عاشت أمل حياة بسيطة في قريتها، كانت فتاة طموحة تحتضمن امالها عنان السماء ، كانت الأبنة الوسطي لعائلتها، كان والدها رجلا عظيما زرع في نفسها حب الخير ومساعدة الجميع ، كانت زهرة يانعة في أحضان أمل كل يوم جديد كانت تمرح كل صباح بين الحقول تحت نور الشمس الساطعة تتراقص الحياة بين عيونها فرحا ، وعبير الأزهار يتوج رأسها، وكبرت أمل وكبر حلمها فقد كانت صوتا رائعا، كانت تحفظ القرأن الكريم عن ظهر قلب ، والتحقت بالمرحلة الثانوية ورغم ظروفها المادية إلا أنها لم تستسلم لتلك الظروف ممسكة بيدها تطلعات كبري لمستقبل يبشر بالخير، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن لقد مرض والدها مرضا شديد واصبحت هذه الفتاة المسكينة محاصرة من كل إتجاه ، مهددة بترك الدراسة ماذا تفعل تلك الفتاة الصغيرة بين هذه الظروف الطاحنة فتنازلت عن بعض احتياجاتها وأكملت المرحلة الثانوية ولكن تخطت هذه المرحلة بتقدير لا يسمن ولا يغني من جوع ، لم يعد أمامها إلا طريق العمل أي طريق الشقاء ، فكانت تعمل ليل نهار لإستكمال مسيرتها وتوفي والدها واصبحت مسؤلة عن هذه الأسرة الصغيرة واصبحت تحدث رفقا بي أيتها الأيام لم أعد أحتمل وكان لها صديقة تدعي مريم تحبها كثيرا وكانت مريم تعشق المسرح وفي يوم جديد وتحت ظلال الأشجار الوارفة والطيور المغردة ، والسماء الصافية وخيوط الشمس المتشابكة، تقابلت مريم مع اصدقائها تصاحبها أمل ، تنظر أمل يمينا ويسار ما هذا العالم ، كانت أمل فتاة ريفية لا تعلم الكثير عن حياة المدينة، ووقف نظرها عند شاب في الخامس والعشرين من عمره فقد وسيما جدا وبادلها النظرات ولكنها كانت تخاف ، وتوالت الأيام وتعلق قلبها بهذا الشاب ويدعي فارس وكان لفارس صديقين سيد واحمد ، وكان سيد رجلا غليظا يمتلك نفسا عفنة لا تحب الخير لأحد، أما احمد فقد كان يحب فارس حبا جما ، وعاشت أمل أجمل قصة مع حبيبها تشعر كل لحظة أنها عانقت عنان السماء واتفق العاشقان علي الزواج وقدمها فارس لأسرته واحبوا تلك الفتاة كثيرا ، واعتقدت أمل أن هذا تعويض عن كل ما تجرعته من مرارة الحياة وقسوة الأيام ، كانت أسرته مترابطة وحنونة ولكن سيد وضع السم لهذه العلاقة وأفسدها تماما بكلماته السامة عن تلك الفتاة المسكينة ذات التسعة عشر عاما لا تفهم شرور البشر فقد رحل عن الحياة من كان معلما لها ، فقد مات سندها وهجرها حبيبها، واستسلمت لواقعها وسالت دموعها كالمطر علي حبيب ظلمها وشق قلبها وتوالت السنون ، وانتهت من المرحلة الجامعية وتقدم لها شاب ميسور الحال ووافقت متناسية ما حدث لها ، كانت لا تعلم أنها ألقت بنفسها في بحر من الظلمات ليس له نهاية، كان زوجها يعشق المال لا يترك لها إلا جنيهات قليلة ولكنها كانت زوجة صالحة وتفانت هذه الزوجة في إنجاح هذه الزيجة البائسة واصبح زوجها من أكبر رجال الأعمال ، ولديه الكثير من المصانع والمولات التجارية، ورغم ما فعلته من أجله إلا أنه كان يضربها ويلقي عليها الشتائم الازعة، كانت تري خيانته لها وتصمت وتبتهل إلي الله أن يخرجها من ظلام هذا الرجل ، وفي يوم قالت لها المربية أن زوجها يغازلها ونصبت له الفخ واوقعته وكان هذا سلاحا للخلاص منه وتنفست أمل الصعداء ولكن كانت دائمة البكاء علي ما فعلته الأيام بها وبأولادها، ولم تستلم ايضا رغم مرضها بالسرطان وكافحت وأكملت دراستها واصبحت أستاذة بالجامعة وقاومت آلالام المرض ، وفي يوم حزين تلقت رسالة علي هاتفها يا إلهي إنه اخو حبيبها، فقد كان يحبها كثيرا
أمل أين أنت؟
مازن افتقدك كثيرا
ماذا عنك وعن أسرتك؟
بخير يا اختي الحبيبة
مازن ارجوك لا تذكر لي اسم فارس
صمت مازن عن الكلام أمل هل انت لا تعلمين ما جري ؟
أمل : ماذا حدث
مازن: لقد مات فارس منذ عامين
اسودت الدنيا في عينيها وسالت دموعها أنهارا فقد كانت تحب فارس حبا جما، وتواصلت مع والدته التي اجهشت بالبكاء عند سماع صوتها
أمل لقد مات فارس وانت لم تأت إلي
أمل : أمي لم أكن أعلم
وطارت إليها أمل مرتمية بين احضانها واخذتها هذه الأم الحنونة إلي قبره ويا ليتها ما فعلت، تناست أمل كل من حولها واصبحت تناجي حبيبها
أمل: فارس لماذا تركتني ورحلت ؟ لماذا تخليت عني؟ أعندما أراك بعد هذه السنون أراك في قبرك يالا قسوة الأيام يا قرة عيني وظللت تبكي وتفاجأت بسيدة ترثيها يالا سخرية القدر أنها زوجته التي تزوجها وهؤلاء ابنائه، غادرت أمل مع سائقها والدموع في اعينها متسائلة هل من يوم او لحظات تفتح لي الدنيا زراعيها.