»»
مصر الآن ترتدي ثيابا جديدة وتبدأ مرحلة مغايرة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة واستراتيجية مصر 2030..
وفي أجواء متفائلة استقبل المصريون وزراء الحكومة الجديدة ، من الجدارت والمتخصصين وأهل التكنوقراط، أملا في تحريك دفة الحياة بشقيها الاجتماعي والإقتصادي وتجاوز كافة التحديات والمعوقات،وتدشين مرحلة جديدة وصفحة مشرقة من صفحات النهوض والتطوير.
وفي ظروف دولية وإقليمية بالغة الدقة،ومع بدء عصر الجمهورية الجديدة تبدو في الأفق ملفات عديدة تتطلب حلولا عملية ،واتخاذ خطوات إيجابية فاعلة ،ومعها تتزايد طموحات المواطنين المشروعة وسط تطلعات تصحيح المسار وإحياء الآمال من أجل غد أفضل وحياة أكثر سعادة وإشراقا.
وأتصور أن تغيير هذا العدد الكبير من الوجوه والوزراء والمحافظين، والمسؤولين ورؤساء الهيئات لهو مؤشر إيجابي نحو المضي قدما في استراتيجية الإصلاح الشامل وتلبية احتياجات ومطالب المواطنين،وتعزيز الإرادة الفاعلة لحل المشكلات المزمنة والمستجدة.
وفي اعتقادي أن هناك ملفات عديدة وشائكة وتنتظر حلولا غير تقليدية ومبدعة، ولم يعد لدينا مكان أو موقع من الإعراب لمقولة “ليس في الإمكان أبدع مما كان ” ، فمعين الإبداع والابتكار لن ينضب مع ترشيح هذه الكوكبة المتميزة من الرموز والشخصيات والكفاءات ،مدعومة بسياسات وإجراءات حكومية تتناسب وطبيعة المرحلة،وإرادة قوية للعمل والانجاز وتحقيق أهداف التنمية والاستقرار.
وعلي رأس الملفات المهمة التي يطمح لها أبناء أرض الكنانة وقف جموح الأسعار عبر إيجاد آليات حاسمة لمحاصرة المتلاعبين بقوت المواطنين والمحتكرين ،وفرض منظومة جديدة للأسعار العادلة للسلع والخدمات،تضمن محاسبة المتلاعبين بقوت المواطنين.
ومن الملفات المهمة زيادة المرتبات والمعاشات بما يتواءم مع الزيادة المطردة في أسعار السلع والخدمات وفتح آفاق للتدريب وتوفير فرص عمل جديدة واستيعاب طموحات الأجيال الجديدة من أجل حياة أفضل.
ومن الملفات المهمة أيضا ،تشجيع الصناعات المصرية وتوفير البدائل المحلية،وتوفير العملة الصعبة وتحجيم فاتورة الاستيراد،واتخاذ إجراءات عملية نحو دعم التداول بالعملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار ،وتحريك دفة مردودات الشراكة مع دول تجمع “بريكس”، ودعم العلاقات والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والإفريقية والعربية.
ومن التطلعات ،الاهتمام بالسلع الاستراتيجية ،كالقمح والأرز والذرة كصمام أمان للأمن الغذائي وتجنبا للتقلبات والمتغيرات الأممية، ومن ضرورة دعم البرامج البحثية القومية لتطوير زراعة هذه السلع بما يتوافق مع البيئة المصرية وظروف التغيرات المناخية،وإيجاد آلية لخفض قيمة الأعلاف والاعتماد علي البديل المحلي ومن ثم وقف الزيادات غير المبررة في أسعار البيض والدواجن واللحوم والأسماك.
كما يطمح فصيل من المصريين للمزيد من دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والحرف اليدوية وتعزيز وسائل تسويق المنتجات البيئية والتراثية بهدف توفير الملايين من فرص العمل علاوة علي دعم مشروعات المرأة وشباب الخريجين.
ومن القضايا المهمة التي تتداخل في الاضطلاع بها مجموعة من الوزارات مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء وضرورة تطوير مصادر الطاقة والاعتماد على الطاقة الشمسية والنظيفة بالمنازل وبعض التجمعات القروية والبدوية،وتوظيف الطاقة المتجددة بأعمدة الإنارة بمختلف المحاور الرئيسة ،الشوارع والمتنزهات ومختلف المواقع السياحية وتوفير العدادات الذكية المرشدة التي تضمن استهلاكا عادلا للمواطن وتتوقف بصورة تلقائية ،أو تنذر المشتركين عند زيادة معدلات الاستهلاك عن المستويات المعتادة.
وايضا أعتقد أن مهام الوزراء الجدد دعم الشراكة مع القطاع الخاص واستيعاب صغار المستثمرين ،وأيضا فرملة جموح بعض رجال الأعمال والرغبة فى السيطرة علي أسواق السلع والخدمات،وهو ما أخل بآليات العرض والطلب وأطاح بمنظومة السعر العادل المنوط به تحقيق مصالح جميع المواطنين.
ومن المهام الدقيقة للوزراء الجدد إعادة هيكلة الوزارات وتطهيرها من شبهات الفساد المالي والإداري وبعض الخطايا المتكررة وإيجاد آلية لتقليص عدد المستشارين من غير المتخصصين ،وتعزيز الترشيد وضبط الأداء والانفاق والتنسيق التام مع المحافظين والاهتمام بالزيارات الميدانية لمختلف مواقع العمل والإنتاج والالتقاء بالمواطنين،وإشعار الناس بآثار التنمية ،وما تحقق من إنجازات يحاول البعض التقليل من شأنها ،أو الانفراد بقطف ثمارها!.
وأتصور أنه من المهام الاستراتيجية للحكومة الجديدة تغيير وجه الحياة والنظم الإدارية عبر الاعتماد علي مؤشرات الحكومة التكنوقراطية والتي تتجاوز الروتين والبيروقراطية إلي مرحلة الابداع والتميز وتدعم صناعة القرارات المناسبة على أساس الخبرة والمعرفة العلمية أو التقنية.
كما يطمح المواطنون لتغيير الوسائل الإدارية وزيادة فعالية أجهزة الإصلاح الإداري التي تقدم الاستشارات الإدارية، وتقترح الحلول لبعض المشكلات الإدارية الناجمة عن بعض الممارسات البيرقراطية.
هذا علاوة علي استخدام التقنية الرقمية الحديثة كوسيلة، وتوظيفها لاستيفاء متطلبات العملية الإدارية مع المحافظة على أصالة وقيم وهوية المجتمع .
ومن التطلعات تأكيد مبدأ أن كل تغيير هو اولا في خدمة المواطنين، وأن الإنسان هو الغاية، وأن الأنظمة واللوائح والإجراءات ما هي إلا وسائل لتحقيق ذلك ، مع المرونة في اتخاذ القرارات بما لا يتعارض مع الهدف العام ويخل بمبدأ العدالة والمساواة.
وايضا التوسع في مجالات التدريب وتنوعه لمختلف المستويات الإدارية وفقاً للاحتياجات الفعلية للعاملين في الإدارة،علاوة علي مراقبة السلوكيات الإدارية المنحرفة، وسرعة تقويمها بالطرق التعليمية والتدريبية أو التأديبية.
تخصيص أوقات محددة يلتقي فيها المسؤولون بالمرؤوسين وجهاً لوجه للاستماع إلى شكاواهم، والعمل على حلها.
لقد سئم الناس في بلادنا أنظمة الإدارة الروتينية في بعض الوزارات وقواعد العمل البيروقراطية المقيدة لكل ابتكار وتميز ،وقد آن الأوان للانطلاق وتنمية روح المبادرة والحيوية والاجتهاد والتعاون والإبداع.
كما يتطلع أبناء أرض الكنانة لإشراك المصريين في بعض القرارات من خلال الحوار المجتمعي البناء ،وخاصة فيما يتعلق بنظم توزيع الدعم والخبز،وعند تنفيذ بعض أوجه التطوير في منظومة التعليم بشكل عام الاستماع لرؤاهم ومقترحاتهم بصفة دورية،والمشاركة في تقييم أداءات وأجهزة خدمة المواطنين بالوزارات المختلفة.
كما يرنو أبناء المحافظات لتطوير عمل المحليات وعودة انتخابات مجالسها،ولفكرة المحافظ الميداني،الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة بمختلف القري والنجوع والمدن.
وتبقي الشفافية والمصارحة وتفهم هموم المواطنين أهم محددات المصداقية وكسب ثقة أهل المحروسة.
تلك مؤشرات عامة وسطور من قائمة التطلعات المشروعة،وما بقي الأمل بقيت الحياة المشرقة ،ورغم التحديات الجمة فمصر تستطيع بتعزيز الإرادة الجماعية والمشاركة الفاعلة وتوحيد الأهداف الوطنية.. والقادم أفضل بإذن الله.
/