# من أول السطر
يتطلع أبناء أرض الكنانة إلي كل ماهو إيجابي في معركة البناء والتنمية وسط هذه الظروف والمتغيرات متسارعة الخطا..
كما تتطلع الأذهان إلي كل ما يفتح آفاق الآمال للحاضر والمستقبل في معركة مواجهة تحديات وضغوط الحياة.
وقد أثلج قلوب المصريين عودة شركة النصر للسيارات للعمل وإصرار الدولة علي إحياء هذه القلعة الصناعية العريقة بعد توقف لعدة سنوات امتدت لأكثر من 16 عاما بعد تراكم الديون،وعدم وجود رؤية محددة إبان ذلك للخروج من عثراتها.. وتعرضها لمحاولات مشبوهة لتصفية الشركة ، لكن أحلام المصريين عادت من جديد في إنتاج سيارة مصرية تناسب الظروف الاقتصادية ، علاوة على توفير احتياجات السوق من سيارات الركوب الجماعية من الأتوبيسات والميكروباصات وغيرها.
ومن جديد عاد إلي مائدة النقاش ملف صناعة السيارات في مصر،والذي يحتوي الكثير والكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات الحائرة التي تتطلب إجابات شافية ،واتخاذ خطوات عملية وإجراءات فاعلة نحو الدراسة الوافية لهذا الملف من كافة جوانبه وإبعاده علي مختلف المستويات..
الرسمية والخاصة بغية الخروج بحلول عملية ترضي جميع الأطراف وتحقيق السعر العادل وصالح المواطنين.
وبعيدا عن دائرة الأمنيات والكلمات المعسولة جاءت قبلة الحياة لشركة “النصر” كخطوة عملية ومهمة نحو تقليل الإعتماد على استيراد السيارات والتي شهدت ارتفاعا جنونيا خلال السنوات الأخيرة بدون مبرر فعلي ،ومحاولة جادة لتعزيز أواصر الاقتصاد الوطني ،علاوة ما يتيحه هذا المشروع الراشد من فرص عمل جديدة لشباب مصر، مما يعزز من قدرتهم على المشاركة الفعالة في بناء وطنهم.
كما أن إعادة إحياء شركة النصر للسيارات مثلت نقلة نوعية وحضارية جسدت قدرة أبناء المحروسة على الابتكار والتطوير في مجال النقل والمواصلات ،ومؤشرا للرغبة الجادة فى توطين الصناعة المصرية والبحث عن البديل المحلي وهي البداية السليمة لتصحيح المسار في كافة القطاعات الصناعية وتعزيز رؤية مصر 2030 في إطار دعم الصناعة الوطنية وتوطين تكنولوجيا صناعة السيارات صديقة البيئة وتعظيم نسبة المكون المحلي في المنتجات وتوفير العملة الصعبة،مع الالتزام بمعايير الجودة ووضع خطط تسويقية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والعمل على مواكبة التطور العالمي في صناعة السيارات، وتحقيق أقصى استفادة من الأصول وتعظيم عوائدها.
ولا ريب أن عودة شركة النصر للسيارات إلى الساحة الصناعية المصرية يشكل إنجازا جديدا يضاف إلى قطاع النقل الذي يشهد طفرة نوعية في عصر الجمهورية الجديدة ،ويعكس هذا الانجاز التزام الحكومة بتطوير الصناعات الوطنية الكبرى، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات الحيوية.
وهي محطة فارقة يري الخبراء أنها لا تمثل فقط استثمارا في قطاع السيارات، بل هي استثمار في مستقبل مصر الاقتصادي والاجتماعي، فهي تعكس رؤية استراتيجية لبناء اقتصاد قوي ومستقل يعتمد على الإنتاج المحلي ويواكب التطورات العالمية.
وهي خطوة تتجاوز الجانب الاقتصادي لتصل إلى بناء قاعدة صناعية متكاملة،وتوطين التكنولوجيا ورفع مستوى الابتكار الصناعي ،مما يتيح لمصر الدخول بقوة إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، ويعزز مكانتها كدولة مصنعة قادرة على تحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة.
كما يعكس هذا المشروع رؤية وتوجه مصر نحو تحقيق التنمية المستدامة، فمن المقرر أن تنتج سيارات كهربائية تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر، ودعم استخدام الطاقة النظيفة ،وهذا يتواءم مع الأجندة العالمية لتحقيق الاستدامة البيئية، ويضع مصر على خريطة الدول الرائدة في هذا المجال.
وفي هذا الشأن أعلن د.خالد شديد، الرئيس التنفيذي لشركة النصر لصناعة السيارات، أن مصنع “4” لإنتاج سيارات الركوب تبلغ مساحته 40 ألف متر مربع أي 10 أفدنة، وهو الأضخم في القارة الإفريقية والمنطقة، وستزيد طاقته الإنتاجية تدريجيا بعد الانتهاء من تركيب كافة خطوط الإنتاج.
ومع هذه السعادة الغامرة بعودة “النصر”، يأمل المصريون في انفراجة مع مطلع عام 2025، مع تداول أنباء عن زيادة إنتاج السيارات في مصر ،وخاصة مع إعتزام 8 وكلاء للسيارات الصينية البدء في تجميع السيارات والطرازات الجديدة في مصر العام المقبل 2025.
وهذا يعني أن الإنتاج المحلي سيزيد بدخول الشركات الجديدة، مما يساهم في خلق منافسة شرسة في أسعار السيارات، وتعدد طرازاتها أمام المستهلكين الراغبين في شراء سيارات حديثة وبأسعار مناسبة.
كما تواردت أخبار أن الصين ستطرح سيارات فارهة بأسعار تنافسية، وأكد أحد أكبر موزعي السيارات في مصر، أن الصين ترى في السوق المصرية وسيلتها للوصول إلى الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن الصين تعمل على توفير سيارات شعبية تناسب جميع الشرائح والطبقات.
كما يتطلع المواطنون لانتهاء عصر “الأوفر برايس” وما كان يفرضه الوكلاء وتجار السيارات،
علي سعر السيارات المستوردة مقابل توفير الطراز المطلوب والتسليم الفوري، والذي وصل لحد التلاعب في القيم الحقيقة لأسعار السيارات واستغلال الظروف الاقتصادية وفترات تحرير سعر الصرف لتحقيق أرباح طائلة.
وختاما فإن هذا التوجه هو نقلة نوعية قد تقطع الطريق علي تساؤلات كثيرة بقيت حائرة، تبحث عن إجابات شافية ،وتراود أذهان المصريين لسنوات طويلة.
ولا يختلف اثنان من المصريين سواء من الخبراء أو من المراقبين أو حتي من المواطنين العاديين على أن سوق السيارات قد شهد العديد من الفقاعات والمبالغات السعرية والكثير من الممارسات الاحتكارية والتجاوزات من قبل أصحاب المعارض والتوكيلات ،تزامن معه فقاعات في سوق المستعمل ،حيث وصل التقديرات الجزافية إلي مستويات خيالية وغير واقعية.
كما يتطلع الكثير من المصريين إلي بدء حصاد الانضمام لتجمع بريكس ،بما يضمه من دول كروسيا والصين تستطيع أن يكون لها بصمة علي ملف صناعة السيارات في مصر وإصلاح المسار والعودة لسوق السيارات المتوازن.
وقد يري البعض أننا تأخرنا كثيرا في معالجة هذا الملف الشائك ،والتي استطاع بعض المحتكرين والنفعيين إداراته لمصالحهم ، وإفساد كل المحاولات للنهوض بصناعة السيارات محليا ،لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي ،وما لايدرك كله ،لا يترك كله..ولتكن انطلاقة جديدة من أول السطر ،علي بركة الله..وإنا لطامحون ومتفائلون.