بقلم ✍️ أ.د.مها عبدالقادر
(أستاذ أصول التربية كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر)
يشكل الاقتصاد الأبيض أحد الأنماط الاقتصادية التي تقوم بها بعض الشركات المعتمدة على الاقتصاد الرقمي، وفيه يعتمد الشباب على المتاح من الموارد التي من خلالها ينمو الابتكار وتتوالى التنمية عبر التقنية من خلال عمليات البيع عبر الفضاء الرقمي للمنتجات الرقمية؛ فهو يمثل تحولاً مهماً في النمط الاقتصادي المعاصر، حيث يعتمد بشكل أساسي على الابتكار والتكنولوجيا.
وهنا يجب أن ندرك أهمية المعرفة المتجددة والمقدرة على صناعة المعلومات التي تسهم قطعا في التنمية التكنولوجيا من خلال عمليات الابتكار؛ حيث إن امتلاك المهارات من قبل جيل الشباب يحقق المعادلة الصعبة والتي تمثل رأس المال التقني الذي يحول سريعا لثروات مادية طائلة عبر هذا الاقتصاد المبني في أساسه على المعلومات والقدرة على استثمارها وتسويقها بالطرائق والأساليب المبتكرة.
ومصر من الدول التي مهدت الطريق نحو الاستثمار في هذا المجال؛ فهناك العديد من السياسات التي تشجع دوما فئة الشباب للتوجه إلى الابتكار في المجال التقني؛ ففتحت المؤسسات التعليمية التي بها حضانات الابتكار وطورت من البينية التحتية التي دعمت بدورها هذا النمط من الاقتصاد الأبيض؛ فقد باتت العلوم التكنولوجية تستهدف الذكاء الاصطناعي وأدواته؛ فعبر التطبيقات يتم تصميم البرامج والآلات التي تحاكي ماهية سلوك البشر بقدر كبير من الدقة.
ونود الإشارة إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته أضحت متغلغلة في كافة الاقتصاديات التي تحقق التنمية المستدامة في مجالاتها المتنوعة، وهذا يؤكد مدى اهتمام دول العالم ومنها مصر على التمسك بالاستراتيجيات التي من شأنها تسهم في إحداث ومضاعفة سبل التنمية التي تعمل على زيادة الإنتاجية وتسهم في تحقيق التنافسية والريادة على المستويات الداخلية والخارجية.
وليس هناك غرابة من أن الاقتصاد الأبيض يساعد في إحداث نقلات نوعية في الاقتصاد الوطني لكثير من دول العالم؛ فمن خلاله تحصد هذه الدول مكاسب تسهم بصورة مباشرة في زيادة الإنتاج والوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي لكثير من الاحتياجات وفي مقدمتها الغذاء، وعبر هذا الاقتصاد المتطور تخلق العديد من فرص العمل التي تدفع بالتنمية في مسارها المضطرد؛ فنرصد أن عمليات استكشاف الثروات والموارد الطبيعية باتت عديدة، ومعدلات الكشف عن الأمراض والأوبئة والتنبؤ بها صارت واقعية وتحقق نتائج مرضية في المجال الطبي، إضافة إلى نمو الثروة في العديد من بلدان العالم، وتزايد نمو القطاع الصناعي والزراعي بشكل كبير.
وثمرات الاقتصاد الأبيض يصعب حصرها؛ لكن هناك ضرورة لأن نعمل بكل جهد على أن يستوعب شبابنا صاحب الطاقة والعطاء فقه هذا الاقتصاد المهم؛ حيث إن استيعاب أدبيات هذا الاقتصاد يعد عامل رئيس لتنمية كافة مسارات ومستويات الابتكار الذي يعد شريطة رئيسة للتطور الرقمي أو التقني ومحور أساسي للنمو الاقتصادي.
إن الاقتصاد الأبيض يحقق تطلعات وطموحات وأحلام الشباب؛ فهم قاطرة تنمته وسواعدهم تساعد دون شك في الدفع به من خلال ما يمتلكون من طاقات يكمن في خلجاتها الابتكار وحماسة العمل المتواصل من أجل تحقيق الغاية التي يرغبون الوصول إليها، ولا شك من أن الدعم المعنوي لهم أمر محفز ويؤدي إلى الدعم المادي من خلال الإنجازات الرائدة التي يتم التوصل إليها عبر التقنيات الذكية.
ومؤشرات التقارير حول هذا الاقتصاد تؤكد ارتفاع الناتج الإجمالي العالمي والمتوقع أن يصل إلى15.7 تريليون دولار ببلوغ عام 2030، ودلالة هذا التنامي تنعكس قطعًا على الجميع بما يحقق تنمية متكاملة تحد من معدلات الفقر والبطالة وتساهم في تحسين مستويات المعيشة عبر زيادة الدخل القومي للدول والأفراد، وهذا مؤشر مهم للتنمية في صورتها المستدامة بمستوياتها العالمية.
ودعونا لا نعبأ بالمهددات التي تأتت من مخاوف توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ فهناك من يروج لها ويؤكد على أنها تساعد في التوزيع غير العادل للناتج العالمي وتؤدي لمزيد من البطالة إلى غير ذلك من التهديدات، ولكن يتوجب علينا الاستعداد وأن نعمل على تنمية مهارات الفرد التقنية وندفع به مبكرا أن يخوض هذا المضمار ليخلق فرص عمل له ولغيره بما يسهم في تحقيق أهداف الاقتصاد الأبيض؛ فهناك قناعة بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي تسعى إلى فائدة البشر والبيئة الكونية قاطبة، وتعمل على حفز النمو الشامل والتنمية المستدامة ورفاهية المجتمعات.