ساهرت الكواكب ليلة أمس ، لم تخالط جفني سنة الكري ، حتي ظننت أنني انتقلت إلي العالم الأخر ، أيتها الدموع التي أحرقت جفوني تمهلي قليلا قبل تحرقي ما تبقي من ذكريات ، أنشأت أمشي ليلا لا أعرف لي مذهبا ولا مطربا ولا أجد من يأخذ بيدي ويدلني علي نفسي التائهة ووقفت قليلا بين ذكرياتي اعوام كثيرة تناسيتها ولكنها عادت تغرس سيوفا علي جرح مضي ، أيتها الأيام رفقا بقلب رقيق أصبح لا يحتمل ، اه يا قلبي الجريح مالك تبكي بكاء الواثق بمواتاة الأيام ومطاوعة الأقدار فهل تستطيع يا قلبي المتعب ان تبرز لي صورة العهد الذي أخذته علي الأيام أن يكون لك ما تحب وتشتهي ، وعلي الفلك ألا يدور إلا بسعدك ، وعلي القلم ألا يكتب في لوحة إلا ما أوحيت به إليها ؟
أيتها الدموع المحرقة لا تجعلي لليأس سبيلا إلي نفسي ، فلعل الأمل يعوض علي في غدي ما خسرت في امسي ، دعيني وشأني فأنما القلب الذي تمج الشمس لعابها إليه من غرفتها، انا الكبد المقروح الذي لو عرض في سوق الهموم والأحزان فلن تجدي له مثيلا وسيبتاع بأبخس الأثمان ، ودارت الأيام دورتها ورأيت الماضي بين يدي واخترقت قلوبهم واحبوني واحببتهم ومضت أعوام وأتت أعوام وما زال قلبي ينزف دما لأني لا أعلم الحقيقة ، قلبي لا يعرف الكذب وموعي صادقة ولكني لا أعرف لهم مذهبا . وقف ادم أمام الباطن يوم الشجرة يعالج فتحه فاستعصي عليه إنك لتري الأصدقاء فيعجبك حديثهم وثغرهم المبتسم ويروك لك كلامه وإعجابه بشمائلك ومحاسنك ولو كشف لك عما في باطنه لفررت من وجه فرارا
لولا ما اسدل الله دون السرائر من الحجب لبدلت الأرض غير الأرض، وكان للكون نظام أخر ، والتاريخ صفحات غير هذه الصفحات