بقلم ✍️ د.خلود محمود
( مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الادبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
رغم الآثار الإيجابية التي خلفها ظهور الشبكة العنكبوتية إلا أنها طفت على السطح جرائم وسلوكيات معادية للمجتمع وأخرى ضد القانون يتحايل فيها المجرم بطرق مختلفة علي كشف جريمته للقانون.
هذا النوع من الجرائم له تأثيرات سلبية على البناء النفسي للفرد، وكذا علي قيم ومعايير المجتمع التي تأثرت بالانترنت وشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تأتي في الصدارة في عملية تشكيل وتوجيه وعي الفرد تجاه نفسه ومجتمعه لانها أصبحت مصدر استيقاء معلوماته ومعرفته الأول وتلعب دوراً أساسيا في حياة الفرد بتواجدها الدائم وسهولة الاستخدام والإتاحة والمجانية.
إن وسائل التواصل الاجتماعي جاءت بهدف محدد منذ بدايتها وهو تسهيل عملية التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمعات المختلفة لا هي وسيلة أخبارية ولا ثقافية ولا توعوية ولا إعلانية ترويجية حتي وإن تم استخدامها بهذا الشكل وإن كان هذا الاستخدام له من المنافع ما يفيد إلا أنه منذ البداية غير صحيح في بعض الأحيان ..
وهو واقع قد فرض لابد أن نواجهه بالوعي والمنطق قبل الحكم علي الأخبار عند وصولها إلينا من مصادرها غير المعلومه ..
وهذا الاستخدام في الأصل لا يوازي من الخطورة شئ أمام خطورة استخدامها في الترويج للجرائم بكافة تفاصيلها فالمنشورات المفصلة بالصور والفيديو عن جرائم الاعتداءات والقتل والسرقة والنهب وغيرها تروج عن طريق منصات التواصل الاجتماعي علي أنها لمعرفة أفراد المجتمع بتلك الجرائم كنوع من أنواع التوعية المجتمعية بخطورة هذه الجرائم ومسبباتها ولكن في الحقيقة هناك شئ أشد خطورة وهو أن يتخذ جزء من مستخدمي “السوشيال ميديا” تلك الأخبار والمنشورات كنوع من الأفكار يستخدمها هو الأخر ليطبق ذات الجريمة بل ويستحدث عليها أساليب وحيل جديده ليتفادى كشف جريمته فهو قد علم أيضا الطريقة التي أكتشف بها أمر منفذ الجريمة السابقة ليس فقط تفاصيل قيامه بها ، وهنا يعتقد بعض ممن يرتكبون هذه الجرائم أنهم بعيدون عن المحاسبة، وأن هناك صعوبة فى الوصول إليهم مما يجعلهم يتمادون فى جرائمهم.
إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الشكل يكشف عن انهيار قيمي وسلوكي وأخلاقي بل ويبرز حالة من الانهيار الثقافي التي تجعل الناس ليس لديها الوعي والاستبصار للتفرقة بين الصالح والطالح.
إن عملية نشر هذه الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مكثفة، تجعل الأفراد ممن هم غير ناضجين نفسيا يتلقفون الخبر، ويترسخ في الخلفية الذهنية لديهم، وعندما يتعرضون لنفس الظروف يقلدون نفس الفعل، كما أن دفاع البعض عن مرتكبي الجرائم يولد شعورا بعدم تعرضهم للحساب عند ارتكابهم نفس الجرم .
و الهدف من هذا المقال محاولة توعية المجتمع وأفراده بحقيقه ما يمكن أن تؤدي إليه كثرة التعرض لهذه الأمور، كما أن تناقلها بكثرة يساهم في ازديادها وهنا اذكر مقولة: (أميتوا الباطل بالسكوت عنه) ،فالحديث عن ظواهر اجتماعية سلبية وجرائم وتفخيمها، وتكبيرها، يساعد على انتشار هذه الأفكار لدى المراهقين ، أو لدى المضطربين نفسيا، وتجعلهم يحاولون محاكاة هذه الظواهر، بحثا عن إحساس بالقوة أو البطولة أو لفت الانتباه، حتى يشعر بقيمة ذاته.
والخطاب هنا أيضا للوسائل الإعلامية هناك فرق بين التوعية وبين الترويج فما الذي سيهم المجتمع اذا نشرنا كل ماحدث بالجريمة تفصيلاً وكيفية إخفاء معالمها أو التحايل القانوني لعدم القبض علي مرتكبيها لا شئ سوي تكرارها ، إن حماية المجتمع مسئولية مشتركة وعلينا جميعاً أن نتداركها بوعي وحكمة.