بقلم: ✍️ إسلام عبدالرحيم
«كاتب بموقع تنسيقية شباب الأحزاب»
قنبلة موقوتة تهدد النسيج الاجتماعي في عصر الاتصالات الرقمية والانفتاح الكبير على وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، أصبحت الشائعات تشكّل تهديداً حقيقياً على استقرار المجتمعات وتماسكها، ولم تعد الشائعات تقتصر على تداول الأخبار الزائفة عن أفراد معينين، بل باتت تؤثر على توجهات الرأي العام، وتهدد العلاقات الاجتماعية، وتزعزع الثقة بين الناس، وتضر بمصالح العامة.
الشائعات، في معظم الأحيان، تكون كالنار في الهشيم، تنتشر بسرعة فائقة خاصةً إذا كانت تحمل طابع الإثارة والتشويق، وتفتقر إلى المصداقية أو الاستناد إلى مصدر موثوق، يمكن للشائعات أن تشكك في الأمور الحساسة كالأمن القومي والصحة العامة، وحتى الدين والقيم الأخلاقية للمجتمع، فعلى سبيل المثال، ترويج معلومات مغلوطة عن الأوبئة أو الأزمات الاقتصادية قد يؤدي إلى الذعر بين الناس، ويؤدي إلى تصرفات غير عقلانية، مثل تخزين المواد الغذائية أو الهجوم على المرافق العامة.
كما أن الشائعات تهدد العلاقات بين الأفراد وتغذي مشاعر التوتر والريبة في كثير من الأحيان، نجدها تركز على إثارة النعرات الطائفية أو الاجتماعية، مما يؤدي إلى تصدع في وحدة المجتمع، كما أن بعض الجهات قد تستغل هذه الشائعات لأغراض خاصة، مثل تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، أو توجيه الرأي العام وفق مصالحها، مما يقود إلى حالة من التضليل والانحراف عن القضايا الحقيقية التي تحتاج إلى معالجة.
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام يفترض أن تكون حارسة الحقيقة، إلا أنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى ناقلة للشائعات، خاصة إذا كانت هناك رغبة في تحقيق نسب مشاهدة أو جذب جمهور أكبر، العديد من الوسائل الإعلامية تلهث خلف الأخبار المثيرة دون التحقق من صحتها، وبالتالي تسهم في انتشار الشائعات بدلًا من التصدي لها، من هنا يأتي دور وسائل الإعلام والمسؤولين في العمل على توجيه الخطاب الإعلامي نحو مصادر الحقائق، وتوعية الجمهور بأهمية التحقق من صحة المعلومات.
كما يجب أن يكون هناك حملات للتوعية المجتمعية
وكيفية التصدي للشائعات تشرح للجمهور مخاطر الشائعات وكيفية التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة ومن الضروري أن يتبع كل فرد إجراءات التحقق من مصادر المعلومات قبل تصديقها أو نشرها، مثل مراجعة المصادر الرسمية أو الاعتماد على وسائل إعلامية موثوقة ومن هنأ نقول يجب تشديد القوانين في تجرم نشر الشائعات، خاصةً تلك التي تضر بالأمن العام، وتغريم أو معاقبة من يساهم في نشرها.
ترويج الشائعات يعد تحديا كبيرا أمام المجتمعات الحديثة، ويتطلب تعاونا بين الأفراد والمؤسسات الإعلامية والجهات الرسمية للحد من انتشاره ولتحقيق مجتمع متماسك يعتمد على الحقائق ويتجنب التضليل، علينا بناء وعي جماعي يتحقق من صحة المعلومات، ويدرك المخاطر الكامنة خلف الأخبار الكاذبة، كما نعتمد أيضا على التوعية في مواجهة الشائعات ومخاطرها وتأثيرها السلبي على الحياة اليومية، وكيفية التحقق من الأخبار قبل نشرها أو تصديقها.
ختاماً نقول إن بناء مجتمع واعٍ يتصدى للشائعات ليس مهمة فردية، بل هو جهد مشترك يتطلب تعاونا من الجميع، إن توعية الأفراد وتعزيز الفكر النقدي، إلى جانب دور الإعلام والمجتمع المدني، تسهم في خلق بيئة اجتماعية تتميز بالثقة والمصداقية، ما ينعكس إيجابا على استقرار المجتمع ويعزز مناعته ضد التأثيرات السلبية للشائعات.