ذكرياتي في رمضان 🌙
ومع النفحات الروحية العطره لشهر رمضان المبارك يفوح شذا عطر الإيمان وتحلو الذكريات الجميلة لشهر الصوم .. وعبر بوابة الجمهورية أون لاين عبر نافذة “المساء” يتجدد اللقاء كل يوم مع رمز من رموز أبناء مصرنا الغالية من العلماء والمفكرين والأدباء والإعلاميين وأساتذة الجامعات.
🌄
بقلم: إسلام عبدالرحيم (أمين إعلام حزب الريادة)
يتميز شهر رمضان بأنه فرصة عظيمة للتوبة والعودة إلى الله، حيث تُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، مما يعيننا على العبادة والطاعة، كما أنه شهر الاجتهاد في العبادات، حيث نودي صلاة التراويح والقيام، والحرص على تحري ليلة القدر التي وصفها الله بأنها “خير من ألف شهر”.
رمضان هو أيضا شهر تعزيز القيم الاجتماعية، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء على موائد الإفطار، وتتجسد معاني المحبة والأخوة، ويُعد الصيام مدرسة لتربية النفس على الصبر والتحكم في الشهوات، فيزداد المؤمن تقوى وقربًا من الله.
وفي هذا الشهر، نحرص على الإكثار من الأعمال الصالحة، مثل تلاوة القرآن، والذكر، والاستغفار، والصدقة، وصلة الرحم، لينال الأجر العظيم ويخرج من رمضان بروح نقية ونفس مطمئنة، وقد غُفرت ذنوبه بإذن الله، كما جاء في الحديث الشريف: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه”.
رمضان بين الأهل والأغراب: مقارنة بين صعيد مصر والقاهرة
يأتي شهر رمضان محملًا بالنفحات الروحانية والأجواء المميزة، لكن تجربة الصيام وأجواء الشهر الكريم تختلف من مكان لآخر، يظل رمضان في صعيد مصر بين أهلي له طابع خاص ومميز، حيث الألفة العائلية والأجواء التقليدية، بينما يحمل رمضان في القاهرة طابعًا مختلفًا، حيث تغيب الألفة الأسرية أحيانًا وسط زحام المدينة وطبيعة الحياة السريعة.
رمضان في صعيد مصر: الألفة والروحانية الأصيلة
1. لمّة العائلة والأجواء الدافئة
في صعيد مصر، وفي محافظة سوهاج مركز جهينة قرية عنيبس قريتي المفضلة يتميز شهر رمضان بأجواء أسرية دافئة، حيث تعيش الأسرة الممتدة معًا أو بالقرب من بعضها البعض، يجتمع أفراد العائلة يوميًا على مائدة الإفطار، والتي عادةً ما تكون مليئة بأكلات تقليدية مميزة، مثل الفتة والمشويات والمخبوزات البلدية، كما يحرص الجميع على التواجد في منزل العائلة الكبير، حيث يتناولون الطعام معًا، ويتبادلون الأحاديث والذكريات.
2. العادات والتقاليد الراسخة
يمتاز رمضان في قريتي المفضلة عنيبس بعادات وتقاليد متوارثة، من أبرزها تجهيز الطعام بكميات كبيرة لتوزيع جزء منه على الفقراء والمحتاجين، كما أن “مدفع الإفطار” التقليدي لا يزال حاضرًا في بعض المناطق، ولو من خلال مكبرات الصوت في المساجد، كما تحرص العائلات على إحياء “السهرات الرمضانية” بعد صلاة التراويح، حيث يجتمع الرجال في مجالس السمر ويتناقشون في أمور الدين والحياة.
3. التكافل الاجتماعي وروح الجيرة
وفي الصعيد مجتمع متماسك، حيث يتشارك الجميع فرحة رمضان، من مظاهر التكافل الاجتماعي الشهيرة إقامة موائد الرحمن التي تقدم الطعام لكل عابر سبيل، دون تفرقة، كما يقوم الجيران بتبادل الأطباق قبل الإفطار، حيث يعتبر ذلك من العادات الراسخة التي تعزز الروابط الاجتماعية بين الناس.
4. طقوس العبادات والروحانيات
المساجد في الصعيد تمتلئ بالمصلين خلال صلاة التراويح، حيث يسود الخشوع والسكينة، ويحرص الأهالي على أداء صلاة التهجد في العشر الأواخر من الشهر، مع تخصيص ليالٍ محددة للاعتكاف داخل المساجد، الأطفال الصغار كذلك يشاركون في أجواء رمضان، سواء من خلال ترديد الأناشيد الدينية، أو بحمل الفوانيس والتنقل بين البيوت لإعلان الإفطار، وهي عادة لا تزال حاضرة في بعض القرى.
رمضان في القاهرة: الزحام والغربة والبحث عن الألفة
1. إفطار وسط الزحام والعمل المتواصل
منذ قدومي من الصعيد محافظة سوهاج بالتحديد ما يقرب من عشر سنوات رمضان في القاهرة يختلف كليًا عن الصعيد، حيث يعيش الكثيرون بعيدًا عن أسرهم بسبب ظروف العمل أو الدراسة، يضطر بعض الصائمين للإفطار خارج المنزل، إما في العمل أو في المواصلات بسبب الازدحام الشديد. بينما يفضل البعض تناول الإفطار في المطاعم أو مع زملاء السكن، مما يفقدهم دفء العائلة.
2. الحياة السريعة والمجتمع المتغير
في القاهرة، قد لا يجد البعض فرصة للجلوس مع العائلة على الإفطار يوميًا، بسبب اختلاف مواعيد العمل والتزامات الحياة السريعة، حتى العلاقات الاجتماعية تأخذ طابعا مختلفا، حيث قد لا يكون هناك تواصل كبير بين الجيران كما هو الحال في الصعيد، ومع ذلك، تعوض بعض المناطق الشعبية هذا النقص من خلال تنظيم موائد رحمن ضخمة، تجمع الفقراء والمغتربين في أجواء رمضانية مميزة.
3. محاولات خلق أجواء رمضانية وسط الغربة
أجد دائما في غربتي في القاهرة محاولة دائمة لخلق أجواء رمضانية تعوضني عن غياب العائلة، حيث ننظم تجمعات إفطار جماعية مع الأصدقاء، كما أزور بعض المساجد الكبرى مثل مسجد الحسين أو الأزهر، بحثًا عن الأجواء الروحانية التي تذكرني بأجواء العائلة.
4. العبادات بين الروحانية والازدحام
رغم كثرة المساجد في القاهرة، إلا أن أداء العبادات في رمضان قد يكون أكثر صعوبة مقارنةً بالصعيد بسبب الازدحام الشديد المساجد الكبرى تمتلئ بالمصلين حتى قبل صلاة التراويح بساعات، مما يجعل البعض يفضل أداء الصلاة في المنازل أو في المساجد الصغيرة القريبة، كما أن الاعتكاف في العشر الأواخر يتطلب حجزًا مسبقًا في بعض المساجد الكبرى، مما يختلف عن البساطة التي يتميز بها الصعيد.
5 . الحنين إلى رمضان الصعيد
دائما أشعر بالحنين إلي الأجواء الرمضانية في الصعيد حيث افتقد لمة العائلة، والعادات التي نشأت عليها، مثل الإفطار الجماعي مع الجيران، والسهرات الرمضانية التي تمتد حتى السحور، ولذلك، رغم كل هذا أحرص على العودة في أواخر الأيام من شهر رمضان، أو على الأقل في عيد الفطر، لاستعادة الإحساس بالدفء الأسري والأجواء الروحانية التي افتقدها في المدينة.
6. رمضان شهر مميز أينما حل
يظل رمضان شهرا مميزا أينما حلّ، لكن التجربة تختلف من مكان لآخر، في صعيد مصر، يمتزج رمضان بالدفء الأسري والعادات الأصيلة، بينما في القاهرة، قد يكون الشهر الكريم اختبارًا للصبر والتكيف مع نمط حياة سريع ومختلف.وفي الختام، نسأل الله أن يحفظ مصرنا الحبيبة.. وأن يديم عليها الأمن والأمان، اللهم احفظ أهلها، واجعلها بلداً آمناً مطمئناً، وارزقها الخير والبركة، اللهم احرسها بعينك التي لا تنام، واكلأها برعايتك، واصرف عنها الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعلها دائماً في عزةٍ ومنعة، وأدم عليها نعمة الأمن والاستقرار،آمين يا رب العالمين.
كل عام وانتم بخير.. رمضان كريم .