بقلم ✍️ شحاتة زكريا (كاتب وباحث متخصص في الشؤون الاقتصادية والسياسية)
استضافة مصر لقمة الدول الثمانية النامية للتعاون الاقتصادي ، التي انعقدت في العاصمة الإدارية الجديدة لم تكن مجرد حدث عابر في أجندة السياسة الدولية بل جاءت كرسالة واضحة للعالم تُبرز التحول الكبير الذي شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة. هذا التحول لم يكن محض صدفة بل هو نتاج رؤية عميقة وإرادة قوية استطاعت أن تعبر بمصر من أزمات وصراعات إلى آفاق جديدة من التقدم والازدهار.
قمة الدول الثمانية كانت أكثر من مجرد منصة اقتصادية لتبادل الأفكار والرؤى بل كانت شهادة دولية على نجاح المشروع الوطني المصري الذي أعاد بناء الدولة على أسس حديثة تواكب تطورات العصر. فالعاصمة الإدارية الجديدة لم تكن فقط مضيفًا لهذه القمة، بل رمزا لنهضة مصرية حقيقية تجمع بين الحداثة والتراث، بين الطموح والواقعية.
إن كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة عكست مواقف مصر الثابتة والمتزنة تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، فقد أكد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة ، في وقت أصبحت فيه ازدواجية المعايير وإضعاف القانون الدولي عائقين أمام تحقيق الأمن والاستقرار. كما كان موقف مصر من القضية الفلسطينية وحرب غزة امتدادًا لدورها التاريخي في الدفاع عن حقوق الشعوب العربية ومواجهة محاولات التصفية والتهجير القسري.
ما يجعل هذه القمة فارقة هو أنها أظهرت للعالم صورة مصر الجديدة ، مصر التي تحولت من دولة كانت مستهدفة بالتقسيم والإرهاب إلى دولة قوية قادرة على صياغة مستقبلها بشجاعة وإرادة. مشاهد التنظيم الرائع للقمة، والحفاوة التي استُقبل بها الضيوف ، والرسائل القوية التي خرجت من جلساتها أكدت أن مصر ليست فقط حاضرة بقوة على الساحة الدولية بل تمتلك الأدوات والإمكانيات التي تجعلها شريكًا فاعلا في صياغة مستقبل المنطقة.
لقد أظهرت القمة أن مصر لا تعمل بمعزل عن محيطها، بل هي جزء من نسيج دولي يسعى لتحقيق التكامل والتعاون، بعيدًا عن الصراعات والنزاعات التي تستنزف الموارد وتعرقل التنمية. كما أكدت على أن بناء مستقبل أفضل لا يتحقق إلا بالعمل المشترك ، وهو ما سعت مصر إلى ترسيخه من خلال شراكات اقتصادية وسياسية تعزز مصالحها ومصالح شركائها.
إن الرسالة الأهم التي خرجت من القمة هي أن مصر التي كانت يوما ما تعاني من الفوضى والانقسام أصبحت اليوم نموذجا يُحتذى به في البناء والتقدم. هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا إرادة الشعب المصري وقيادته، التي نجحت في تحويل المحن إلى منح ، والأزمات إلى فرص، لتبني وطنا يليق بأبنائه ويحقق طموحاتهم.
ختاما قمة الدول الثمانية لم تكن مجرد حدث اقتصادي بل كانت انعكاسا لنهضة مصرية شاملة تؤكد أن المستحيل لا مكان له في قاموس المصريين. مصر اليوم تقف شامخة، واثقة في قدراتها، وماضية بثبات نحو مستقبل يُكتب بأيادٍ مصرية وبعقول قادرة على إحداث الفارق.