بقلم ✍️ د.خلود محمود
(مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الأدبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
نحن نعيش في عالم متسارع يحوي علي كثير من التطورات التي قد لا يعرف الفرد مدي خطورتها وفي ظل التشابك والتعقيد الذي تنتجه التكنولوجيا كلما تطورت وانتجت آليات جديدة ظهر مصطلح حديثاً نسبياً وهو الهندسة الاجتماعية.
والشائع عند الناس عندما نقول هندسة يعني التخطيط والتنظيم واستخدام الاساليب والمبادئ العلمية لتصميم وتنفيذ المنشآت والهياكل والألات والاختراعات والأنظمة وغيرها أي أنها معني علمي صميم فما علاقة ذلك بالاجتماعيات والأفراد والمجتمع لكي نربط الهندسة بالمجتمع فيما أطلق عليه الهندسة الاجتماعية دعني أوضح لك الأمر ببساطة الهندسة الاجتماعية هي عملية تقنية تستغل الخطأ البشري للحصول علي معلومات خاصة عنهم.
وتتمحور عملية الاحتيال القائمة علي الهندسة الاجتماعية حول كيفية تفكير الأشخاص وتصرفاتهم ، وبمجرد ما يعرف المهاجم هنا ما يحفز تصرفات الأفراد المستهدفين في المجتمع يمكنه خداعهم والتلاعب بهم بشكل فعال فتاره نعتاد علي تحميل كل بياناتنا علي مواقع التواصل الاجتماعي كنوع من الشهره والفخر بالانجازات وتاره نعرض آراءنا حول المعتقدات والأزمات والشخصيات وكل شئ داخل مجتمعنا فتسهل قراءتنا من خلال تلك الاعتيادية التي جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي منابر للتعبير والإدلاء بالآراء ..
وهنا تحقق الهندسة الاجتماعية فعلياً تعريفها العملي الذي ينص علي أنها عملية تلاعب بالبشر وخداع بهدف الحصول علي بيانات ومعلومات كانت ستظل آمنه ،ولا يمكن الوصول إليها بهدف اختراق النظام الاجتماعي لمجتمع ما ، جميعاً سنتسأل عن ما هي أهمية تلك المعلومات الشخصية كالعنوان ورقم الهاتف والمستوي العلمي ودرجة الوعي السياسي والمستوي الثقافي وغيرها من المعلومات التي تحويها منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا ، لكي يصنع لها توجه علمي جديد أجيب ببساطة أنه في عصر المعلومات يمكن أن يكون لأي معلومة قيمة فالكيان أو الشخص الذي يستهدفنا لها دوافع معينة وبالتالي لا يمكننا الاستهتار بأي معلومة.
وتعتمد الهندسة الاجتماعية علي أسلوب الاقناع والثقة وذلك من خلال بعض السلوكيات مثل أولاً زيادة المشاعر حيث يعد التلاعب العاطفي للمهاجمين هو الاساس بأستخدام الأساليب المختلفة التي نجدها بصور كثيره علي الانترنت ومواقع التواصل كتحفيز المشاعر بموسيقي درامية أو النظر بمشاهد أنسانية تلغي بسيطرتها التفكير العقلي والنظرة المنطقية للحدث وثانياً الثقة فالمصداقية أمراً هاماً وضرورياً فلابد أن تشعر بالثقة ليسهل استهدافك وتحفيزك للخروج بالمعلومات التي قد تظن أنها غير هامة بالنسبة للأخرين في حين أنها يتم تحليلها واستخدامها لأغراض محددة يسهل من خلالها استهدافك واستهداف المجتمع وتتداخل الثقة مع الاعتيادية التي تتخذها منصات التواصل منهج لها فمن الرفض التام للتأييد المطلق تسحب تفكيرنا منصات ومواقع التواصل من كثرة التعرض التي تجعلنا نعتاد الفكر بل وننتهجه.
ويتجلي ذلك كثيراً وبنماذج واضحه في المجتمع وبعادات وتقاليد كان يرفضها افراد المجتمع والآن يروجون لها ويطبقونها ، وأما الأمر الثالث وهو المتم لهم فهو الاستعجال الذي قد يصل بالشخص للتنازل عن نفسه ومعتقداته وفكره في سبيل تحقيق شئ معين تم اغوائه به ، وبخلاف الاشخاص الذين قد يدلون بتلك المعلومات بنفسهم فهناك طرق احتيالية للأشخاص الذين لا يفعلون ذلك ومنها ”هجمات التصيد الاحتيالية” يتظاهر المهاجم بأنه من مؤسسة موثوقة أو شخص موثوق به يحاول إقناع المستخدم له بالكشف عن البيانات الشخصية والأشياء الثمينة وهو نوعان:
/
التخطيط غير المرغوب فيه أو تصيد الجماعي وكل من هذه الهجمات غير الشخصية إنما تحاول القبض على أي شخص مطمئن.
”هجمات الاصطياد” التي تتضمن الاختراق عن طريق البرامج وتكون على سبيل المثال في محركات البحث المطروحة في الأماكن العامة المكتبات و مواقف السيارات والنكت التي تصل في البريد الإلكتروني او على من الصوت التواصل الاجتماعي برامج مجانية او مسابقات.
هجمات الخرق الجسدي تتضمن الانتهاكات الجسدية ظهور المهاجمين شخصيا والتظاهر بأنهم شخص عادي وهذا النوع أكثر شيوعا في المؤسسات الحكومية أو الشركات أو المنظمات يتظاهر الشخص بأنه ممثل لشركة موثوقة ويكون ذو هوية غير حقيقة لكنها قابله للتصديق وأنه يحتاج إلي مجموعة من البيانات التي تساعده في بحثه أو عمله .
ونوع أخر “كهجمات Quid Pro Quo “ويشير هذا المصطلح الي خدمة مقابل خدمة وهنا يعني تبادل معلوماتك الشخصية مقابل مكافأة أو تعويض آخر فيأتي الاستغلال من خلال إثارة حماستك بمكافأة أموال أو هدايا وهنا يحصل علي معلوماتك بسهولة وكما نتعرض لذلك النوع كثيراً برسائل من معارفنا غير مدركون لحقيقة الخطر الذي نقع نحن وهم به جراء مشاركة تلك اللينكات .
ولكي نواجه ذلك الخطر علينا التصدي له من خلال الوعي الذاتي والتمهل والتفكير قبل الاستجابة أو فعل أي شئ خاصة في بيئة الانترنت الافتراضية والحكم بالمنطق لا بالمشاعر علي كل ما نتعرض له أن الحديث عن الهندسة الاجتماعية لا يمكن التحذير منه بمقال ولكن هنا وجب التنويه بالتوعية بتأمين معلوماتك الشخصية وحساباتك والحذر من تكوين صداقات وهميه علي منصات التواصل الاجتماعي ، واستخدام شبكات الانترنت الأمنه ، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لغرض الاستفادة لكن من مصادر موثوقة عليها أو الترفيه أو التسلية وليس في أطار التأييد أو الرفض أو الافصاح بالمعلومات الشخصية وغيرها.