بقلم ✍️ د.خلود محمود
(مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الأدبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
إن وسائل الاعلام عامة والالكترونية خاصة في العصر الحالي تؤدي دوراً أساسياً في تشكيل الوعي المجتمعي، وتوجيه الرأي العام في المجتمعات الحديثة إذ لديها القدرة على تحديد الأولويات في أذهان الناس وترتيبها من حيث الأهمية للاحداث علي الساحة المجتمعية مبرزةً القضايا التي تجذب اهتمامهم وتفكيرهم ، فهي تُوجِّه النقاشات العامَّة المُتعلِّقة بالقضايا المهمة، مؤثرةً تأثيراً كبيراً في كيفية فهم الجمهور لهذه القضايا وتفاعلهم معها..
وتعد قضية التهجير لسكان قطاع غرة والأحداث المؤسفة التي يعيشها سكان القطاع في ذلك الوقت أهم قضية محورية تشغل بال المجتمعات الدولية والاقليمية والمحلية علي السواء ..
ولقد برز الدور الاعلامي واضحاً في انتفاضة الرأي العام ضد أحداث غزة وكشف المخطط الصهيوني الذي ظهر جلياً بفضل توثيق الاعلام الرقمي للاحداث لحظة بلحظة فأجمع كل العالم علي دعم القضية الفلسطينية وتحولت السوشيال ميديا لسلاح في مواجهة الادعاءات الإسرائيلية، وعملت كأداة فعالة في إدارة الحرب من خلال حشد التأييد الشعبي العالمي مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بوقف الحرب على غزة ، هذا علي الرغم من كل التزييف والدعاية الإسرائيلية حول أحداث 7 اكتوبر 2023 ومحاولة قلب الحقائق ، وبالرغم من جميع المحاولات لتضليل الرأي العام العالمي من قبل الكيان الصهيونى بوهم الدفاع عن المواطنين كرد فعل وليس فعل وحشي أو همجي ضد الأبرياء ، إلا أن وسائل الإعلام الرقمية عبر الكاميرا والهواتف الخلوية والمراسلين استطاعت توثيق الإبادة الجماعية والمجاعة الانسانية والكارثة الصحية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة من الابرياء والاطفال والنساء ، مما انعكس علي فهم القضية بمسارها الحقيقي..
وظهر ذلك في العديد من المظاهرات الدولية والإقليمية والانتفاضات الشعبية ضد الحكومات الغربية، لوقف الدعم الأميركي والأوروبي لإسرائيل، وتحولت جميع الساحات بفعل سلطة الإعلام إلى منصات داعمة للقضية الفلسطينية.
لقد شكلت الحرب الهمجية على غزة، مرحلة انتقالية في مفهوم الصراع ، حيث حاولت إسرائيل إبادة القضية الفلسطينية من خلال آلة القتل التي فتكت بجميع مقومات الحياة في غزة، إلا أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي استطاعت نقل الحقيقة كما هي من خلال البث المباشر لعمليات القصف والقتل والتجويع ، وفي مثل هذه الازمات نجد أن لوسائل الإعلام وخاصة الالكترونية منها دوراً محورياً في إدارة الأزمات عبر المساهمة الفاعلة في نقل الأحداث والأخبار وتحليلها وتكوين الرأي العام، إلا أنها تظل سيفاً ذو حدين، فهناك إعلام يعمل لإظهار الحقيقة ومناصرة المظلومين كما يحدث الأن من الانتفاضة الشعبية للرأي العام العالمي ضد مشروع تهجير سكان غزة وتصفية القضية الفلسطينية علي حساب الملايين من الأبرياء الرافضيين مغادرة وطنهم مدافعين عنه بكل ما عندهم من قوة علي رغم ضعف قوتهم أمام أسلحة وبطش العدو وانعدام رحمته وانسانيته في التعامل معهم .
ويظهر الإعلام المصري بشقيه الالكتروني والتقليدي بطلا مناضلاً يندد بحق الفلسطنين في أرضهم مدافعاً عن القضية مبرزا للموقف المصري للرئيس والحكومة الذي يعلن للعالم أجمع دائما في كل المؤتمرات والمحافل العالمية ،أن مصر لن تكل ولن تمل من دعم القضية الفلسطينة والشعب الفلسطيني ولن تتوقف عن دعم الملايين من الشعب الفلسطيني بكل ما عندها من قوة وبرز ذلك في أحدث مقترح قدمتها لتلك القضية والذي يتضمن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة، وتعاونا دوليا في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين.
وتبرز وسائل الإعلام والصحف الأجنبية والعالمية، موقف مصر الموحد والقوي الخاص برفض دعوات تهجير الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الموقف المصري نابع من التزامها بحقوق الفلسطينيين، وحرصها على أمنها القومي، وإيمانها بحل الدولتين كحل عادل ودائم للصراع.
وفي المقابل هناك إعلام يحاول تضليل الرأي العام عبر تزييف الحقائق وفبركة الأخبار بما يخدم مصالح وأجندات سياسية بعينها وهنا يجب علي الرأي العام أن يكون مستنيراً واعياً للحقائق ينتقي مصادره الأخبارية والوسائل الإعلامية التي يتخذ منها تفسيراته ومعلوماته حول تلك القضية الشائكة .