بقلم ✍️ د.خلود محمود
(مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الأدبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
إذا أردت إفشال فرد استهدف عقله وإذا أردت تدمير مجتمع استهدف وعيه وإذا أردت تدمير وطن عليك بالعقل الجمعي ..
أتدري بماذا سأخبرك في هذا المقال أن الفكر والوعي يأتي من معرفتنا بالأشياء والأحداث والتجارب والاحتكاكات والتعاملات في سياق العمل أو التفاعلات الاجتماعية بالأشخاص من حولنا ..
هذه أمور بديهيه نعرفها جميعاً أما أن تلك الأمور أصبحت تشكلها وسائل إعلامية إلكترونية افتراضية أولاً ،ثم نتناقلها نحن لتلك البيئة الواقعية ثانياً فهو الكارثة جميعاً نستقي معلوماتنا من تلك الوسائل الالكترونية وياليت أنها وسائل إعلامية رسمية لكنها منصات تدار بإحترافية لتغزو الفكر ..
وانا أقصد هنا الغزو الفكري الذي هو تطلّع أمّة ما إلى محاولة بسط نفوذها وسيطرتها على أمّة أخرى والاستيلاء عليها للتحكم بها وتوجيهها نحو طريق معين عبر طريق الأفكار من خلال تلك الوسائل الإعلامية الحديثة لتنجح في أحداث حروب أفكار ، حروب الأفكار هي تصادم الأفكار والمفاهيم والصور، وبالأخص تفسير هذه المفاهيم إنها حروب فعلية، رغم أن العنف الجسدي قد يكون معدوما، لأنها تخدم مصالح سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية، وهذه المصالح تنطوي على نوايا أو أعمال عدائية.
وتوجد أربع فئات تتكلم حول القوة والنفوذ، مثل الحروب على الأراضي والموارد المائية، وتكون مخاطر هذه الفئات عالية على الناس المستهدفة فكريا.
وعادةً، تشمل هذه الفئات الآتي: المناقشات الفكرية، والحروب الأيدولوجية، والغزو الفكري على العقيدة الدينية، والحملات الإعلانية ، لا يوجد خبر يصل إليك من أي وسيلة إعلامية كانت إلا ورائه شئ ما ليست نظرية المؤامره بل أنها الحقيقة ، لنفكر قليلاً في سببيه وصول الخير إليك بطرق مختلفة بآليات مختلفة فيديو أو منشور أو صور تحمل استمالات عاطفية بموسيقي أو مشاهد تحرك مشاعرك أو كتابة بروح انهزامية أو تحفيزية وانت لست فرداً معني بالحل أو التدخل في الأمر ..
أتعرف ما السبب لأنك محرك للاستقرار وميزان التقدم هو أستقرار المجتمع وأساس هدم ذلك الاستقرار حرب الجيل الرابع وهي ليست بحرب الاسلحة أو الهجوم أنما الاستهداف العقلي للافراد ، ربما لا تدري خطورة الموقف.
نعود بالخلف لعشر ين عاماً نتذكر سوياً يوماً مريرا علي دولة شقيقة تم استهداف افرادها وجنودها بوسيلة إعلامية لتسقط العاصمة ذلك اليوم هو “ليلة سقوط بغداد” بمساعدة الإعلام حينها كانت الأكذوبة الكبرى لقناة لها اهداف محددة ، أعلنت بشائعة كاذبة عن سقوط العاصمة العراقية بغداد قبل دخول القوات الأمريكية بساعات قليلة، في محاولة لنشر الإحباط بين الجنود والمواطنين العراقيين.
وبعد نحو 12 عاماً كشف تصريح في عام 2015 لمحمد سعيد الصحاف وزير خارجية وإعلام العراق في عهد الرئيس صدام حسين، أن تلك القناة لعبت دورا في سقوط بغداد من خلال بثها أخبار كاذبة ساهمت في الانهيار النفسي للجيش العراقي.
وقال إن بغداد كانت مؤمنة بالكامل، ولكن بعد نشرها أخبارا كاذبة عن احتلال مطار بغداد ضعفت الروح المعنوية للجنود وتركوا مواضع التأمين ونجحت الخطة وسقطت بغداد ، ودون الدخول في تفاصيل كثيرة ولأني أعرف جيداً مدي تأثير وسائل الإعلام الإلكترونية علي العقل الفردي والجمعي بحكم تخصصي فأريد أن أنوه أن تلك المنصات نجحت في أن تكون أقرب ما يكون للفرد في يومه بل أنها في أغلب الاحيان تشكل كل يومه ولو فكرت قليلاً لوجدت أنك تستمد كامل معرفتك منها تتأثر بالأشياء سلباً وإيجاباً من خلالها ..
هي محور الحياة كاملاً وليس الفكر فقط ألغت التفكير البحث والقراءة والمعاملات الحقيقة حتي المحيط العائلي وأحلت محلهم جميعاً لنصبح “دمية” تحركها كيفما شاءت من خلال التعرض فقط لمحتواها لكي نعرف عن الاشياء ونعبر عن آراءنا تجاهه ذلك الرأي الذي لم تكن منصفاً في اعتناقه فهو تكون أما بالاستمالات العاطفية أو التكرارت إلي أن وصل للاعتيادية الفكرية وتشكل الفكر ونجحت نظرية “القطيع” لأنك ستكون أداة لنقل ذلك الفكر لآخرين ممن سيبنون حياتهم وارائهم وردود أفعالهم مستخدمين ذلك الفكر الأوحد المستمد من تلك الوسائل..
وأنا لا أدافع عن الوسائل التقليدية وأدين الحديثة فكلاً منهما له ما له وعليه ما عليه من مساويء.. أنا أخاطب وعيك لتميز وتحلل وتفكر قبل أن تقرر تبني فكر يدفعك لرد فعل.