أجمع المشاركون في جلسة “التحول الرقمي في التعليم العالي” على أهمية دور أدوات تكنولوجيا المعلومات في إعادة هيكلة العملية التعليمية وفقًا للتطورات الرقمية العصرية، من خلال الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة في ظل التحديات السيبرانية، مع مراعاة أهداف المنظومة التعليمية.
جاء ذلك خلال ندوة الحوكمة الرقمية فى قطاع التعليم حيث أكد الدكتور شريف كشك، مساعد وزير التعليم العالي لشؤون الحكومة الذكية، أن هناك سبعة مشروعات من كل عشرة مشروعات للتحول الرقمي في مصر تفشل بسبب ضعف التخطيط، مشددًا على دور التحول الرقمي في المساهمة بشكل كبير في تعزيز مبادئ الحوكمة من خلال تحسين الشفافية، وتسهيل الوصول إلى المعلومات للتحول إلى الدراسة الذكية، وتعزيز الكفاءة في عملية التعلم عن بُعد.
وضرب كشك مثالاً بمنصات التعلم عن بُعد، فضلاً عن تقديم الخدمات الحكومية مثل استخراج الأوراق الرسمية أو دفع الضرائب كنماذج للتحول الرقمي في الحوكمة، مشيرًا إلى أنها تساعد على المرونة في التعلم في مختلف الأوقات والأماكن، وتقليل هدر المال والجهد، ومنع الروتين، وتقليل فرص الفساد الإداري.
كشف الدكتور أحمد عبد الحافظ، نائب رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لشؤون الأمن السيبراني، أن مجال أمن المعلومات والتأمين السيبراني يبدأ بعد اعتماد التكنولوجيا، وتظهر المشكلة عندما نرغب في الانطلاق بسرعة، حيث تم تنفيذ مشاريع قومية كبيرة دون أخذ مشورة أمن المعلومات. وأكد عبد الحافظ أنه لا يمكن أن يقوم أي مشروع قومي حاليًا بدون الالتزام بقواعد أمن المعلومات. ولذلك، قمنا بتغيير مصطلح “الوعي” ليعكس الحاجة إلى تغيير الثقافة العامة. وتابع: من الضروري متابعة مدى التزام الأفراد لتطبيق الحوكمة بشكل فعال، وليس مجرد التركيز على تكنولوجيا المعلومات.
وطالب عبد الحافظ بتعزيز ونشر الوعي الشامل حول ما يجب فعله في حالة حدوث هجمة سيبرانية، ويجب إجراء تجارب مع فريق الأمن السيبراني للتحضير لهذه السيناريوهات.
وتوقع عبد الحافظ أن تحدث هجمات سيبرانية كبيرة كل عشرة سنوات، مثل الهجمات التي تعرضت لها شركة مايكروسوفت. ورأى أن المثلث الأساسي في الأمن السيبراني يتكون من الأفراد، والتكنولوجيا، والتحليلات،مؤكدا على أهمية تدريب الأفراد وتقديم خدمات ومنتجات مبتكرة بدلاً من الاعتماد فقط على البشر.
وأضاف عبد الحافظ أنه في الوقت الحالي، لم يعد الطلاب في الجامعات يتحدثون عن التكنولوجيا فقط، بل أصبحوا يهتمون بالجانب التجاري أيضًا، مما يتطلب منا تنمية هذه المهارات. ولفت إلى أن النقطة الأهم هي كيفية حماية الأعمال التجارية، حيث تظل معرضة للهجمات السيبرانية.
ومضى عبد الحافظ بالقول إن قناعات القيادات بشأن الأمن السيبراني تعتبر واحدة من أهم التحديات التي تواجه استمرارية العمل، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بتغيير وجهات نظر المسؤولين حول هذا الموضوع. لذا، فإن ثقافة التعامل مع الأمن السيبراني يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من سلوك الأفراد والمسؤولين.
من جانبه، أعلن ماجد محمود، نائب رئيس شركة “دل تكنولوجيز” في مصر ومدير عام مركز تميز الشركة، أنه على مدار 15 عامًا، أبرمت شركة “دل تكنولوجيز” شراكات ناجحة مع أكثر من 50 مؤسسة محلية ودولية بهدف تطوير التكنولوجيا ودعم التعليم ونقل الخبرات، حيث تنقسم جهود الشركة إلى ثلاثة محاور رئيسية.
وأوضح ماجد أن المحور الأول يتضمن دعم التكنولوجيا، حيث يشمل هذا المحور حماية المعلومات والبيانات، وتطوير المكتبات الإلكترونية والحصص الرقمية، وتوفير خدمات الواي فاي، وتعزيز الأنظمة التكنولوجية المستخدمة في المؤسسات التعليمية.
وأضاف ماجد أن المحور الثاني يعتمد على نقل الخبرات والتجارب، مبينًا أن الشركة تستمر في تبادل الخبرات بين الشركات والمؤسسات، بما يسهم في تعزيز الكفاءة وإثراء السوق المحلية.
وأشار ماجد إلى المحور الثالث الخاص بإدارة التكنولوجيا، مشددًا على أهمية التركيز على كيفية إدارة التكنولوجيا بشكل فعّال، حيث يتم التأكيد على أهمية التعاون بين المؤسسات العالمية والمؤسسات التعليمية لتحقيق نتائج ملموسة.
كما أشار إلى شراكة سابقة لشركة “دل تكنولوجيز” مع وزارة التعليم العالي لتعزيز هذا النهج، مع التركيز على أهمية حماية أمن المعلومات.
وشدد ماجد محمود على أهمية التدريب، ووجود معايير واضحة لقياس الأداء، والاستفادة من خبرات الجامعات الأخرى التي خاضت تجارب مماثلة. مؤكدًا على أن الشراكة والتعاون بين الأطراف المختلفة أمر حاسم، لأن تحقيق النجاح لا يمكن أن يكون مجهودًا فرديًا.
وقال الدكتور هيثم حمزة، أستاذ تكنولوجيا المعلومات بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة القاهرة، إن الجامعات تواجه تحديات عديدة في عملية التغيير، حيث تتميز بطبيعتها بالبطء. مشيرًا إلى أن هذا التغيير يشمل أربعة جوانب رئيسية.
وأضاف حمزة أن الجانب الأول يتعلق بالمنظمة نفسها، حيث يلزم وجود تعليمات تتوافق مع التغييرات المطلوبة. مبينًا أن الجانب الثاني يتعلق بالتقنيات، إذ أن الأدوات المتاحة قد تكون موجودة، إلا أنه يجب أن يحدث تغيير في كيفية استخدامها.
ولفت حمزة إلى أن الجانب الثالث يتناول الشركاء، حيث يتعين عليهم فهم التقنية والتغييرات المرتبطة بها لضمان نجاح التحولات. أما الجانب الرابع فيتطرق إلى الإجراءات، ويتساءل عن مدى مساعدة إجراءات العمل في تسهيل التغيير.
وذكر حمزة أن عملية تغيير المؤسسات، وخاصة الجامعات، تعتبر من أخطر التحديات التي تحتاج إلى فهم عميق وتطوير مستمر، مشددًا أن مفهوم الاستمرارية يرتبط بمدى الإمكانيات المتاحة، ويتطلب استثمارات شاملة تشمل جميع الجوانب، وليس البشر فقط.
ومن الضروري، حسب المتحدث، أن تواكب الجامعات احتياجات الأعمال والتغيرات السريعة في هذا السياق.
من جانبه، أشار المهندس عمرو محفوظ، رئيس شركة “دلتا للأنظمة الإلكترونية”، إلى أن هناك عدة عناصر أساسية لنجاح مشاريع التحول الرقمي في الحكومة وضمان استدامتها، مضيفًا أن الرؤية الواضحة للمشروع هي من أبرز هذه العناصر، حيث تحدد أهداف المشروع ومسارات تحقيقها.
وتابع محفوظ أنه يلي ذلك المهارات والكفاءات البشرية التي تضمن تنفيذ المشروع بكفاءة، مع توفير بنية تحتية تقنية متطورة تدعم الأنظمة الرقمية.
وصرح محفوظ بأن وجود تشريعات حاكمة يعد عنصرًا محوريًا لتنظيم العمل وضمان الامتثال، مطالبًا بتشكيل فرق لإدارة التغيير تكون مهمتها توضيح فوائد المشروع وضمان تقبل العاملين له، وذلك للتغلب على التحديات البيروقراطية داخل الجهات الحكومية.
واستعرض محفوظ خلال كلمته التحديات المادية والتوسع في الشراكات
واكد على دور الحكومة في تعزيز التعاون مع القطاع الخاص في تنفيذ هذه المشاريع، حتى لو تطلب ذلك إجراء تعديلات تشريعية تسهم في تسهيل الشراكات وتحقيق الأهداف المرجوة.