لم يكن الابن الذي تجاوز الخمسين من عمره يتخيل أن يعيد الزمن مأساة طفولته، حين فقد والده بسبب مرض الكبد واضطر للسفر إلى القاهرة بحثًا عن علاج لم يكن متاحًا في بلدته ملوى، التي تبعد ثلاثمائة كيلو متر عن العاصمة. اليوم، يقف أمام العناية المركزة بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي بملوي، يراقب والدته المريضة التي تصارع الموت.
وصلت والدته، السيدة السبعينية، إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، تعاني من جلطة بالشريان الرئوي، ونقص حاد في الأكسجين، وهبوط بالدورة الدموية، وعدم انتظام ضربات القلب. تدخل فريق أطباء مستشفى ملوى بسرعة، ووضعوها فورًا على جهاز التنفس الصناعي، وتمكنوا من إجراء عملية جراحية عاجلة لها، ما أنقذ حياتها. مع مرور الوقت، تحسنت حالتها وانتظمت وظائف الجسم تدريجيًا، وبعد عشرين يومًا من الرعاية الطبية المكثفة، غادرت المستشفى تمشي على قدميها، تبتسم وكأنها عادت من رحلة بين الحياة والموت، شاكرة الله عز وجل على نجاح الأطباء في علاجها. وبعد تطوير المستشفى وتجهيزه بأحدث الإمكانيات الطبية، لم تعد بحاجة للسفر إلى القاهرة أو الإسكندرية أو أسيوط للعلاج.
تُعد هذه القصة واحدة من آلاف القصص التي تجسد إرادة الحياة والبناء في مواجهة إرادة الموت والخراب. بطلها شعب أراد لنفسه حياة أفضل في ظل قيادة سياسية حولت أحلامه إلى حقائق وأمانيه إلى واقع ملموس.
وأكد اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، أن ما تحقق في القطاع الصحي خلال السنوات العشر الأخيرة هو معجزة بكل المقاييس، ويعد مستشفى الكبد في ملوى نموذجًا متميزًا للمنظومة الصحية والعلاجية في الصعيد عامة وفي المنيا خاصة. مشيرًا إلى أن المستشفى مجهز بأحدث الأجهزة الطبية ومعامل التحاليل المتطورة، ويضم فريقًا من الأطباء وأطقم تمريض متميزة. وأضاف أن المستشفى يستقبل مئات الحالات يوميًا، بعدما كان المرضى يضطرون للسفر إلى القاهرة أو أسيوط. الآن يمكنهم تلقي العلاج وإجراء العمليات في أقرب مكان من محل إقامتهم دون مشقة السفر أو زيادة التكلفة المادية.
وأوضح المحافظ أن المستشفيات الحديثة في “عروس الصعيد” مستعدة لتقديم أوجه الرعاية الصحية والطبية لأبناء المنيا، مؤكدًا أن مستقبل الرعاية الطبية في المنيا سيكون أكثر إشراقًا مع بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في الشهور القليلة القادمة.
ص