يقول أحمد شوقي أمير الشعراء: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”
التعليم هو أحد أهم الركائز التي تقوم عليها المجتمعات لتحقيق التنمية والنهضة، لكنه لا يمكن أن يؤدي دوره الحقيقي بمعزل عن الأخلاق. فالعملية التعليمية ليست مجرد نقل للمعلومات أو تلقين للمعارف، بل هي عملية شاملة تستهدف بناء الإنسان، وتنمية شخصيته بشكل متكامل، يتوازن فيه الجانب العلمي مع القيم الأخلاقية.
إن غرس القيم الأخلاقية في الطلاب منذ مراحل التعليم الأولى ضرورة حتمية، لأن الأخلاق هي التي تُحدد طريقة استخدام الإنسان للعلم الذي يتلقاه. بدون الأخلاق، قد يتحول العلم إلى أداة للتدمير أو الإفساد بدلًا من أن يكون وسيلة للبناء والتنمية.
القيم مثل الصدق، الأمانة، الاحترام، التسامح، والعمل بروح الفريق هي أساس نجاح أي مجتمع، وهي ما تخلق إنسانًا قادرًا على تحمل مسؤولياته تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
المدرسة ليست مكانًا للتعلم فقط، بل هي بيئة اجتماعية تُشكل وعي الطالب وسلوكياته. عندما يجد الطالب أن القيم الأخلاقية هي جزء من المنهج الدراسي، سواء بشكل مباشر من خلال دروس التربية الأخلاقية أو غير مباشر من خلال ممارسات المعلمين وتعاملهم، فإنه يتبناها بشكل طبيعي وتصبح جزءًا من شخصيته.
ولا يقتصر دور الأخلاق في التعليم على تحسين العلاقات بين الطلاب والمعلمين أو بين الطلاب وبعضهم البعض فقط، بل تمتد آثارها إلى خارج أسوار المدرسة. فالطالب الذي ينشأ على احترام الآخرين وتقدير العمل الجماعي، سيصبح فردًا فاعلًا في المجتمع، يساهم في بناء وطنه بروح إيجابية.
لذا، يجب أن تحظى الأخلاق بمكانة رئيسية في السياسات التعليمية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إدماج القيم الأخلاقية في المناهج الدراسية، وتنظيم الأنشطة المدرسية التي تُعزز هذه القيم، بالإضافة إلى تقديم نماذج إيجابية من المعلمين والإداريين الذين يعكسون هذه الأخلاق في تعاملاتهم اليومية.
إن بناء مجتمع قوي ومتماسك يبدأ من المدرسة، والأخلاق هي اللبنة الأولى لهذا البناء. فالتعليم الناجح ليس مجرد درجات وشهادات، بل هو أداة لإعداد جيل واعٍ، ملتزم، وقادر على استخدام علمه بشكل إيجابي لخدمة نفسه ومجتمعه. بالتوازن بين العلم والأخلاق، يمكننا أن نصنع مستقبلًا مشرقًا يقوم على العدالة والإنسانية والتنمية المستدامة.
د.سارة عبدالخالق محرم
عضو لجنة التعليم والبحث العملي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنموذج محاكاة مجلس الشيوخ