بقلم ✍️ شحاتة زكريا (كاتب وباحث متخصص في الشؤون الاقتصادية والسياسية)
تتسابق الدول اليوم لاستغلال موارد الطاقة ليس فقط كوسيلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي أو النمو الاقتصادي ولكن كأداة قوية لتعزيز نفوذها السياسي وتشكيل تحالفات جديدة .. في عالم يشهد تحولات جيوسياسية سريعة أصبحت السيطرة على مصادر الطاقة ، وخاصة المتجددة منها أحد أهم العناصر التي تحدد مستقبل الدول على الساحة الدولية.
الطاقة المتجددة: تحولات القوة الناعمة؟
على الرغم من أهمية النفط والغاز في تشكيل التحالفات السياسية والاقتصادية بدأت الدول تنظر إلى الطاقة المتجددة كبديل مستدام قد يعيد ترتيب موازين القوى. البلدان التي تستثمر في الطاقات النظيفة تجد نفسها في موقع متميز يؤهلها لقيادة العالم نحو مستقبل أكثر استقرارا وأمانا بيئيا. وليس فقط بسبب حاجتها للانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري بل لأن هذه الطاقة تمثل “القوة الناعمة” الجديدة التي يمكن أن تجمع الدول وتؤسس لتحالفات تتخطى المصالح الاقتصادية التقليدية.
التحالفات الدولية: من النفط إلى الشمس؟
التوجه نحو الطاقة المتجددة لم يعد خيارا بل ضرورة وهو ما يفتح الباب أمام فرص جديدة لتشكيل تحالفات دولية قائمة على التعاون التكنولوجي وتبادل الخبرات في هذا المجال. الدول التي تمتلك القدرة على تطوير مشاريع طاقة متجددة كبيرة قد تجد نفسها في مركز قوة يؤهلها لقيادة تحالفات جديدة تتجاوز حدود الجغرافيا السياسية التقليدية.
من جهة أخرى يمكن أن تُستغل هذه التحالفات لتعزيز النفوذ السياسي حيث تصبح الطاقة المتجددة جزءا من المعادلة الدبلوماسية للدول مثلما كان النفط والغاز في السابق. هنا يظهر السؤال: هل ستكون الطاقة المتجددة وسيلة للتعاون الدولي أم سلاحًا آخر في الصراع على النفوذ؟
نحو مستقبل مختلف: استراتيجيات مصرية؟
مصر بطبيعتها الجغرافية وموقعها المتميز تمتلك إمكانيات هائلة في مجال الطاقة الشمسية والرياح. وإذا ما تم استغلال هذه الإمكانيات بشكل صحيح يمكن أن تصبح مصر محورا مهما في تحالفات إقليمية جديدة قائمة على الطاقة المتجددة.
من خلال تعزيز استثماراتها في هذا المجال وتطوير بنيتها التحتية يمكن لمصر أن تكون رائدة في استراتيجيات الطاقة النظيفة مما يفتح لها أبوابا جديدة على الساحة الدولية، ويجعلها شريكا رئيسيا في تشكيل مستقبل أكثر استدامة.
وفي الأخير ..
الطاقة اليوم ليست مجرد مصدر للإضاءة والتدفئة، بل أصبحت عنصرا أساسيا في صياغة السياسات الدولية.
ومن هنا تأتي أهمية التفكير في استراتيجيات جديدة تواكب التحولات العالمية وتضمن للدول دورا فاعلا في المستقبل. فهل ستنجح الدول في تحويل هذا المورد الحيوي إلى جسر للتعاون، أم سيظل سلاحًا في صراعات النفوذ؟