-1-
في الصباح غسل وجهه ثلاثا وغسل يديه حتى المرفقين وغسل رأسه بالصابون ذي الرائحة العطرة وغسل قدميه حتى الرسغين وارتدى القميص والبنطال المبلولين مازالا وسار .. يلقي الصباحات الجميلة على الناس وعلى الطيور وعلى الحمير والقطط والكلاب ويلقي نظراته على أرداف وأثداء العابرات السائرات على إيقاعات قلبه .
-2-
بعد الظهر كان يقف أمام بائع الكتب والصحف والمجلات .. يده في جيبه يخرجها بين الحين والآخر بيضاء من غير سوء .. ينظر إليه بائع الصحف شذرا .. يهم بالانصراف
.. يشعر باهتزاز الأرض من تحت قدميه ويرى هلعا على الوجوه وصراخ .. زلزال .. العمارة هاتقع .. يلتقط عينه من فوق غلاف مجلة الكواكب وينصرف.
-3
يسمع شيخ الجامع القريب يدعو الناس إلى صلاة العصر فقد يدركهم الموت وهم يصلون .. تسرع خطواته .. يصل إلى الشارع القديم تصدمه وجوه الأطفال تبكي حزينة .. يهتز . مدرسة أبو زهرة وقعت وأطفال .. يدخله الزلزال .. يخبط بقدمه الأرض ويطوح بيده في الهواء ويسقط . يختلط صراخ الناس بصوت سيارات الإسعاف .. يقوم .. يجري .. يقترب .. يرى أولاداً يلعبون على ناصية الشارع ويرى أمه أمام البيت ، تهدأ أنفاسه .. يدخل البيت .. يلقي جسده على الكنبة الممتدة في الحجرة الضيقة ينظر سقف الحجرة يكاد يسقط عليه ويرى الشقوق في الجدران قد ازدادت اتساعا .
-4
في المساء غسل وجهه ثلاثا وغسل يديه حتى المرفقين وغسل رأسه بالصابون ذي الرائحة العطرة وغسل قدميه حتى الرسغين وبسط السجادة الخضراء التي أورثها له جده وجلس يقرأ .