مصر تخطو بخطوات عازمة صوب تدشين عقد اجتماعي جديد منذ ثورة 30 يونيو
بناء الإنسان المصري ليست فقط مسؤولية الحكومة وحدها .. وإنما واجب على كل مصري
كتب – عبدالرحمن أبوزكير:
أكد الدكتور علي الدين عبدالبديع القصبي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، إن المبادرات الرئاسية؛ تمثل دائما نقطة فارقة ومضيئة داخل المجتمع، في ظل حرص القيادة السياسية على إحداث تغييرات نوعية وبناء الإنسان المصري صحيا واجتماعيا وتعليميا، وتوطين مفهوم العدالة الاجتماعية من خلال تبني سياسات حماية متكاملة هادفة لرفع العبء عن كاهل المواطنين وتقديم الدعم لجميع الفئات داخل المجتمع، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار في رأس المال البشري في سبيل تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، إيمانا بأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا يمكن الوصول إليها دون إحداث تنمية بشرية حقيقة على مختلف المحاور والاتجاهات.
جاء ذلك في خلال الندوة التي نظمها مجمع إعلام قنا، بعنوان : “بداية.. مبادرة مصرية لاستثمار الثروة البشرية”، في إطار حملة الهيئة العامة للاستعلامات والتي تستمر حتى نهاية أكتوبر ٢٠٢٤ بعنوان “إيد في إيد هننجح أكيد” والتي ينفذها قطاع الإعلام الداخلي عبر مراكزه المنتشرة بكافة أنحاء الجمهورية لتوعية المواطنين بالمشاركة والاستفادة من المبادرات الرئاسية بإشراف الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات والدكتور أحمد يحي رئيس قطاع الاعلام الداخلي، وبحضور الدكتور يوسف رجب مدير مجمع إعلام قنا ، وبمشاركة عدد من طلاب المدارس بهدف توعيتهم وتعريفهم بالمبادرات التي تنفذها الدولة للاهتمام ببناء الإنسان، وذلك بهدف تنمية قيم الانتماء والولاء لدى الطلاب.
وأشار الدكتور علي الدين القصبي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، إن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان المصري» تأتي في إطار الاهتمام ببناء الإنسان المصري وفى ضوء توجيهات رئيس الجمهورية، بهدف الاستثمار في رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة في مختلف أقاليم الجمهورية، وعلى رأسها الوزارات المعنية مثل : التربية والتعليم والصحة والأوقاف والثقافة والتضامن الاجتماعي والشباب والرياضة وغيرها، لتحقيق مستهدفات المبادرة، بحيث يشعر المواطن بمردود ايجابي خلال فترة وجيزة.
وقال “القصبي”: إلى جانب اهتمام المبادرة بالأسرة المصرية عبر برنامج متكامل، فإنها ترتكز أيضا على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن والمشاركة بفاعلية في عملية التنمية الشاملة.
وأكد الدكتور علي الدين عبدالبديع القصبي، إن موضوع بناء الانسان يعد من المواضيع التي تشغل الإنسانية جمعاء، وهو موضوع قديم جديد، بحيث أن الكل يدرك أن الاستثمار في المصادر البشرية هو الوسيلة الأمثل والأنجح لكسب رهان التنمية، والكل يعي وعيا تاما، أن بناء الانسان هي مطلب أساسي وجوهري في الرقي والازدهار، وأن تربع الأمة على عرش القمة والريادة الحضارية لا يكون إلا بالتحقيق الأمثل لهذا الرهان …
وشدد على أن الاستثمار في الإنسان، أساس أي تنمية اقتصادية، ومحور أي نهضة مجتمعية، وركيزة أي تطور ونماء، وقد شهدت الدول التي ركزت على بناء الإنسان والاستثمار فيه تطورا سريعا ليس على المستوى الاقتصادي فحسب؛ بل أيضا على مستوى تطور الوعي الوطني وعقليات الناس وتعاطيهم مع مختلف تحديات الحياة، فكانت الإمتيازات والنجاحات الاقتصادية التي حققتها هذه المجتمعات نتيجة طبيعية لبناء الإنسان وتكوينه ليكون أساسا للنهضة الجديدة ومحركا لها.
وقال “القصبي” إن مصر تخطو بخطوات عازمة صوب تدشين عقد اجتماعي جديد منذ ثورة 30 يونيو 2013، إذ تتمثل ملامح هذا العقد في معالجة أخطاء الماضي، والعمل وفق آلية وتخطيط استراتيجي يضع في اعتباراته العديد من المحددات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمل بالتوازي معها. وبالتالي، فإن هذا العقد يأخذ في طياته مقاربة شاملة للعمل متعدد الاتجاهات، والدفع فيها بصورة لا تخل بأي منها.
وتحدث الدكتور علي الدين عبدالبديع القصبي، عن استراتيجية بناء الانسان في الجمهورية الجديدة، مشيرا إلى أن مفهوم الجمهورية الجديدة يمثل الإطار الشامل والفلسفة العامة للدولة المصرية، المنطلقة من عدد من المفاهيم والمبادئ العامة، والمستندة إلى مبدأين أساسيين هما: أولا، أن التنمية الاقتصادية الاجتماعية ستعمل بمثابة الشروط المسبقة والداعمة لتطوير التنمية السياسية والتي تمثل أساس تثبيث واستقرار الدولة ومؤسساتها واستدامة اللحمة الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى العمل على تشبيك جميع الأبعاد بحيث يخدم كل محور أهداف المحاور الأخرى لتحقيق أكبر قدر من التكامل بين الخطط التنموية للدولة والمجتمع. ثانيا: في إطار الإعلان عن إطلاق مصر للجمهورية الثانية، تمثل حقوق الإنسان بمفهومها الشامل أساسا لتلك الجمهورية ومنطقا لها وذلك من حيث وضع المعايير والمحددات والحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة والأبعاد الأخرى التي تضمنها الجيل ثالث من حقوق الإنسان لتعمل وفقها المؤسسات وتمثل هدفًا أمام عمل أي مشروع في المجتمع وبالتالي لا تعد حقوق الإنسان ملفًا منفصلاً عن أي من الجهود التي تقوم بها الدولة والمجتمع وإنما منطقا لها، فضلا عن تحقيق عدد من الشروط التنموية المسبقة بما يسهم في ضمان الاستقرار السياسي ووجود هياكل وبنى اجتماعية تضمن ممارسة الآليات الديمقراطية بصورة أكثر استدامة وتتحاشى أيا من مظاهر الخلل التي ظهرت في المجتمعات على مستوى العالم عقب تفشي وباء فيروس كورونا.
وأكد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، إن الجمهورية الجديدة تستند إلى مفهوم بناء الإنسان بهدف التغيير في أوضاع المعيشة والحياة لتعزيز دوره كمواطن قويم يقوم بواجباته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك في ظل التطلع للتغيير في الأفكار والسلوكيات ونظم الإدارة وسبل الحياة.
وقال إن ما يميز نهضة المجتمعات التي ركزت على بناء الإنسان أنها نهضة علمية ذاتية تستمد قوتها من الإنسان، وليست نهضة اسمنتية تعتمد على استيراد تجارب الآخرين بدون وعي. لافتا إلى أن هناك تجارب عديدة ملهمة في مجال الاستثمار في الإنسان، وقد حققت هذه التجارب نجاحات باهرة، وقفزت بالدول التي انتهجتها إلى مصاف الأمم الصناعية المتقدمة.
وأكد الدكتور علي الدين القصبي؛ إن بناء الإنسان، كان على رأس أولويات الدولة المصرية، في عهد الرئيس السيسي، واستندت الجمهورية الجديدة على ثلاثة مبادئ أساسية يأتي على رأسها بناء الإنسان، بهدف التغيير في أوضاع المعيشة والحياة لتعزيز دوره كمواطن يقوم بواجباته السياسية والاجتماعية والاقتصادية وذلك في ظل التطلع للتغيير في الأفكار والسلوكيات ونظم الإدارة، وسبل الحياة.
وذكر أن العمران والبنيان يعدان من أهم المؤشرات التي يقاس من خلالها تقدم المجتمعات ومواكبتها لمتطلبات العصر، غير أن هذا المؤشر يبقى بمثابة معادلة ناقصة البنية، خاصة إذا لم يكن الإنسان هو المكون الرئيس الذي يقف على الطرف المقابل للعمران، فكلاهما يكمل الآخر، وطغيان كفة على حساب أخرى يفضي إلى ضرورة إعادة النظر في مرتكزات هذه المعادلة، من حيث صلابتها واهتزازها من الأساس؟! .
وأكد أن الاستثمار في العنصر البشري يعني الاستفادة من كل إمكانياته وتنميتها . ولأن الإنسان محور كل تقدم حقيقي وسبب حفظه واستمراره، فبناء البشر قبل بناء الحجر، إذ لا قيمة لأي بنيان إذا هدم الإنسان.. ولا قيمة لعمارة المباني والمنشآت إذا ساكنها وعامرها خراب… فلابد من بناء المواطن بناء شاملا متكاملا : عقديا، وعلميا ، وخلقيا وبدنيا ، وثقافياً واجتماعيا ليتمكن من منفعة نفسه ووطنه. مؤكدا أن أساس تقدم الأمم والشعوب هو بناء الإنسان صحياً وتعليمياً ودينياً وثقافياً وعلى جميع المستويات، حيث ثبتت العديد من تجارب الدول الناجحة أن الإنسان ثروة حقيقية، وأن الاستثمار في العنصر البشري له مردود ونتائج كبيرة. فالإنسان هو القادر على بناء المشاريع الضخمة، وهو العقل المفكر الذي يقف خلف بناء الجسور والمباني والمنشآت وتخطيط المدن، وهو العنصر الذي يمتلك الإمكانيات لتحويل الرؤى من مخططات إلى حقائق، وهو من بيده الدفاع عن الوطن وحماية مكتسباته، فعلى رغم التنمية والازدهار ووجود الثروات المتنوعة في الدولة، إلا أن الإنسان يبقى أهم ثروة يفتخر بها الوطن ولأجله تم تسخير الثروات وعائداتها، وبه تستمر مسيرة الرخاء والعيش الكريم والتقدم وجودة الحياة في مختلف المجالات.
وأضاف قائلا: إن الاستثمار في الإنسان أساس أي تنمية شاملة ، ومحور أي نهضة مجتمعية مستدامة، وركيزة أي تطور ونماء ، وقد شهدت الدول التي ركزت على بناء الإنسان والاستثمار فيه تطورا سريعا ليس على المستوى الاقتصادي فحسب بل أيضا على مستوى تطور الوعي الوطني وعقليات الناس وتعاطيهم مع مختلف تحديات الحياة فكانت الإمتيازات والنجاحات الاقتصادية التي حققتها هذه المجتمعات نتيجة طبيعية لبناء الإنسان وتكوينه ليكون أساسا للنهضة الجديدة ومحركا لها.
وقال “القصبي” إن المتأمل في اسم المبادرة بداية، يتبين له أنه لم يأت مصادفة أو من فراغ ؛ حيث إن تكليفات الرئيس السيسي، تتمحور حول تقديم خدمات ومزايا تشعر المواطن المصري بأنه يعيش “بداية حقيقية جديدة في شتى مناحي الحياة. ومن ثم إن نحو ۳۰ جهة تتعاون وتتكامل فيما بينها لتحقيق الهدف الأشمل والأعم، والذي يتمثل في تغيير واقع ومستقبل المواطن والدولة المصرية إلى الأفضل في مختلف المجالات، مرحلة التحضير لإطلاق المبادرة تضمنت إطلاق مبادرة سفراء التنمية البشرية : حتى يتمكن الجميع من المشاركة الفاعلة في مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.
وقال إن تدشين مشروع المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان انعكاسا لرؤية القيادة السياسية نحو بناء مجتمع متقدم ومتكامل ويعد نتاجا للعمل الجماعي المشترك من قبل كل وزارات وجهات الدولة، بمشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص، لإعداد برنامج عمل متكامل يستهدف تنمية الإنسان المصري والعمل على ترسيخ الهوية المصرية، بحيث يشعر المواطن بالمردود الإيجابي خلال فترة وجيزة قوامها ١٠٠ يوم بمختلف محافظات الجمهورية.
وقال إن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى تهدف إلى تحقيق رؤية مصر ۲۰۳۰ وبرنامج التنمية المستدامة في الصحة والتعليم والثقافة والرياضة، و توفير فرص العمل بشكل تكاملي بين جهات الدولة والمجتمع الأهلي، وتحسين جودة حياة المواطنين في جميع المحافظات، و تنفيذ خدمات وأنشطة وبرامج متنوعة مستهدفة كل الفئات العمرية، و تنسيق العمل بين الوزارات والجهات الشريكة لتوحيد الجهود وضمان عدالة توزيع وكفاءة تقديم الخدمات والأنشطة التي تخدم المواطن مباشرة، كما تهدف المبادرة إلى الاستفادة من الموارد المتاحة لتعظيم الفائدة التي تعود على المواطن ويشعر بها سريعا، و تعزيز المهارات البشرية وتطوير الخدمات الحكومية، وتعزيز دور القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني في تقديم الخدمات، وخلق أجيال صحيحة رياضية تتمتع بالثقافة وتحافظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم الأزهر والكنيسة والأوقاف، وخلق أجيال قادرة على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، وتطوير البنية التشريعية وتحديثها وضمان الحماية الاجتماعية وتطوير المجتمع المحلي
وقال إن أبرز محاور التنمية الرئيسية في مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى؛ تشمل تعزيز الأمن القومي وتحسين النظام الصحي وتوفير تعليم أفضل وتأمين فرص عمل لائقة، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار السياسي، وتطوير المناهج التعليمية وتوافر برامج تدريبية متقدمة للمعلمين وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم. وخلق فرص عمل جديدة وبرامج لتطوير المهارات بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وقوافل علاجية بالمحافظات لتحسين الخدمات، وكذلك من خلال دعم النشاط الرياضي وضمان توافر آلياته في كل محافظات الجمهورية.
وأشار إلى أن أهم ما يميز مبادرة بداية هو التكامل بين مؤسسات الدولة المختلفة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي، هذا التكامل يضمن توزيع عادل للموارد ويعزز من فاعلية المبادرات المتنوعة في تحقيق أهدافها . إنه نموذج يحتذى به في كيفية تحقيق التنمية المستدامة من خلال الشراكة بين جميع مكونات المجتمع.
وأكد الدكتور علي الدين عبدالبديع القصبي؛ إن بداية جديدة لبناء الإنسان ليست مجرد شعار ، بل هي التزام رئاسي برسم مستقبل أكثر إشراقا لكل مواطن مصري. إنها دعوة لكل فرد للمشاركة في بناء وطن قوي ومتقدم، حيث تكون التنمية البشرية هي المحرك الرئيسي للنهوض.
وأشار إلى أن طريق إعادة بناء الإنسان المصري يحتاج منظومة تتضافر فيها جهود مجموعة من المؤسسات الرسمية والمجتمعية، كمؤسسات الإعلام والثقافة بكل وسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية والمؤسسات التربوية التعليمية، والأكاديمية والمؤسسات الدينية من أجل خلق إنسان قادر على البناء . ومن المؤكد أن بناء الإنسان المصري ليست فقط مسؤولية الحكومة وحدها ، وإنما هي واجب وطني في عنق كل المصريين من أصحاب الفكر والرؤية و العلم تعبيرا عن حب الوطن والانتماء و الإخلاص له لتبقى مصر خالدة قوية جيلا بعد جيل .