»» بقلم ✍️ مدحت الشيخ
( مدير تحرير جريدة الديار)
لم يكن انتصار أكتوبر المجيد وليد الصدفة بل حصيلة جهد أتى بعد سنوات من الإعداد الجيد والعمل الشاق وتخطيط ،كما يجب أن يكون وإصرار مصحوب بإخلاص علي صناعة المستحيل، وذلك في ظل معطيات حقا صعبة في تلك الفترة من عمر وطن صامد في وجه كل محتل مهما كانت الظروف.
فقد خسرت مصر ما يقرب من 80%من معداتها العسكرية وتراجع النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ وتوقفت إيرادات قناة السويس والبالغة 95 مليون جنيه عام 1966بنحو يقترب من 4% من إجمالي الناتج المحلي في تلك الفترة، علاوة علي الخسائر الفادحة في المنشآت بالإضافة إلي فقدان جانبا هاما من الإيرادات والممثل في السياحة.
لم يقتصر الأمر عند هذا فحسب بل تطرق الأمر إلي تدمير عدد كبير من المنشآت الصناعية الكبرى وفقدان مصر عدد كبير من قوتها البشرية، ببساطة شديدة كانت الأمور تدعو إلي اليأس وفقدان الأمل .
بعد نكسة 1967 اكتسى الشعب والجيش بآلام عواقبها، والتى أسفرت عن الاحتلال الكامل لجزء عزيز من الوطن وهو سيناء، تحديات متعددة تقف حائل أمام تحقيق وتحرير الأرض ، وبالرغم من صعوبة الوضع والخسائر الفادحة فعل الجيش والشعب المصري متسلحا بإخلاص نادر وإرادة حديدية وإيمان نابع من حب لوطن ليس له حدود.
أثبتت حرب أكتوبر أن الشعب المصري لا يعرف القهر ولا يتقبل الهزيمة، لقد عبرت حرب أكتوبر عن معدن نفيس داخل كل فرد من أبناء الشعب المصري، كما برهنت برهانا لا يقبل الشك علي قدرة الإنسان المصري علي عبور كل صعب وتحقيق كل مستحيل ، فكانت ملحمة عسكرية ممزوجة بملحمة اجتماعية لابد أن تكون نهجا مستمرا للنهوض بوطن يستحق أن يكون الأفضل.
روح أكتوبر هو السلاح الأول لرفع شأن مصر والتغلب علي كل ما بها من تحديات في كل مناحي الحياة، روح أكتوبر سلاح لابد من تفعيله داخل كل مجال اقتصادي سياسي تعليمي علي حد سواء، سلاح أكتوبر الطريق الأقرب إلي النهوض ووضع مصر في مقدمة الصفوف، سلاح أكتوبر لم تهزمه الإمدادات الأمريكية ولا المؤامرات الغربية، سلاح أكتوبر كان ذخيرته الإخلاص والإصرار وحب الوطن.
أكتوبر لم تكن حرب لإعادة الأرض فقط، أكتوبر كانت تحدي انتصر فيها الجيش والشعب المصري علي كافة الظروف الصعبة والمعطيات المؤسفة وحقق نصرا لم يكن في حسبان أكثر المتفائلين وبرهن للجميع أن مصر عاصية علي كل عدوان ببسالة جيشها وإخلاص أبنائها.