وعليه فعدد تطبيقات الصحة الجوالة قد تخطى الآن (عام 2020) المائة ألف تطبيق
• عدد التطبيقات قد تجاوز عام 2017 الثلاثمائة وخمس وعشرين ألف تطبيقاً.
• تؤسس أستراليا الآن مبادرة “سجلي الصحي My Health Record” الذي تأمل منه أن يصبح لديها سجل طبي إلكتروني قومي للحالة الصحية لسائر الاستراليين وذلك من خلال تشجيع سائر الاستراليين على التسجيل فيه.
• كما قدمت نظام “الرعاية الصحية المنزلية” الذي يتيح لأصحاب الحالات الطبية المزمنة استخدام تكنولوجيا الرعاية الذاتيه الرقمية المنزلية، والتطبيب عن بعد telemedicine.
• أما في آسيا، فهناك إقبال شديد على الصحة الرقمية.
• في الصين هناك نظام قومي على مستوى الدولة للخدمات الصحية يسمى
Internet Plus health care”.
• الرعاية الصحية الإضافية من خلال الانترنت” ، هذا النظام وضعت له سياسة حكومية تتطور باستمرار بسياسات مستمرة من 1999 حتى الآن.
وضع الحزب الشيوعي.
• استراتيجية قومية “صين صحية 2030
Healthy China 2030.
تعتمد بشكل أساسي على استخدام تكنولوجيا المعلومات في تطوير ميدان الصحة، ولكن السياسات في الصين تسبق الواقع.
نعم هناك مستشفيات ذكية، والأطباء يتواصلون مع المرضى من على بعد، ويفضل المرضى الدفع الالكتروني في المستشفيات وعند حجز مواعيد مع الأطباء وذلك من خلال تطبيقات
WeChat، Alipay.
وكثير من المستشفيات أصبح لها منصات رقمية يمكن من خلالها حجز مواعيد وإتمام عملية العلاج وشراء الأدوية،ولكن السياسات أسبق وأكثر طموحاً. تؤكد الدولة من خلال سياسات نظام الرعاية على ضرورة الوصول إلى قاعدة بيانات لإدارة المعلومات الصحية لسائر دورة حياة كل المواطنين، لكن هذه الأخيرة على سبيل المثال لم تحدث حتى الآن.
• في نيبال مثلاً، تستخدم وزارة الصحة منذ الزلزال الشديد الذي أصاب نيبال في أبريل 2015 بالاشتراك مع شركة Medic للموبايل الصحة الرقمية لإصدار تقرير يومي بشأن الاشتباه في انطلاق مرض وبائي. هذه الخاصية استخدمت في المستشفيات في قرية كاثماندو Kathmandu ومنطقة Dhading كثيفة السكان.
• وفي أندونيسيا يرسل العاملون في مجال الرعاية الصحية في المناطق البعيدة وهم الأقل مهارة معلومات للمستشفى التي تقع في المركز وذلك عن طريق استخدامهم لبرنامج JAVA موبايل لإرسال البيانات.
• أما في الهند، فيتلقى الخط الساخن للمعلومات الصحية ملايين الإتصالات يومياً وهو الخط المصمم لتخفيف الضغط على نظام الصحة العام.
• أما في بنجلاديش فقد استطاعت الصحة الرقمية أن تعوض نقص الأطباء المهرة والكفؤ وذلك عن طريق إمكانية إتصال أطباء القرى بالأطباء المدربين وأخذ الخبرات منهم.
• ورغم أن اليابان من الدول الصناعية الكبرى، إلا أنها أقل الدول الصناعية الكبرى في استخدام التكنولوجيا الرقمية في إدارة ميدان الصحة. لأن الحكومة ألزمت نفسها حتى الآن بنفقات عالية في قطاع الصحة حتى وصل متوسط عمر الشخص إلى 85 سنة.
ولكن مع الزيادة العالية في السكان وارتفاع أعداد كبار السن ونقص العاملين في قطاع الطب قياسا لنسبة الزيادة السكانية، بدأت الحكومة تشعر بإرهاق في الإنفاق فبدأت تبحث عن بدائل لتخفيض النفقات. وجدت الحكومة أحد هذه البدائل في زيادة الاستثمار في قطاع الصحة الرقمية وتقنين خدمات الصحة الرقمية الذي لم يبدأ إلا 2014.
• أصدر العام الماضي 2021 معهد بحوث
Fuji Chimera تقريراً بعنوان ” انترنت الأشياء الطبية Internet of Medical Things
وأخيراً، فيمكن القول بالنسبة للقارة الأفريقية أن أغلب برامج الصحة الجوالة يتم تنفيذها في الدول الأفريقية جنوب الصحراء sub Saharan Africa حيث الحالة الصحية العامة للناس هناك ضعيفة، وأن هناك إستخدام متزايد لبرامج الصحة الجوالة.
فإذا تحدثنا عن العالم العربي، نجد في إطار استراتيجية مصر القومية 2030 للتحول الرقمي جاء اهتمام الحكومة بالتحول الرقمي في مجال الصحة.
• تم عمل بروتوكول تعاون ثنائي بين الهيئة العامة للرعاية الصحية ووزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن التطوير المؤسسي والتحول الرقمي للخدمات الصحية المقدمة لمنتفعي منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد من خلال المنشآت الصحية التابعة للهيئة 18 سبتمبر 2020 .
• يهدف البروتوكول للتهيئة العامة لاستيعاب التحول الرقمي للمقر الرئيسي للهيئة العامة الرعاية الصحية وفروعها وأقاليمها بكافة محافظات الجمهورية، وكذلك الارتقاء بالمنظومة الصحية باستخدام أحدث وسائل وتقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع المساهمة في رفع مستوى مقدمي الخدمة الصحية مع ضمان جودة الخدمة الصحية المقدمة، بالإضافة إلى استحداث نموذج عمل يسمح باستخدام تكنولوجبا المعلومات والإتصالات في إدارة كافة خدمات ومهام الهيئة العامة للرعاية الصحية.
• ويُعد مستشفى جامعة عين شمس الافتراضي مثالاً على الرعاية الصحية عن بعد وهو مؤسسة لتقديم خدمات التطبيب عن بعد، ادخل على موقع (اكشف دوت كوم، تختار الطبيب، تقابل الطبيب)
• وتعمل هذه المنصة عبر مبادرة ”علاج وتعليم“ وتخدم مصر والدول العربية والقارة الإفريقية.
• تهدف المؤسسة إلى توفير رعاية صحية عادلة ومنصفة للإقليم من خلال نموذج مستدام وتقدم خدمة الاستشارات الطبية للمناطق النائية التي تعاني من نقص في الأخصائيين. وتقدم بالتوازي مع ذلك التثقيف الصحي التطبيقي للمهنيين الصحيين لإفراز أطباء محليين أكفاء يمكنهم العمل في مرحلة ما بشكل مستقل على إدارة وتشغيل خدماتهم الصحية.
• وبعيداً عن المستوى الرسمي، يمكن رصد مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال الصحة الرقمية
“دي – كيميا “، ومقرها القاهرة، التي تقوم منذ 2013 بتطوير حلول تشخيصية جديدة ومعقولة التكلفة للكشف عن مجموعة واسعة من الأمراض، مع التركيز في البداية على التعرف على فيروس التهاب الكبد الوبائي الذي يصيب أكثر من 170 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
ثم شركة “شزلونج” التي أطلقت منصة للصحة العقلية تمكن المرضى من التحدث إلى معالجيهم عبر الانترنت في خصوصية وفي أي وقت ومكان.
وإذا كان الموقع الرسمي لوزارة الصحة في كل من ليبيا والجزائر يخلو من أية إشارة للصحة الرقمية.
فهناك في الجزائر المؤسسة الجزائرية للابتكار والتطوير AFIND ,هي شركة تكنولوجيا صحية مبتكرة تقوم بإنشاء الحلول المبتكرة وتطوير الحلول الحالية للقطاع الصحي باستخدام التكنولوجيا.
• أما تونس فعلى الرغم من نية الحكومة تنفيذ التحول الرقمي، وهو ما يتجلى في تخصيص قطاع يسمى قطاع الصحة الرقمية والتطبيب عن بعد، فإن التشريعات القانونية تبقى عائقاً يؤخر تنفيذ الحكومة لبرامج الصحة الرقمية وهي النتيجة التي خرج بها المنتدى العالمي للصحة الرقمية الذي عقد في العاصمة التونسية في فبراير 2020 .
• في المملكة المغربية، تقتصر الصحة الالكترونية في المغرب على المستوى الرسمي- كما هو واضح من الموقع الرسمي لوزارة الصحة في المملكة المغربية – على طلبات التوظيف، والتعيين وطلبات العروض للتجار.
• خارج المستوى الرسمي، هناك شركة دابا دوك Doc Dabaومقرها المغرب، وهي من الشركات الناشئة في مجال الصحة الرقمية، تسمح للمرضى بالعثور بسهولة على طبيب متوفر قريب وحجز موعد معه.
• يمكن للأطباء المدرجين في المنصة التواصل مع مرضاهم عبر تطبيقات الهاتف المحمول.
• بعد أن بدأت خدماتها من المغرب، أصبحت الخدمة متوفرة الآن في خمس دول بما فيها الجزائر وتونس ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وذلك وفقا لموقعهم على الويب.
• في السودان لا يعمل الموقع الرسمي لوزارة الصحة. كذلك لا توجد أي إشارة أو معلومات عن استخدامات الصحة الرقمية في موريتانيا، جيبوتي أو جزر القمر.
• أما الصومال فقد اضطر الكثير منهم للتوقف عن التعليم، لعدم القدرة على تحمل مصاريف الإنترنت الباهظة في الصومال أو لمعاناة عدد كبير منهم من الأمية الرقمية، ولم تتمكن الحكومة لضعف الموارد سوى من تأهيل مركز طبي واحد في العاصمة مقديشيو للتعامل مع حالات كورونا، وهو ما اضطرها لاعتماد سياسة مناعة القطيع . من هذه المعلومات يمكننا القول أن الصحة الرقمية لا مكان لها في الصومال.
• فإذا جئنا لدول الشام نجد أنه نتيجة لمسح تم عمله في فلسطين بخصوص استخدام الصحة الجوالة، وُجد أن 93.4 % من المشاركين في الاستبيان في فلسطين يستخدمون الموبايل، ومعظمهم 996% أقروا باستخدامهم شبكات التواصل الاجتماعي من وقت لآخر، كما أن معظمهم 88.2% أقروا باعتقادهم أن تطبيقات الجوال ستكون ذات فائدة وتساعد الناس في حل المشكلات الصحية، وأخيراً فقد أقر ثلثي المشاركين بأنهم بالفعل مهتمون بالصحة الجوالة بالنسبة للمشكلات الصحية.
• أعلنت الجمهورية اللبنانية على الموقع الرسمي لوزارة الصحة عن برنامج وطني للصحة الالكترونية حددت له مهاماً معينة وهي تعزيز وتطوير نظم المعلومات الصحيّة وقواعد البيانات وإنشاء مركز رئيسي للمعلومات الصحّية، واستعمال وسائل الهواتف الذكية والأجهزة الالكترونية من أجل نشر المعلومات وتقديم الخدمات الصحيّة، واعتماد التطبيب عن بعد مثل استخدام وتبادل المعلومات الطبية من موقع جغرافي إلى موقع آخر عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية لتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية للأفراد وبخاصة في المناطق النائية وللمصابين بالعجز والمسنين . وغيرها من الأهداف.
• ونتيجة لاستراتيجية الحكومة الالكترونية التي تنتهجها دولة الأردن، أعلنت عن بعض التطبيقات الجوالة في مجال الصحة على موقعها الالكتروني مثل تطبيق “الخارطة الصحية الأردنية” الذي يمكن مستخدمه من معرفة أقرب مستشفى أو مركز صحي بالإضافة إلى خريطة تمكن الراغب في الذهاب من الوصول،
وتطبيق “أمان” قام بتصميمه للوزارة بعض المتطوعين غرضه الكشف المبكر عن الإصابة بكوفيد، ثم تطبيق “بادر” الذي يساعد على تتبع المصابين بفيروس كورونا المستجد باستخدام خاصية التتبع الجغرافي ويتيح ايضاً المساعدة في تتبع الحالات المعزولة وأشعار الجهات المختصة في حال تم خرق العزل أو في حالة وجود إصابات جديدة.
• أما في سوريا فلا وجود لخدمات إلكترونية صحية على موقع الحكومة الالكترونية سوى للكشف عن فيروس كورونا بعمل تحليل بي – سي- آر وقد يرجع هذا لظروف الحرب وعدم الاستقرار الذي تعاني منه سوريا.
• وقد أعلن العراق- مارس 2022- على لسان وزير الصحة التحول إلى النظام الصحي الرقمي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لتقديم أفضل الخدمات، وأنه درس نقاط القوة والضعف لتحويل المعلومات الخاصة بالنظم الصحية إلى حوكمة الكترونية. وانها لتحقيق ذلك أجرت مراجعة شاملة للنظم الصحية والتشريعات التي تحتاجها الوزارة والموارد البشرية والمختبرية في العراق.
• وبالنسبة للخليج العربي، تشجع المملكة العربية السعودية، من خلال الموقع الرسمي لوزارة الصحة المواطنين والمقيمين على استخدام الصحة الجوالة من خلال نشر أسماء مجموعة من التطبيقات الجوالة وشرح طرق استخداماتها والأمور التي تستخدم فيها وكيفية إنزالها على الجوال،
• مثل تطبيق Tabaud المخصص لتعقب انتشار فيروس كورونا، الذي يمكن مستخدمه من معرفة ما إذا كان قد خالط مصاباً بكورونا في الأربعة عشر يوماً الأخيرة مع الاحتفاظ بخصوصية المعلومات،
وتطبيق Tawakkalna الذي يظهر لمستخدمه حالته الصحية،وتطبيق Seha الذي يمكن مستخدميه من تلقي استشارات طبية من أطباء على درجة عالية من المهارة في كل التخصصات، إلى غير ذلك من التطبيقات
• الأمر نفسه بالنسبة لدولة الإمارات العربية، حيث تشجع الدولة من خلال “وزارة الصحة ووقاية المجتمع” المواطنين على استخدام وسائل الصحة الرقمية، وبالأخص الصحة الجوالة.
• تخصص سلطنة عُمان من خلال موقع وزارة الصحة بوابة صحية إلكترونية توفر فيها العديد من الخدمات الصحية الرقمية لكل من المواطنين والمقيمين والمرضى والشركات والجهات الحكومية.
• تخصص دولة الكويت على الموقع الرسمي لوزارة الصحة صفحة كاملة تعرض فيها كل خدمات الرعاية الصحية الالكترونية التي يمكن للمواطن والمقيم الحصول عليها من خلال تطبيق الجوال الرسمي للوزارة.
• تعد دولة قطر الأكثر إنفاقاً على الرعاية الصحية بين دول الخليج. ولقد أعلنت دولة قطر خلال معرض ومؤتمر “كيتكوم” 2017 أنها تسعى لمستقبل ذكي عبر تحول رقمي وطني شامل من خلال برنامج “تسمو” الذي ركزت فيه على خمسة قطاعات، تعد الصحة من هذه القطاعات .
• في الولايات المتحدة، يكفي أن نعلم أن المستثمرين قاموا بتوجيه مبلغ قياسي وصل إلى 6.7 مليار دولار للشركات الناشئة المختصة في مجال الصحة الرقمية في الولايات المتحدة خلال الربع الأول من عام 2021، وفقاً لشركة المشاريع والبحوث “روك هيلث .
هنا يأتي الحديث عن “تكنولوجيا الرعاية الذاتية الرقمية المنزلية” (التطبيب عن بعد).
يمكن تقسيم أجهزة تكنولوجيا الرعاية الذاتية الرقمية المنزلية إلى ثلاث مجموعات:
أولا: مجموعات الوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة.
ثانيا: مجموعة إدارة شؤون المريض.
ثالثا: مجموعة التحكم في المرض.
ففي مجموعة الوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة يتم :
1) مراقبة الحالة العقلية:
بعض الأجهزة محملة بمجسات sensors
تكشف عن الحالة الفسيولوجية للمرء مثل سرعة دقات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم وغيرها من القياسات الحيوية.
من هذه القياسات يمكن تطوير أنساق جديدة لمراقبة الحالة العقلية للمرء، مثل التوتر.
2) الطب الرياضي:
هناك جهاز يمكن أن يكتشف بصورة مبكرة إمكانية حدوث ضربة شمس لأولئك الذين يمارسون الرياضة تحت درجة حرارة عالية. هذا الكشف يحدث من إشارات تأتي من جهاز يرتديه الرياضي بالإضافة إلى مجسات تقيس درجة الرطوبة والحرارة.
أظهرت النتائج أنه من الممكن الكشف المبكر عن احتمال حدوث ضربة شمس وتنبيه مستخدمي هذا الجهاز مراقبة الوزن٤ والتحكم فيه.
أما مجموعة إدارة شؤون المريض:
• للاكتشاف المبكر لعدم التوازن الصحي، اخترع العلماء مجسات وأدوات تعلق على قميص المريض في غرفة العناية المركزة، أو غرفة الطوارئ، من أجل المراقبة المستمرة للمخاطر التي تعرض حياة المرضى للخطر.
هذه الأدوات تمكن من الاكتشاف المبكر للحالة الصحية للمريض (دقات القلب، معدل التنفس، درجة الحرارة، درجة تشبع خلايا الدم الحمراء بالأكسجين)، والمتغيرات البيئية (درجة الحرارة في الخارج، وجود غازات سامة) وذلك للنقل من عن بعد للمعلومات المهمة إلى مقدمي الرعاية الصحية.
هناك حاجة لأن يتم نقل البيانات الفسيولوجية عن المرضى للأطباء من منازلهم وهو ما تفعله التكنولوجيا المحمولة التي تنقل البيانات وتمكن مقدم الرعاية من تقييم حالة المرضى في منازلهم وتساعدهم على استعادة التأهيل.
وعن مجموعة التحكم في المرض فتتطلب : إدارة المرض، و إضطرابات القلب
• هناك أجهزة يمكنها مراقبة معدل ضربات القلب. وعلى كل فإن ما يميز أجهزة القلب أنها أجهزة يمكنها قياس نشاط القلب خارج العيادة أو في أي مكان يتواجد فيه المريض. أصبحت هناك أجهزة قياس نشاط القلب لمريض القلب دون حاجة لأن يغير من نشاطه اليومي المعتاد.
• التوحد، لما كان من المفيد لأطفال التوحد أن يتمكنوا من التمييز بين عواطفهم المختلفة مثل الغضب والخوف والسعادة والاندهاش، فقد تم اختراع جهاز يمكنهم حمله يُمَكّن الأطفال من تعلم التمييز بين انفعالاتهم المختلفة والاستجابات المختلفة لها إلا أنه مع كل تقدم علمي تظهر تحديات أخلاقية مجتمعية لا بد من الانتباه إليها حتى تستطيع قاطرة التقدم العلمي أن تصل لمبتغاها بسلام.
هنا سنعرض التحديات الأخلاقية ثم نتلوها بالحلول المقترحة.
• التحديات الأخلاقية التي تواجه تقديم خدمات الصحة الرقمية:
1- الهوة الرقمية: تمثل الهوة الرقمية التحدي الأول الذي يقابل خدمات الصحة الرقمية. ذلك أنه وفقاً لأحدث الإحصائيات هذا العام 2020، فإن 54% فقط من سكان العالم متصلون بالإنترنت، كما أن 19% فقط من سكان ال47 دولة الأقل تطوراً في العالم متصلون بالإنترنت. هذا يعني أن هناك فجوة رقمية في العالم تقسم البشر بين متصل بالإنترنت وغير متصل .
ولما كان اعتماد العالم يزداد باستمرار على التكنولوجيا الرقمية، فإن هذا يعني أن العالم منقسم وأن انعدام المساواة بين أبناء البشر يزداد أكثر من أي وقت مضى. فإذا كان هذا هو الحال فيما يتعلق بالإنترنت، فإن هذا يعني ببساطة عدم وصول خدمات الصحة الرقمية لكل من لم يصل إليه الإنترنت، وانقسام الناس بين من تُمكنه التكنولوجيا من الحصول على خدمات الصحة الرقمية ومن يحرمه عدم وصول الانترنت من هذه الخدمات.
2- الخصوصية والأمان: لكي تتحقق الصحة الرقمية وتأتي ثمارها كاملة، يحتاج كل مستخدميها من مرضى ومقدمي الرعاية الصحية وأنظمة الرعاية الصحية بصفة عامة إلى ضمان خصوصية وأمان بياناتهم والأجهزة التي تجمع هذه البيانات وتشاركها. وهو ما يُفتقد للأسف أو غير متوفر على الأقل حتى الآن ،فإذا كانت سهولة وصول بيانات الرعاية الصحية لمقدمي الرعاية الصحية تعد إحدى ميزات الصحة الرقمية، فإنها للأسف تعد إحدى مخاطر عدم وجود هذه البيانات في أمان. وتكمن خطورة المجسات الموجودة في أجهزة الجوال في أنها من الممكن أن تجمع كثيراً من المعلومات الحساسة عن الشخص إما بصورة مباشرة أو بالاستدلال من بيانات أخرى يتم تجميعها مع الوقت، فمن مقياس التسارع والجيروسكوب (أداة تحديد الاتجاه) الموجودين في الجوال وأثناء قيادة صاحب الجوال للسيارة، يمكنها أن تستنبط عادات القيادة لقائد هذه السيارة. يمكنها أيضا أن تصل إلى استنتاجات حول مزاج الشخص ونوع الشخصية والحالة الاجتماعية والوظيفية والسن وعادات التدخين وأنواع النشاط الرياضي التي يمارسها.
يترتب علي ذلك أنه بإمكانية معرفة واستدلال المعلومات عن الشخص، انمحى التمييز بين المعلومات الشخصية وغير الشخصية. وبالتالي ضعفت قوة القوانين التي كانت تحمي المعلومات الشخصية من أن يخترقها أي شخص دون علم صاحبها.
أما فيما يتعلق بخصوصية بيانات المستخدمين، فمن المعروف أن لمعظم الدول قوانين تحمي خصوصية بيانات المرضى، ولكن هذه القوانين في الغالب لا تتخطى حدود حماية المعلومات ذات الصلة بالرعاية الصحية، وهو ما يعني إمكانية نقل بيانات المستخدم الأخرى- بل حتى دون علمه- مثل عاداته الصحية والغذائية ومواعيد نومه، وهو ما كشف عنه إختبار لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية لإثني عشر تطبيقاً من تطبيقات الصحة، فوجد أن هذه المعلومات تم نقلها إلى 76 شركة من شركات تجميع المعلومات.
3- العدالة الاجتماعية: إذا كانت الهوة الرقمية تعكس عدم المساواة بين البشر في دول مختلفة، فالظلم الاجتماعي نعني به التمييز داخل المجتمع الواحد والبلد الواحد، فالفئات الأكثر حاجة للإمكانيات التي تعد بها ثورة الصحة الرقمية غالباً ما تكون أمية لا تعرف كيف تكتب رسالة نصية أو تستخدم تطبيقاً على جهاز المحمول، وبالتالي قد لا يستمتعون بها إما لأميتهم التي قد تعوق مخاطبتهم بإرسال مثلاً رسائل نصية لهم طلباً منهم الذهاب بأطفالهم لتطعيم ضروري أو لأي خدمة طبية أخرى يمكن إعلامهم بها من خلال الرسائل النصية.
أو قد تعوق تنفيذ أهل قرية ما (النساء الحوامل) مثلا طلب تسجيل أرقام هواتفهن من أجل إرسال نصائح طبية تتعلق بحالتهن الصحية كحوامل وذلك لعدم توفر اللهجة التي يتحدثونها على الهواتف الذكية.
وقد يكون السبب أن التطبيقات الطبية تحتاج أجهزة محمول تتطلب انترنت ذا سرعة معينة لا تتوفر في هذه القرية. هذه الأمثلة جميعها تثير التساؤل: إلى أي مدى تعد ثورة الصحة الرقمية بتحقيق العدالة الاجتماعية.
4- تأثر البحث العلمي في ميدان الصحة بالثورة الرقمية: فإذا كان البحث العلمي في القرن العشرين يُجرى من خلال العلماء ومهندسي تصميم الأدوات والآلات وذلك في مؤسسات وجامعات أكاديمية تلتزم بقواعد علمية وأخلاقية صارمة، فمازال البحث العلمي في ميدان الطب والعلوم السلوكية يجرى في هذه البيئات فلقد أضيف إليهم شركات مبتدئة ومؤسسات تكنولوجية ضخمة ومواطنون عاديون (ليسوا علماء)، وهو ما جعل قطاع البحث العلمي في مجال الطب يختلف.
ومن ثم لم تعد القواعد الأخلاقية المتبعة لحماية المبحوثين تراعى بالدقة نفسها، إن لم تكن تراعى على الإطلاق، وأصبحت احتمالات الضرر الواقعة على المبحوث قائمة. ثم إنه ليس كل الباحثين مدربين بشكل كاف على تصميم الدراسات بشكل صحيح. وليست المراجعة الأخلاقية من قبل لجان المراجعة الأخلاقية مسألة أساسية بالنسبة لهذه الشركات المبتدئة والضخمة من أجل إدراج ألة أو أداة جديدة في سوق الرعاية الصحية، نحتاج بالضرورة لاختبار فعاليتها ودرجة الأمان في استخدامها. وبما أنها ستستخدم للبشر فهي في حاجة لاختبارها على البشر، أي على مجموعة من المبحوثين. وهو ما يتطلب بالضرورة وجود لجنة للمراجعة الأخلاقية. قد لا تتوفر لدى أعضاء هذه اللجنة المعرفة أو الخبرة الكافية لإختبار مدى ضرر هذه الأداة.
5-ضمان صحة وجودة المعلومات الصحية على الانترنت : على سبيل المثال: هناك تطبيق يستخدم كاميرات الجوال الذكي لاختبار ما إذا كان طفح جلدي ما moles ،يشير إلى وجود سرطان الجلد أم لا. هنا فإنه كل ما على صاحب البقعة على الجلد أن يفعل هو أن يأخذ صورة لهذه البقعة، فيقوم البرنامج بتحليلها ويوصي بما يجب على صاحب البقعة أن يفعل (كأن يوصي بذهابه مثلاً إلى الطبيب)، يسمح البرنامج للمريض بأرشفة الصور التي يلتقطها لجلده، ويتعقب التغيرات التي تحدث ويرسلها للطبيب.
* الحلول المقترحة:
أولا:- جسر الهوة الرقمية:
يعد جسر الهوة الرقمية من أبرز وسائل تحقيق مبادئ العدالة وإحترام حقوق الإنسان في الإتاحة الإلكترونية بشكل عام ومن ثم إتاحة كل إمكانيات الصحة الرقمية.
وعت الأمم المتحدة تزايد إتساع الفجوات الرقمية في العالم، وما ينتج عن ذلك من حرمان أعداد كبيرة من كل المميزات التي يمكن أن يمنحها التواصل الرقمي. وبالتالي فقد أصدرت خريطة طريق من أجل التعاون الرقمي لتوصيات الفريق رفيع المستوى الذي تم تشكيله لبحث سبل التعاون العالمي الرقمي ولتقديم مقترحات ترمي إلى تعزيز التعاون في المسائل الرقمية بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المـدني والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية والأوساط التقنية وأصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة.
قدم الفريق تقريره النهائي المعنون “عصر الترابط الرقمي” في يونيو 2019 .
وضـــمن الفريق في التقرير خمس مجموعات من التوصـــيات بشـأن الكيفية التي يمكن بها للمجتمع الدولي أن يعمل يدا في يد من أجل الاستخدام الأمثل للتكنولوجيات الرقمية والتخفيف من مخاطرها كالآتي :
أ) بناء اقتصاد ومجتمع رقميين شاملين للجميع.
ب) تنمية القدرات البشرية والمؤسسية.
ج) حماية حقوق الإنسان وإرادة الإنسان.
د) تعزيز الثقة والأمن والاستقرار في المجال الرقمي.
هـ) تعزيز التعاون الرقمي على الصعيد العالمي.
وشكلت أفرقة مناقشات مائدة مستديرة تتألف من خبراء متخصصـين للنظر في توصيات الفريق. ووقع الاختيار على قادة على أساس خبراتهم وإسهامهم السابق في الفريق وعلى أساس التنوع الجغرافي والتنوع في أصحاب المصلحة لتنسـيق أعمال كل مجموعة وقيادتها، وأتاحت هذه الإسهامات مشورة قيمة تم النظر فيها بعناية وانتهت توصيات الفريق رفيع المستوى المعني بالتعاون الرقمي على النحو التالي:
1) تحقيق الاتصال الالكتروني العالمي بحلول 2030: حيث ينبغي أن توفر لكل فرد، بحلول عام 2030، إمكانية الوصول بشكل آمن وميسور التكلفة إلى الإنترنت، بما في ذلك استخدام الخدمات الممَكنة رقميا استخداما هادفا، تمشيا مع أهداف التنمية المستدامة.
2) الارتقاء بالمنافع العامة الرقمية من أجل تهيئة عالم أكثر إنصافاً: حيث يجب بذل جهود متضافرة على الصعيد العالمي من أجل تشجيع توفير المنافع العامة الرقمية والاستثمار فيها. ويجب أن تلتزم هذه المنافع العامة الرقمية بالقوانين المتعلقة بالخصوصية وغير ذلك من القوانين السارية وبالممارسات الفضلى، وألا يكون فيها ضرر.
3) كفالة الشمول الرقمي للجميع، بما في ذلك أكثر الفئات ضعفا، لأن الفجوات الرقمية تعكس أوجه عدم المساواة القائمة على كل من المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والفجوة الجنسانية في استخدام الإنترنت على الصعيد العالمي مثال صارخ عن ذلك، حيث أن عدد مستخدمي الإنترنت من الرجال يزيد عن عددهم من النساء.
4) تعزيز بناء القدرات الرقمية: يحرم العديد من البلدان والمواطنين من قدرات ومهارات لها أهمية حاسمة في العصر الرقمي وفي بلوغ أهداف التنمية المستدامة. ويجب أن توجه أنشطة بناء القدرات أكثر بحسب الاحتياجات، وأن توضع بحسب الظروف الفردية والوطنية، وأن تنسق على نحو أفضل على الصعيد العالمي.
5) كفالة حماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي:
ينبغي وضع حقوق الإنسان في صميم الأطر التنظيمية والتشريعات المتعلقة بتطوير التكنولوجيات الرقمية واستخدامها. وتثير مسائل حماية البيانات، والهوية الرقمية، واستخدام تكنولوجيات المراقبة، والتحرش باستخدام الإنترنت، وإدارة المحتويات شواغل خاصة في هذا الصدد.
6) دعم التعاون العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي: حيث يجلب الذكاء الاصطناعي فوائد هائلة يضفيها على العصر الرقمي، فثمة حاجة إلى تعزيز جهود أصحاب المصلحة المتعددين المبذولة في سبيل التعاون العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل الإسهام في بناء القدرة العالمية على تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي على نحو قائم على مبادئ الثقة وحقوق الإنسان والسلامة والاستدامة وتعزيز السلام.
7) الارتقاء بالثقة والأمن في البيئة الرقمية. فمن الضروري حماية التكنولوجيات الرقمية، التي تدعم الوظائف والبنى التحتية المجتمعية الأساسية، بما في ذلك دعم الحصول على الغذاء والماء والسكن والطاقة والرعاية الصحية والنقل.
8) بناء هيكل أكثر فعالية للتعاون الرقمي: تتخلل التعاون الرقمي العالمي فجوات واسعة، حيث تدرج مسائل التكنولوجيا الرقمية على جدول الأعمال السياسي في أدنى المراتب في أحيان كثيرة جدا. وحتى في الحالات التي تبذل فيها مساعي التعاون، كثيرا ما تكون مجزأة ومفتقرة لنتائج عملية أو لعمليات متابعة سليمة.
ويجب، كنقطة بداية، تعزيز منتدى إدارة الإنترنت من أجل جعله أكثر قدرة على التجاوب مع المسائل الرقمية الراهنة وأوثق صلة بها.
ثانيا: الخصوصية والأمان
لكي تتحقق الصحة الرقمية وتأتي ثمارها كاملة، يحتاج كل مستخدميها من مرضى ومقدمي الرعاية الصحية وأنظمة الرعاية الصحية بصفة عامة إلى ضمان خصوصية وأمان بياناتهم والأجهزة التي تجمع هذه البيانات وتشاركها.
ثالثا: العدالة الاجتماعية يجب مراعاة المساواة والعدالة في الإتاحة من قبل أن يتم تصنيع التكنولوجيا أو التطبيق. أي أن يتم مراعاة وضمان وصولها للجميع قبل تصنيعها، وهو ما يعرف بأخلاقيات التصميم.
رابعا: تأثر البحث العلمي في ميدان الصحة بالثورة الرقمية، لإن مراعاة إحترام الكرامة الإنسانية تقتضي من كل من مصممي ومستخدمي تكنولوجيا الصحة الرقمية الامتناع عن كل بحث علمي أو استخدام منتج يسبب ضرراً فيزيقياً أو نفسياً أو تقليلاً من كرامة الإنسان.
خامسا: ضمان صحة وجودة المعلومات الصحية على الانترنت.
تقوم إدارة جودة المعلومات الصحية على الانترنت على ما يلي:
١- تعليم مستخدمي المعلومات
٢- تشجيع الإدارة االذاتية والتقييم الذاتي لمقدمي المعلومات الصحية.
٣- تقييم طرف ثالث- طرف أوسط- للمعلومات.
أما كيفية ظهور هذه المعلومات لمستخدم الموقع بحيث يثق فيه فمسائل فنية تقنية.
وهكذا غزت الصحة الرقمية حياتنا وتعد بما هو أكثر ..ترى إلى أين ستقودنا، هل لمصلحة الإنسان وحفاظاً على كرامته أم؟؟
هذا ما سيظهره المستقبل وتظهره الأيام. ###