طبعة جديدة من كتاب الناقد والمؤرخ المسرحي الكبير د. عمرو دوارة (المسرح المصري مئة وخمسون عاما من الابداع) صدرت عن المجلس الأعلى للثقافة، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت ضمن مطبوعات المهرجان القومي للمسرح.
قدم لهذا الكتاب المهم الناقد الكبير الراحل عبد الغني داود ، بقوله: في هذا الكتاب القيم المهم حرص الكاتب المؤرخ والناقد المسرحي الكبير د.عمرو دواره علي رصد وتسجيل أهم الاحداث والظواهر المسرحية خلال خمسة عشر عقدا (قرن ونصف من الزمان)، وبالتحديد منذ بدايات المسرح المصري بفضل مبادرة “يعقوب صنوع” عام 1870 إلي عام 2020 – مع محاولة إستكمال جميع التفاصيل المتصلة بالإنتاج المسرحي والحياة المسرحية بصفة عامة ، والحقيقة التي يجب تسجيلها – كما يقول المؤلف – (أن المسرح كجزء مهم من المنظومة الفنية والثقافية يؤثر ويتأثر بباقي المنظومات السياسية والاجتماعية والإقتصادية. فنكتشف من خلال فصول هذا الكتاب مدي تأثر الإنتاج المسرحي بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويؤكد مؤلف الكتاب على أنه بالرغم من ذلك الجهد الكبير الذي بذله بعض الأساتذة والمؤرخين لتوثيق بعض مراحل المسرح المصري )إلا أن هناك مساحات كبيرة في تاريخنا الفني قد ظلت مجهولة ، كما أن هناك بعض الفرق والعروض التي مازالت ساقطة تماما من ذاكرتنا المسرحية – خاصة وأننا للأسف نفتقد بمكتباتنا العربية – لجميع أشكال الموسوعات المسرحية ) وللحق فإن هذا الكتاب يستهدف محاولة استكمال أجزاء الصورة المبعثرة ، ومحاولة الإجابة علي كثير من الاستفسارات، وخاصة تلك المرتبطة ببدايات الحركة المسرحية في” مصر”، وكيفية انطلاق الشرارة الأولي، وكيفية تشكل الظاهرة المسرحية ونجاحها في استقطاب الجمهور بمختلف فئاته والتعبير عنه بتقديم عروض تعبر عن واقعها الاجتماعي والثقافي والسياسي ، وذلك بفضل جهود عدد كبير المبدعين بمختلف المفردات المسرحية ، والتي يعود الفضل بالدرجة الأولي لمجموعة الرواد أصحاب الفرق المسرحية الأولى (ولمجموعة الكتاب أصحاب الأقلام سواء بالترجمة أو التأليف ، ومن المخرجين ، والنخبة من كبار الممثلين ، ولعل ذلك يتضح جليا من خلال توقف الانتاج المسرحي تقريبا خلال الثورة العربية وبداية الاحتلال الانجليزي (1882- 1884) ، وكيفية مشاركة مسرحنا في التعبير عن أحداث “دنشواي” 1906) ومؤارزة جهود الزعيم / مصطفي كامل ، وتأثر هذا المسرح بأحداث ثورة 1919، ومدي تأثير (الأزمة الإقتصادية العالمية) في منتصف الثلاثينات في القرن الماضي علي الانتاج المسرحي – مما دفع كثير من الفرق الي وقف نشاطاتها وتنظيم رحلات فنية إلي بعض الدول العربية خاصة وقد امتد هذا التأثير إلي ظهور وانتشار (مسرح الصالات) وأيضا الي تأسيس أول فرقة تابعة للدولة (وهي “الفرقة القومية” عام ) 1935وقد وفق الكاتب في رصد مجموع العروض الاحترافية التي تم انتاجها منذ بداية المسرح المصري ( بشكله الغربي ) عام 1870 ،وحتي نهاية عام 2020 حتي وصل عددها الي ما يقرب من ستة الاف وخمسمائة عرضا، وبالتالي فهي تضم جميع عروض الفرق الخاصة وفرق مسارح الدولة ، ويحسب لهذا الكتاب القيم اقتحامه لمناطق مجهولة من حياتنا المسرحية ، ورصد بعض الظواهر المسرحية مثل: (مسارح الصالات) (المسرحيات المعلبة )التي انتجت للتصوير فقط)، وغيرها ، كما يضم إشارات تفصيلية لاسهامات وعروض بعض الفرق المجهولة. والكتاب جهد موسوعي كبير ، وإضافة مهمة لإثراء مكتبتنا العربية ، ومرجعا لا غنى عنه لجميع الباحثين.
وهو يعد بمثابة المرشد أو خارطةالطريق) أو ما يسمي
(Hand Book ( هاند بوك لموسوعة” المسرح المصورة” الضخمة تلك الموسوعة التي وفق في انجازها د.دوارة بجهد شخصي في حوالي ستة عشرين عاما، وتقع في ثمانية عشر جزءا، ووفق من خلالها في توثيق جميع عروض المسرح التي تم تقديمها(سبعمائة وخمسون عرضا ) منذ عام (1870)حتي عام2020 من التاريخ – محافظٍاً علي جميع التفاصيل لتلك العروض مما أهله بحق للفوز بلقب “حارس ذاكرة المسرح المصري